تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حصاد سنوات "الثورة"ـ الحرب على سورية وشعبها؟!!

مصدر الصورة
SNS

              أفادت الأخبار في تقرير (زياد غصن ـ رئيس تحرير صحيفة تشرين السابق) أنه على وقع صدمة مشاهد الخراب والدمار التي لا تزال تتصدر يوميات الحرب في سوريا، ثمة مؤشرات لصدمة أخرى أكثر إيلاماً تنتظر البلاد في مرحلة ما بعد انتهاء المعارك، فـ«النخر» الذي تتعرض له المؤشرات الديمغرافية منذ أكثر من 42 شهراً، أصبح يهدد مستقبل سوريا «الفتية».

وأوضح: عندما يتوقف الرصاص يوماً ما عن اصطياد أرواح السوريين، فإن سوريا تكون كما يرى أشد المتفائلين قد قطعت مرحلة اللاعودة إلى ما كانت عليه قبل آذار من العام 2011؛ فالمعارك الدائرة حالياً، وما أفرزته من متغيرات ديموغرافية واقتصادية واجتماعية مختلفة، ستترك «ندبات» و«جروح» كثيرة ومؤلمة على جسد الواقع السوري، قد يكون من الصعب إزالتها أو معالجتها، وإن حدث ذلك فليس قبل مضي سنوات طويلة.

فإلى جانب الشرخ الاجتماعي الحاصل بين السوريين، والخراب والدمار اللذين طالا الممتلكات العامة والخاصة والانتشار الواسع للفقر والبؤس، يبرز «جرح» المتغيرات الديموغرافية، الذي ما إن تبرد جبهات القتال حتى تتضح ملامح خطورته ويتعاظم ألمه. والمتغير الأبرز في ذلك يتمثل في الوضع السكاني وما شهده من انحرافات شديدة، يؤكد المدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء، شفيق عربش، أنها «ستؤدي بعد عقد أو عقدين من الزمن إلى تغير جوهري في معالم الهرم السكاني، بحيث يضيق في وسطه».

ويشير «المركز السوري لبحوث السياسات» إلى أن الأزمة «أدّت إلى تغيّر ديموغرافي سريع نتج منه إعادة تشكل الخارطة السكانية لسوريا من حيث توزعهم داخل البلاد وخارجها. وفي نهاية أيلول 2013، كانت التقديرات تشير إلى أن السكّان داخل سوريا قد تراجعوا بنسبة 10.7% مقارنة مع ما كان عليه عدد السكّان في بداية عام 2010.... وتكمن «مأساوية» التغيير الديموغرافي الجديد في التطورات السكانية الآتية:

يشكل الشباب النسبة الأكبر في تركيبة الوفيات الواقعة منذ بداية الأزمة، وفي موجات الهجرة التي نشطت خلال العامين السابقين، الأمر الذي يعني أن ثمة خللاً جوهرياً قد حدث في التركيبة العمرية للسكان، وفي عدد السكان الذين هم خارج دائرة قوة العمل، وفي معدل الإعالة الاقتصادية... وغيرها؛ تراجع عدد الولادات لأسباب كثيرة مرتبطة بتداعيات الأزمة، الأمر سيؤدي إلى انحسار تدريجي لقاعدة الهرم السكاني ووسطه عمّا كان عليه قبل الأزمة، ونتائج ذلك لن تظهر إلا بعد عدة سنوات، عندما تتراجع بجلاء فتوة المجتمع السوري والفئة العمرية التي ما دون 15 عاماً؛ نزوح أكثر من ستة ملايين شخص عن مناطق سكنهم أسهم في خلخلة التوزع الجغرافي للسكان داخلياً، وتالياً الضغط على الموارد والثروات والمرافق الخدمية وفرص العمل في محافظات ومناطق معينة؛ ارتفاع معدل الإعالة الاقتصادية بالتزامن مع تخطي معدل البطالة عتبة الـ50%، وتدني الدخول الشهرية يعزز من حضور الفقر في حياة السوريين لسنوات قادمة، سواء توقفت اليوم المعارك أو استمرت؛ واخيراً، تراجع المؤشرات التعليمية والصحية للسكان المقيمين داخل البلاد وخارجها، نظراً إلى انهيار النظام الصحي والتعليمي في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها كثير من العائلات النازحة، وتدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة للاجئين في مخيمات اللجوء في تركيا والأردن ولبنان. فالتوقعات تشير إلى ارتفاع معدل الأميّة إلى 20% ونسبة تسرّب الطلاب من مدارسهم إلى 30%.

وفي الأخبار أيضاً، وتحت عنوان: شتاء السوريين القارس: ابحثوا عن سياسات تحرير الاقتصاد، اعتبر معتز حيسو أنه لم يعد خافياً أن الميول النيوليبرالية قادت إلى تعميق التناقضات الاجتماعية والاقتصادية. هذا في وقت ساهمت فيه السياسات الإعلامية في إخفاء الأسباب المحددة للميول الاقتصادية والتناقضات الاجتماعية الناجمة عن ذلك. وقد ساهمت سياسات تحرير الاقتصاد في تزايد حدة الاستقطاب الاجتماعي وتقليص الدور التنموي للدولة. وقد حذرنا في أكثر من مناسبة، من أن الاقتصاد يعاني أزمة بنيوية يستحيل تجاوزها بسياسات نيو ليبرالية. وبناءً على ذلك كنا نؤكد على دور الدولة التنموي وعلى ضرورة إطلاق الحريات السياسية لضبط التحولات الاقتصادية.

إن السوريين يقفون على أبواب شتاء يُرجّح أنه سيكون الأقسى والأشد وطأة.... إن عدم تسلّم المواطن لمخصصاته قبل حلول الشتاء بات أمراً واقعاً، وذلك نتيجة عدم قدرة الحكومة على توفير الكميات اللازمة، والعجز المالي للمواطن ومستوى الإفقار الذي بات يعانيه. وهذا يُرعب السوريين، فاقتراب الشتاء يعني حرفياً اقتراب وقوع كارثة إنسانية. والعجز عن تأمين المازوت للتدفئة يعني بالنسبة إلى الأسرة تراجع وتيرة الحياة الطبيعية، وانتشار الأمراض وارتفاع معدل الوفيات، تحديداً عند الأطفال وكبار السن.

وفي حال التفكير في بدائل عن المازوت فليس من خيار سوى الاعتماد على الحطب أو الكهرباء. الخيار الأول مستبعد بشكل كبير، لتكلفته وتبعاته وصعوبة الاعتماد عليه، وفي ما يتعلق بالتدفئة على الكهرباء فهذه أيضاً مكلفة وغير مؤمنة بعد تراجع إنتاج الطاقة الكهربائية وازدياد ساعات التقنين.... المحصلة أن الأسرة السورية ستقع في أزمة كارثية. فهي ليست قادرة على توفير مصادر الطاقة للتدفئة، وإن حصل فإنه سيكون على حساب معيشة أفراد الأسرة.

وأضاف الكاتب: يبدو أن الحكومة عاجزة عن إيقاف تدهور مستوى المعيشة، وجنون الأسعار. وكل هذا يجري مع صمت الحكومة عن تعديل الأجور بما يتلاءم مع ارتفاع الأسعار. هذا مع علمنا بأن أي زيادة على الأجور، ستكون اسمية، أي سيقابلها ارتفاع مباشر في معدل التضخم، ارتفاع الأسعار، تراجع القيمة الحقيقية للدخل، انخفاض قيمة الليرة، تراجع القدرة الشرائية. وهذا يعني بالمحصلة النهائية ازدياد معدلات الفقر والبطالة. إن تراجع معدلات الإنتاج، ودمار القطاعات الإنتاجية، والحصار الاقتصادي، وتراجع الاستثمار في مصادر الطاقة، والإثراء القائم على النهب والقتل والخطف... كلها عوامل تدفع المواطن إلى أزمة كارثية تُنذر بمزيد من التحلل القيمي والتفكك الاجتماعي وتخلع البنى الاجتماعية والمؤسسات المدنية. وهذا ينبئ أيضاً، بمزيد من الكوارث الاجتماعية نتيجة الفقر الذي وصل حدود المجاعة، ونتيجة تفتت البنى الاجتماعية في سياق إعادة تشكّلها في إطار تجمعات مذهبية وعرقية وطائفية عشائرية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.