تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بعد قرابة سبعين عاماً من "دعشنة" بلاد نجد والحجاز: هل يستطيع النظام السعودي تغيير الواقع ؟!

مصدر الصورة
SNS

23/8/2014

 

بديع عفيف

باختصار شديد، تقوم مملكة آل سعود منذ عهد المؤسس الأب عبد العزيز آل سعود على أساس نظام ديني متشدد متطرف، بعيد كل البعد عن جوهر الإسلام الحقيقي السمح والمعتدل. وقد دأب النظام السعودي جاهداً على نشر هذا النمط من الإسلام في كل أصقاع العالم. لم تظهر آثار التطرف السعودي بشكل فاضح ومقزز وخطِر قبل أحداث الحادي عشر من أيلول. لماذا؟ لأن الضحية الجديدة ليست سورية أو لبنان أو الجيش الروسي في الشيشان أو أفغانستان؛ الضحية هي الصديق الداعم لنظام آل سعود؛ الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين أصبح "الإسلام السعودي" تحت المجهر العربي والإقليمي والدولي؛ أصبح واضحاً أنّ نظام آل سعود أبقى المملكة لعقود طويلة في الجهل والتخلّف والتطرّف، بل أعادها إلى القرون الوسطى رغم المال والنفط والغنى!!

المشكلة المزمنة في السعودية أن الخلل مترسخٌ في التربية والفكر والثقافة والمعتقد؛ تربية متطرفة، ثقافة متطرفة، معتقد متطرف، فكر متطرف لا يقبل بوجود الآخر ولا يعترف به أصلاً؛ يلخّص المشكلة طرحُ رئيس تنظيم القاعدة السابق، السعودي أسامة بن لادن, والذي قسم العالم إلى فسطاطين؛ الخير والشّر، وطالما أنه هو من يمثّل الخير، فإنه يجب القضاء على الفسطاط الآخر، أي الشر  وعلى أساس هذا الفكر قامت "القاعدة" و"داعش" ومابينهما من تنظيمات ارهابية أصولية اعتمدت الفكر الوهابي أساسا لها.

في الآونة الأخيرة، بدا واضحاً أن النظام السعودي أصبح محاصراً بسياساته ونهجه وكل العقبات التي أنشأها , بسبب التربية والثقافة والفكر والمعتقد الذي ثبّته على مدى عقود في المملكة السعودية. العالم تغيّر، التحالفات تغيرت، والمصالح أيضاً. العدسة مفتوحة ومسلّطة على السعودية وطرقها وأساليبها في تنفيذ سياساتها القائمة على نشر ورعاية وتمويل التطرف والإرهاب والقتل. ما العمل؟!!

بدأ النظام السعودي إعادة النظر بكل شيء، ولكن كمن يرقص أو يدور في مكانه؛ تم تغيير وزير التربية، ولكنّ المناهج مازالت نفسها والمعلمين والمدرسين بقوا أنفسهم؛ تم إصدار الفتاوى التي تدعو إلى محاربة الإرهاب وتنهي عن التكفير، ولكنّ رجال الدين والأئمة الذين كانوا يقودون التطرف، هم أنفسهم الموكلة إليهم قيادة نهج الانفتاح؛ تم إصدار المراسيم والقوانين التي تحارب الإرهاب وتمنع تمويله، ولكن الأشخاص الذين كانوا يجبرون الناس على سلوك التطرف والذهاب إلى الجوامع قسراً، هم أنفسهم المسؤولون عن الانفتاح والتخفيف من التشدد؛ أما وسائل الإعلام السعودية والكتّاب السعوديون الذين درجوا على نشر التطرف والتشدد، فهم أنفسهم مطالبون بفعل العكس؛ تُرى هل من العقل والحكمة أن نتوقع نتائج مختلفة لتجربة تُجرى بنفس الشروط والأدوات؟! هل يمكن الاعتماد على من كان الأساس في المشكلة والمرض ليكون الأساس في الحل والعلاج؟!!

عملية التغيير في السعودية تحتاج فكراً جديداً آخر، وثقافة أخرى مختلفة وجديدة، ومنهجاً آخر ومعتقداً أقل تطرفاً إن لم يكن معاكساً لكل ما هو قائم في المملكة الهرمة!! هذا الكلام معناه أن تجري في السعودية عملية "تغيير شاملة" لكل المؤسسات الموجودة التربوية والدينية والسياسية والفكرية والثقافية، بهدف خلق واقع جديد في البلاد ينهي البيئة المولّدة للفكر "القاعدي الداعشي" المسيطر على البلاد والعباد. هل تستطيع المؤسسات السعودية العفنة والنظام السعودي المهترئ القيام بهذه "البيروسترويكا" الشاملة؟ هل يستطيع النظام السعودي المتكلّس الانتفاض على نفسه؟!!

         نستصعب حتى لا نقول إنه من المستحيل تحقيق ذلك؛ فالأيدي العفنة لا تعطي خبزاً نظيفاً، وعملية تغيير كهذه تعني في نهاية المطاف نهاية نظام آل سعود نفسه ودفنه.. فكيف سيسمح بها؟! هل من أمل بثورة شعبية قبل الانفجار الكبير في المملكة وقبل أن يعود الغول "داعش" ويأكل سيدّه؟ لا يمكن تخمين أو تحديد أو توقع الاتجاهات التي تسلكها حركات الشعوب ولا كيف. ما يمكن تأكيده أنّ عملية "التغيير القسري" قد بدأت في السعودية، وهي ستقود إلى نسف الواقع الراهن في المملكة شاء حكام آل سعود أم أبوا  !!!!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.