تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي البلد: هـل يتم تـوريط الجيش المصـري في ليبيا؟!

مصدر الصورة
SNS


8/8/2014


بدأ الحديث يدور في بعض وسائل الإعلام عن احتمال تدخل الجيش المصري في ليبيا لضبط الأوضاع المتفاقمة هناك بعد التدخل الغربي في هذا البلد العربي، وبعدما تم نشر الفوضى والاقتتال، وبعدما استفحل صراع الجماعات المسلحة المتقاتلة على السلطة والنفط والمال والمكاسب.

مما لا شك فيه أنّ الوضع المتدهور في ليبيا يشكّل خطراً على الدول المجاورة ولاسيما مصر وتونس والجزائر، وهذا الخطر يتفاقم كلما تدهورت الأوضاع وازدادت سوءاً. وهي في جميع الأحوال، لا تبدو أنها تسير نحو الاستقرار القريب. ولكنّ تدخل أي جيش خارجي في هذا البلد ـ وإن يكن جيشاً عربياًـ سيترك آثاره على الجميع، وخاصة الدولة المتدخّلة. والسؤال الذي يطرح نفسه، هو؛ هل يريد أصحاب الدعوات إلى تدخل الجيش المصري في ليبيا تهدئة الأوضاع واستقرار ليبيا أم توريط الجيش المصري في معركة جانبية وإبعاده عن الدور الأساسي الذي عليه القيام به؟!

من المفيد التذكير بأن الجيش المصري هو أحد جيوش دول الطوق حول كيان العدو الإسرائيلي. وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد بين جمهورية مصر العربية وإسرائيل عام 1979، تم تحجيم دور هذا الجيش إلى حدّ كبير في الصراع العربي ـ الصهيوني، وربما تغييبه بشكل كامل عن دوره في مواجهة التوسّع الإسرائيلي. ورغم ذلك، فإن بقاء هذا الجيش قوياً ومتماسكاً لم يقنع قادة العدو ولم يبعدهم عن التفكير في كيفية توريطه في مشاكل أو حروب جانبية لإضعافه وحتى تفكيكه. ولعل الحرب الأهلية المصرية التي أريد لها أن تشتعل في العامين الماضيين، وأن تُدخل الجيش المصري في دوامة أزمة مصرية داخلية لم تحقق المطلوب والمرجوّ منها، وتمكّن المصريون والجيش المصري ـ حتى الآن ـ من تجنب مثل هذه الحرب، رغم التراجع الذي فرضته الأحداث المصرية على الدور المصري والاقتصاد المصري ومكانة مصر والحياة العامة في مصر والضغوط التي فرضتها على المصريين. مثل هذا الحديث ليس تنجيماً بعدما رأينا كيف تم إشغال الحيش العربي السوري والجيش العراقي والمقاومة في لبنان وغيرهم بحروب ومشاكل منذ سنوات عدّة!!

ولعلّ محاولة توجيه الجيش المصري باتجاه التدخل في ليبيا هي محاولة لاستدراجه إلى فخّ جديد يبعده عن الجبهة الشرقية  وعن دوره الأساسي ويغرقه في الرمال الليبية الشاسعة. فالدول الغربية التي لم تتجرأ على الدخول البري في ليبيا بعدما أسقطت الدولة الليبية، تريد من الآخرين ـ مصر أو الجزائر ـ القيام بالمهمة التي لم تقم هي بها؛ فهل سيتعامل الليبيون(شعباً وقبائل وفصائل متناحرة)، مثلاً، مع الجيش المصري أو الجزائري على أنه منقذ ومخلّص يتم استقباله بالورود والرياحين، أم أنه جيش غازٍ يجب مقاتلته ومواجهته ودحره، خاصةً أنّ الأوضاع القائمة حالياً في ليبيا تناسب الكثير من أمراء الحرب والطوائف والعصابات الإرهابية المسلّحة؟! وهل سيتمكن الجيش المصري من استعادة الأمن والأمان والاستقرار إلى ليبيا في غضون أسابيع أم أشهر أم سنوات، أم لن يتمكن من ذلك أبداً، ومن سيموّله ويسلّحه، ومن سيسلّح ويموّل الجماعات المتقاتلة لاستمرار استنزافه؟ وإذا ما استطاع الجيش المصري دخول ليبيا واستعادة هيبة الدولة، فكيف سيكون شكل الدولة الليبية وشكل التعامل بين البلدين في المستقبل؛ هل ستُعتبر ليبيا حديقة خلفية لمصر ومصدراً لتعزيز وتقوية الاقتصاد المصري وتخفيف البطالة في مصر، أم وسيلة لاستنزاف مصر وإضعافها أكثر، وربما لاحقاً تهشيمها وتقسيمها كغيرها من العديد من الدول؟!

بالتأكيد المشكلة الليبية هي الأساس الذي يشكّل خطراً على المحيط العربي في شمال القارة الإفريقية، وترك هذه المشكلة دون حلّ يفاقمُ الأوضاع ويزيدُ المخاطر. ولكنّ تدخل أحد الجيوش العربية أو أكثر في ليبيا، مسألة تحتاج دراسة متأنّية، وحسابات دقيقة للمخاطر والعواقب الآنية والإستراتيجية؛ ماذا تقول التجربة، وماذا يقول التاريخ في مثل هذه الحالات؟! الجواب عند أصحاب القرار في مصر؟!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.