تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هيلاريون كبوتشي ..مطران القدس المناضل

مصدر الصورة
مجلة البيادر السياسي المقدسية-SNS

أصر على أن يكون أحد ركاب أسطول الحرية، وصمم على الوقوف إلى جانب الشعب الذي خدمه في القدس، وناضل الى جانبه وسجن من أجله، وأبعد فيما بعد عن المدينة التي أحّبها، وكل أمنياته بعد 22 عاماً من النفي أن يعود إليها ليحتضن جسده ثراها عند انتقاله الى الخدور السماوية"، هذا هو المطران ايلاريون كبوتشي السوري المولد العربي الأصيل في الانتماء، والوفي لأمته العربية..

المطران كبوتشي أعتقل للمرة الثالثة من قبل الاسرائيليين، ففي المرة الأولى اعتقل عام 1974 بتهمة توفير السلاح للمقاومة الفلسطينية، وقد حكم عليه بالسجن 12 عاماً قضى منها أربع سنوات في سجون الاحتلال الاسرائيلي، وأبعد عام 1978 الى الخارج، وأقام لفترة في اميركا الجنوبية، ويقيم الآن وباستمرار في روما.. وما زال يحمل لقب مطران القدس في المنفى..

أما المرة الثانية فكان اعتقاله عندما ركب سفينة "الأخوة" اللبنانية التي استولت عليها البحرية الاسرائيلية واقتادتها إلى ميناء أسدود في شباط من العام المنصرم..

كبوتشي مصمم على أن يواصل نضاله، لا يخاف من السجن ولا الاعتقال، ولا من الاستجواب والتحقيق معه، فهو يعرف السلطات الاسرائيلية حق معرفة، وهو يعرف الممارسات القمعية لأنه عاشها، وتذوق مرارتها، لكنه مناضل صلب وقوي، رفع شعار "المحبة" ويبشر بها لكن من يمتلك قلباً قاسياً، لا يرحم ولا يعرف معنى المحبة، ولا يستطيع قبولها أو فهم معانيها..

المطران كبوتشي المولود في حلب عام 1922 ما زال يحن للقدس ويتمنى ويسعى للعودة اليها، بيد أن سلطات الاحتلال الاسرائيلية ترفض ذلك لانه مناضل صلب وقوي، ولان مواقفه الوطنية ثابتة لم تتغير منذ عشرات السنوات، وما زال يدعم نضال شعبنا الفلسطيني ويقف إلى جانبه، وها هو يحاول مرتين وخلال عام التعبير عن مساندته لقضية الشعب الفلسطيني رغم كبر سنه..

في بداية المطاف حاولت اسرائيل التعتيم على وجود المطران كبوتشي على متن سفينة مرمرة، التي قادت اسطول الحرية، ولكنها في النهاية اضطرت للافراج عنه كما اضطرت للافراج عن كل ركاب هذا الاسطول.

كثيرون قالوا أنه كان ومن على متن السفينة يشجع الجميع على الصمود، ويرفع معنوياتهم، وكان انساناً لطيفاً ومتواضعاً وفي علاقاته مع جميع الركاب.. وكان الوجه الحقيقي الجميل لأبناء الأمة العربية المسيحيين، ومثل بنضاله واقواله وافعاله كل المسيحيين في الشرق والذين يرفضون الاحتلال، ويتصدون له، ويعملون على إنهائيه.

وتقديراً لمواقفه الوطنية استقبله وبعد الافراج عنه مع عدد من ركاب أسطول الحرية السوريين الرئيس بشار الأسد الذي قال أن ما حققه أسطول الحرية من إنجاز يعتبر مِفصلاً جديداً في تاريخ النضال ضد الاحتلال، وبداية مرحلة مشرقة.. وثمّن الرئيس الاسد موقف أبناء سورية المشاركين في أسطول الحرية، هذا الموقف الذي يمثل بحق جميع السوريين الذين هم ضد الاحتلال، وضد الحصار على قطاع غزة، وضد سياسة الظلم والقمع والتنكيل التي تمارسها دولة "اسرائيل" التي تصف نفسها بواحة الديمقراطية والقانون، وتطبق القوانين حتى التي سنتها لشعبها بشكل عكسي على أبناء الشعب الفلسطيني المحتل وكذلك على كل المناطق العربية المحتلة.

وتقديراً لمواقفه الوطنية أصدر غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لطفي لحام، بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك، قراراً يقضي بابقاء المطران كبوتشي الذي شارك في اسطول الحرية رغم بلوغه السن القانونية في منصبه وقال البطريرك لحام في بيانه: "إعترافاً بنضال أخينا المطران ايلاريون كبوتشي، فقد قررنا بسلطاننا البطريركي منذ سنوات ألا يخضع أخونا المطران ايلاريون لواجب تقديم الاستقالة من منصبه الكنسي لداعي بلوغ السن القانونية، فإن سيادته لا يزال يحمل لقب النائب البطريركي العام في القدس الشريف، والمطران في المنفى الذي يمثل كنيسة القدس في كل مكان".

وقال البيان: "إن وجوده على متن أسطول الحرية لفك الحصار في قطاع غزة هو رمز وتأكيد لحضور كنيستنا الثابت الى جانب الفلسطينيين والحق الفلسطيني والقضية الفلسطينية، لا بل إن نضال سيادته هو الدليل على موقف الكنيسة الكاثوليكية والبابوات بالذات، هذا الموقف الواضح الثابت الصامد تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، والذي تعبّر عنه بالدعم المقدم للاجئين الفلسطينيين من المؤسسات المسيحية والكاثوليكية في شرقنا والعالم أجمع".

ويذكر أن البطريرك لحام، كان قد تولى منصب النائب البطريركي في القدس بعد اعتقال المطران كبوتشي، وخدم القدس والضفة الغربية أكثر من ربع قرن، وهو نفسه يتمتع بمواقف وطنية رائعة، وعاش ظروف الاحتلال، وهو من المساندين لحقوق شعبنا الفلسطيني، والداعي دائماً الى ضرورة انهاء اسرائيل احتلالها للاراضي العربية المحتلة حتى يتم تحقيق السلام الشامل والعادل الذي هو المستقبل المشرق لجميع شعوب المنطقة.

ورغم كبر سنه إلا أن المطران كبوتشي ما زال مفعماً بالحيوية والعطاء، ومشاركته في أسطول الحرية ليؤكد ذلك مجدداً، وليقول للعالم كله أن الظلم عدو الجميع سواء أكانوا مسيحيين أم مسلمين أو يهوداً، وأن أمله كبير في أن ينتهي الاحتلال حتى يعود للقدس محققاً أمنياته.

موقف كبوتشي أنموذج نضالي يحتذى به.. وأملنا كبير في أن يزول الاحتلال قريباً حتى تتحقق أمنيات المطران كبوتشي الوطنية وأمنيات أبناء شعبنا الفلسطيني.

ما دامت الإرادة قوية، وما دام العطاء متواصلاً وما دام نبض النضال يسير في عروق الشرفاء في وطننا العربي، وكبوتشي أحد الأمثلة الحية على ذلك... فإن الاحتلال سينتهي لا محالة، وسيكسر الحصار على غزة، وستتعرى حقيقة اسرائيل وممارساتها يوماً بعد يوم.. هذا ما نؤكده، لأن دروس وعبر التاريخ علمتنا ذلك.. ولا بد للقيد أن ينكسر وفي القريب العاجل بإذن الله.

ومن القدس التي أحبها وناضل فيها ودافع عنها وعن حقوق العرب فيها نقدم كل تحيات الاجلال والتقدير للمطران كبوتشي وكل من شارك في أسطول الحرية... آملين لا بل متيقنين أن السلام الشامل العادل والدائم قادم لا محالة رغم أنف أعدائه!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.