تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

.. قِـصَرْ البَــاع الســعودي!!

مصدر الصورة
SNS

 


19/8/2014


نذكر قبل فترة كيف أنّ النظام السعودي فقد توازنه بعد الأنباء الواردة من جنيف حول تقدّم المفاوضات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة الـ5+1 ومن ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية. النظام السعودي لم يستوعب أن تسير العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية في تحسّن مهم قد يغيّر أوضاع وعلاقات المنطقة وتحالفاتها، لاسيما وأنه يعتبر أنّ طهران عدوّه الأول في المنطقة وليس تل أبيب. ولذلك عمل هذا النظام على تجميع أوراق القوة من أي مكان يستطيع لمواجهة التغيرات الحاصلة والمقبلة المتوقعة. وحيث أنّ علاقاته سيئة مع كل من سورية والعراق بسبب دعمه للإرهابيين في هذين البلدين، وحيث أنّ قطر كانت قد تخطت حدود التعاون الخليجي وتلعب لحسابها بالتنسيق مع تركيا، وحيث أنّ الوضع في اليمن غير مستقر وهو ليس في صالح النظام السعودي بشكل عام، اتجه نظام آل سعود نحو القاهرة لامتطاء صهوة الجواد المصري لاسيما مع قدوم الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي.

قدّم النظام السعودي المساعدات السخية لمصر في سابقة "كرم" لم تحصل من قبل، رغم أنّ مصر مرّت بظروف سيئة وربما أسوأ من هذه، بل وضغط على بعض الدول الخليجية الأخرى للسير في ركابه. لكن مصر ـ السيسي، لها اعتباراتها الجديدة وأوضاعها الاقتصادية والأمنية والسياسية الصعبة، وعلاقاتها التي تحاول بناءها من جديد بعيداً عن الاحتكار الأمريكي والسعودي. ولذلك كانت طائرة السيسي تتجه بعد جدة إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. نعم، النظام السعودي استفاد من الغطاء المصري جزئياً حتى الآن، ولكن هذا الغطاء كان غير كافٍ لمواجهة التخلي الأمريكي من جهة، وثبات وتقدّم محور المقاومة، لاسيما بعد صمود الدولة السورية شعباً وجيشاً وقيادة بشكل أذهل العالم وليس حكام السعودية وحدهم، من جهة أخرى. فكان أن نقل النظام السعودي معركته إلى العراق، مستخدماً ذات الأدوات القذرة، لتحقيق عدة أهداف، تلتقي في بعضها مع الأهداف الاستعمارية الغربية والإسرائيليةوأهم أهدافه هي:

أولاً، الحدّ من تقدّم حلف الممانعة وتراجع دور المجموعات المسلحة المموّلة والمسلّحة والمدعومة من السعودية. وفي هذا السياق، يمكن السؤال عن مصدر قوة تنظيم الدولة الإسلامية ـ "داعش" ومن أين أتى المسلحون الذين ينضوون تحت لوائه. هل السعودية غائبة عن تبني هذا التنظيم بشكل مباشر أو غير مباشر؟ ألا يخدم وجود "داعش" الأهداف السعودية والغربية الإسرائيلية بإشغال محور المقاومة؟ ألا تستفيد السعودية من وجود "داعش" لتذكّر الولايات المتحدة وإيران أنها موجودة وأنها تريد دورها وحصتها في المنطقة، وإلاّ...؟ ألم يقل العديد من الكتّاب السعوديين أو الناطقين باسم السعودية ذلك صراحة أو مداورة؟! ثمّ، كيف يمكن فهم الترحيب السعودي والإيراني بانسحاب رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي إن لم تكن السعودية قد حققت بعض ما تريد معتمدة على تكفير وإجرام وسواطير "داعش"؟!؟!

ثانياً، من حرّك "داعش" وجبهة النصرة باتجاه لبنان وتحديداً في قرية عرسال الحدوية؟ وكيف تزامن ذلك مع "الكرم" السعودي المفاجئ والهبة المفاجئة للجيش اللبناني، الهبة التي لحقت على ما يبدو بالمنحة السابقة من حيث أنها لم تصرف إلا في الإعلام السعودي أو الموالي للسعودية؟ ألم يتزامن ذلك مع عودة رجل السعودية سعد الحريري إلى بيروت والذي بدأ يتصرّف وكأنه هو رئيس وزراء لبنان الفعلي وليس الرئيس تمّام سلام. الحريري الذي كان يهدد ويتوعد في السابق، عاد كالقطّ المبلول , تحت غطاء الهبة وهو يبحث عن تنسيق أو تعاون مع حلف المقاومة في لبنان لاستعادة دوره ودور الجهة التي يمثّل؟!

ثالثاً، تبتزّ السعودية الأردن بالمساعدات التي يحتاجها الاقتصاد الأردني البائس، وتبتزّ "فأر" الخليج قطر لإجبارها على الالتزام بالسياسات السعودية من خلال التضييق وتحريض الدول الخليجية الأخرى عليها، وتبتزّ الإمارات والكويت أيضاً للمضي في تقديم المساعدات لمصر أو لوقف التطبيع مع إيران...الخ.

بالمجمل، تنتهج السعودية سياسة قائمة على الابتزاز إما عبر التمويل وإغداق الدولارات أو سحب هذا التمويل وتجفيفه، وإما عبر الضغوط السياسية, أو عبر تمويل وتسليح الإرهابيين وتجميعهم من كل بقاع العالم ضد أي طرف أو بلد لا تتوائم سياساته مع ما تريد. والحقيقة أنّ النظام السعودي بدأ يعي وإن متأخراً، الحكمة القائلة أنّ "حبل الكذب قصير وإن طال"، وأن اتهام سورية أو العراق أو حزب الله أو غيرهم بالإرهاب لم يعد ينطلي على أحد؛ والسبب أن قيادات كل التنظيمات المسلحة مصنّعة في السعودية وخريجة مدارسها أو هي تخرجت بإشراف سعودي سواء في أفغانستان أو الشيشان، ولم تذهب سورية إلى هناك لتثقفهم أو تمولهم. ولعل الإعترافات السعودية الأخيرة بشأن ضرورة مواجهة الإرهاب سواء من أفراد النظام أو آخر فتاوي المفتي السعودي عبد العزيز آل الشيخ، أمس بالسماح بمحاربة "داعش"، كلها تؤكد أن النظام السعودي أصبح محاصراً بسياساته وأعماله والإرهاب الذي أنشأه ورعاه وموله وسلحه ولذلك يبحث عن مخرج للخروج من المأزق؛ هي سياسة قصيرة المدى وضيقة الأفق ولن تُجدي نفعاً وإن حققت تقدماً في بعض الأحيان.. علاقات الدول تقوم على المصالح والتعاون والتكامل وليس على العواطف أو ردّات الفعل أو القتل والانتقام والابتزاز.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.