تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل حقاً أن التحالف "الدولي ـ العربي" هو ضد داعش؟؟


25/10/2014


من الطبيعي أن تسعى الدول لملاحقة ومتابعة تحقيق مصالحها الوطنية. ومن الطبيعي في هذا السياق أن تقرر الدول المشاركة في أي نشاط خارجي وفق حسابات هذه المصلحة، وضمن قواعد القانون الدولي، وهذا قلما يحدث. ولكن عندما يتعلق الأمر بتهديد عام وشامل، فالأمن الجماعي يفرض أن تتكاتف جهود الدول لمواجهة هذا التهديد والتخلص منه. نظرياً، أعلنت جميع الدول أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" هو تنظيم إرهابي وخطِر ويجب محاربته. عملياً وواقعياً، اعتبرت بعض الدول التنظيم أو الدخول في محاربته وسيلة لتحقيق مصالح أو منافع ترى أنها ضرورية لها بغض النظر عن الموقف الدولي العام، أو أنها حاولت خداع الرأي العام والعبور فوق القوانين والمعاهدات الدولية.

هذا العبور أو هذا النفاق والخداع في محاربة داعش كشفه نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل فترة معلناً أن أصدقاء بلاده يدعمون الإرهاب؛ بايدن سمّى تركيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة، فيما اسم قطر ودورها لا حاجة للحديث عنه في تمويل وتسليح الإرهابيين ودعم ونشر التطرف في المنطقة. ونركز على الدورين التركي والسعودي في دعم التنظيمات الإرهابية وليس محاربتها، وإلى أين تتجه الأمور، على اعتبار أن دوري قطر والإمارات يأتيان في تناغم وتكامل مع دوري تركيا والسعودية وتابعين لهما؟!

أولاً، لم يعد سراً أن تركيا وبعد انقلابها على علاقاتها المشرقية ـ أو بالأصح انكشاف حقيقة نواياها وغاياتها، تمارس الإرهاب وتقدم الدعم للإرهابيين؛ فكراً وتمويلاً ونقلاً وتنقلاً وتسليحاً وتسهيلاً لعبورهم إلى الأراضي السورية والعراقية لتخريب الدولتين.. وما ستكشف عنه الأيام لاحقاً، هو الدور التركي ـ الأردوغاني القذر في مصر. حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان امتهنت الإرهاب وسيلة لتحقيق أهدافها التوسعية والهيمنة على المنطقة. فشلت حتى الآن في كل ما قامت به، ولكن ماذا عن دعم تنظيم "داعش" ؟

لقد كشف الموقف التركي المتردد والمؤيد أحياناً والملتبس حيناً آخر تجاه الحرب على تنظيم "داعش" بما لا يترك مجالاً للشك أن الحكومة التركية تعتمد التنظيم الإرهابي لتحقيق طموحاتها في المنطقة ولا تحاربه. ولا أدل على ذلك من تصريحات أردوغان المتناقضة في اليومين الأخيرين؛ رفض تقديم الدعم للمقاتلين في وجه داعش في عين العرب السورية، ثم التراجع والسماح لعناصر من البشمركة العراقية بالدخول؛ اعتبار الموجودين في عين العرب إرهابيين مثلهم مثل "داعش" ثم الحديث عن الاتفاق معهم على السماح لدخول أفراد مما يسمى "الجيش الحر" لمساعدتهم.. ثم قيام هؤلاء انفسهم والجيش الحر كليهما بنفي كلام أردوغان. أردوغان يكذب بل ينافق ويضلل، وأصبح مسخرة، ولكن هذا لا يعني أنه ليس خطيراً وأن طموحاته التي أعلنها ليست خطيرة أو أنه سيتوقف عن تحقيقها إن استطاع!!

ثانياً، السعودية التي أعلنت حملة للحرب على الإرهاب وتمويل الإرهابيين، وحملة على الفكر الإرهابي، واتهمت غيرها بممارسته وحاولت التنصل من تاريخها المكشوف. أتت إدانتها من أقرب المقربين وبالأدلة الدامغة وهي لم يعد بمقدورها النفي أو التهرب.. والأنكى أن هذا الاتهام جاء بعد إعلانها بدء حملتها لمكافحة الإرهاب؛ أي أنها تعلن عكس ما تمارس وتفعل استخباراتها؛

الإتهام الأول كما أشرنا أعلاه جاء من نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن بجلالة قدره ومعرفته وخبرته ومكانته، ولم تصدر السعودية تكذيباً.. والسبب أن نظام المملكة الإرهابي يعرف ما يعرفه بايدن عنه، وعن دوره القذر، فاكتفى بالصمت ومحاولة تمرير الخبر وعدم الخوض فيه أكثر حتى لا تستمر الفضيحة مجلجلة.

والإتهام الثاني جاء على لسان القيادي السعودي السابق في "جبهة النصرة" سلطان بن عيسى العطوي المعروف بلقب أبو الليث التبوكي: "أكثر الحقائق إثارة للصدمة، في ما قاله العطوي، تقديمه الدليل القاطع على وجود علاقة بين السلطات السعودية من جهة وبين "جبهة النصرة" من جهة ثانية، وذلك عندما قال إن "النصرة" تلقت مبلغاً مقداره مليون دولار من الشيخ عدنان العرعور كدعم منه لقتال "الدولة الإسلامية"(السفير 25/10/2014). وذكر خبر صحيفة السفير أن وصول المال السعودي عبر العرعور إلى خزائن "جبهة النصرة" (من خلال "مجلس شورى الشرقية" الذي أطلقه أبو ماريا القحطاني) "يعتبر دليلاً قاطعاً على أن الاستخبارات السعودية كانت تبارك أعمال الجبهة، وترى فيها فصيلاً يستحق الدعم، مع ملاحظة أن دفعة المليون دولار التي تحدث عنها العطوي وصلت بعد تصنيف الرياض "جبهة النصرة" كتنظيم إرهابي... الأمر الذي يكشف أيضاً طبيعة الدور المزدوج الذي مارسته وتمارسه السلطات السعودية تجاه الإرهاب، فهي في العلن تدّعي محاربته، لكنها لا تمانع تمويله سراً طالما وجدت إلى ذلك سبيلاً". وسؤالنا هل من حاجة للتعليق بعد؟! وهل استخدام الإعلام السعودي لتعبير "التحالف الدولي ـ العربي، له من معنى بعد ذلك؟!

نقول، أردوغان يناقض نفسه فيما قال أمس، ويقول اليوم وغدا وبعد غد، ويناقض نفسه فيما يقول ويفعل.. ويناقض نفسه بين هذا وذاك.. والنظام السعودي وإعلامه كذلك. وإذا أخذنا مثلاً، الموقف السعودي من الجيشين السوري والمصري، لأدركنا ببساطة ماذا نعني عندما نتحدث عن تناقض الموقف السعودي ونفاقه وازدواجيته. ولكن أين نحن من هنا؟!!

لم يعد سراً أن المواقف الإقليمية التركية والسعودية والقطرية والإماراتية تخدم مصالح إسرائيل بشكل مباشر وغير مباشر، مقصود او غير مقصود، وأنّ الأخيرة ترى أنّ هذه الدول تخوض حرباً إقليمية كبيرة بالنيابة عنها ـ هي التي كانت عاجزة عن خوضها أو حتى التفكير بها؛ حرب تدمير جيوش الدول العربية التي تخشاها وتخشى قوتها؛ جيوش العراق وسورية ومصر؛ الجيش العراقي منهك ومقسّم وبلا عقيدة قتالية وطنية منذ بدء الغزو الأمريكي وحتى الان؛ الجيش العربي السوري صامد ومذهل ومتأقلم مع الأوضاع الميدانية الجديدة، ولكن تستمر محاولة استنزافه منذ أربع سنوات؛ والآن يجري الضغط على الجيش المصري الشقيق ومحاولة تفكيكه وقتل عناصره. وأول من أمس استشهد 29 عنصرا في القوات المسلحة المصرية، وأصيب حوالي 28، في تفجير انتحاري وهجوم على نقطتين أمنيتين؛ من يفكر، من يقود ويخطط، من يهاجم، من يموّل من يسلّح، ولمصلحة من يموت الجنود المصريون؟!

الجواب جاء على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "من أين جاء المال والسلاح والخبراء العسكريون للمقاتلين؟ كيف تمكن "داعش" من أن يتحول إلى مجموعة قوية إلى هذه الدرجة، حتى أصبحت تشبه الجيش؟". بوتين أوضح أن "الولايات المتحدة وحلفاءها بدأوا بتمويل وتسليح المقاتلين بشكل مباشر، وتساهلوا مع انضمام المرتزقة من مختلف الدول إلى صفوفهم"،(منتدى "فالداي" 24/10/2014).

السؤال الأهم؛ إلى أيــن؟! بالطبع لم ولن تستسلم مصر ولا سورية ولا العراق وهذا واضح وصمود هذه الدول سيتعزز كلما اتضحت الصورة أكثر، وهي تتضح والمشهد ينقلب على الجانين والمتورطين.. وهو ما يخشاه ممولو الإرهاب وداعميه وقد بدا بالارتداد عليهم.. مسألة وقت وستحترق الأصابع التي لعبت بالنار وأوقدتها ويصحّ القول في هؤلاء؛ يداك أوكتا وفوك نفخ!!

 

 

 

 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.