تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

محمود شاهين: المرأة نبع لا ينضب من الفتنة والسحر والجمال

مصدر الصورة
SNS - بلدنا

محطة أخبار سورية

"محمود شاهين واحد من المهتمين بالموضوع: فكراً وقلماً ونحتاً. إنه نحات شكل مرئي. يحب النحت لأنه عملية ابتكار وتأمل"، هكذا قال عنه «الياس الزيات» ذات مرة. وهو ما يدركه المتتبع لتجربة النحات والناقد التشكيلي (محمود شاهين-1948 )في منحوتاته والنصب التذكارية التي ابتكرها، وفي مقالاته ودراساته النقدية خلال مسيرة تمتد لأكثر من خمسة و أربعين عاما، بل ومنذ طفولته حين اختار النحت هواية ومنهجاً وسبيلاً.

 

"اختياري للنحت يرتبط أساسا بطفولتي الأولى، ففي شتاءات مدينتي الصغيرة كانت تتشكل السواقي والجداول، وعندها يحدث الطمي الذي كان أشبه بالصلصال الذي نستخدمه الآن في صنع المنحوتات، وباستخدام هذا الصلصال كنت أقوم بتشكيل هياكل وكتل صغيرة تشبه الدمى مقلداً بذلك مكونات ومشاهد واقعية وطبيعية. في الصف السابع بدأت أيضا الاهتمام بالرسم وأخذت أقلد رسومات لفنانين كبار وأرسم أيضا موضوعات من خيالي الشخصي، وأذكر أنني أقمت عدة معارض فنية قبل أن أتم الدراسة الثانوية. لكن عندما دخلت كلية الفنون الجميلة عام 1967 اخترت قسم النحت دون تردد.»  تلك قصة بداياته مع النحت، ويبدو أنها لا تختلف كثيراً عن قصة علاقته بالكتابة.»في نفس تلك الفترة، وجدت نفسي في بيت يعشق أفراده القراءة، وأخاً شاعراً يمتلك مكتبة ضخمة كانت كفيلة بتزويدي بما أريد من كتب وتد فعني لكتابة القصص والخواطر التي كنت أرسلها إلى البرنامج الإذاعي الشهير(مرحباً يا صباح)..وكم كانت غبطتي عارمة عندما كنت أسمع ثناء زملائي وأساتذتي بعد سماعهم قصة أو خاطرة لي. بعد ذلك، ومنذ بداية السبعينات، زاوج بين ميله إلى الكتابة وميله إلى الفن التشكيلي، وعن هذه المزاوجة يقول:  «اخترت أن أتفرغ لكتابة النقد الفني التشكيلي، لأنني وجدت نفسي في هذا المجال الذي اعتبرته مكملا لتجربتي في النحت.» و عند سؤال النحات شاهين عن سبب ولعه في (نحت) الجسد الإنساني وخاصة المرأة التي تكاد تكون الموضوع الأوحد لكل منحوتاته، يقول بصراحة لاتنقصها الجرأة: «الجسد الإنساني، وتحديداً الجسد العاري، هو أجمل ما في الوجود.الإنسان أجمل المخلوقات وأرقاها في تكوينات جسده وما يحمل هذا الجسد من مضامين، بدليل أن المدرسة الفنية التعبيرية الألمانية مثلا، دخلت هذا الجسد منذ قرون ولم تخرج منه حتى الآن. وأجمل ما في الجسد الإنساني هو جسد المرأة، إنه نبع لا ينضب من الفتنة والسحر والجمال؛ فيه من التضاريس والتعرجات والكتل ما يكفي لإلهام الفنانين على مر العصور والأزمنة. هذا من جهة. أما من جهة أخرى، فأنا أعتبر أن المرأة تشبه الأرض تماماً من حيث الشكل ومن حيث الرموز والدلالات التي تحملها كل منهما: إنهما صنوان، ولهذا تجدني في كل منحوتاتي أشكّلُ المرأة مشدودة إلى الأرض ومتجذرة فيها..فكما المرأة هي الوعاء الإنساني الأساسي لولادة الحياة واستمرارها، نجد أن الأرض بكل مكنوناتها هي التي تُنتجُ الحياة بما تخرجه من كنوزها وعطاياها. إن العلاقة بين المرأة والأرض أيضا، هي رمز للعلاقة والارتباط بالمكان: المرأة بكينونتها وخصوصيتها ملتصقة بالمكان..وخلافا للرجل المسكون بالترحال وحب الانتقال. إذا كان لدي موضوع ثرٌّ وأزلي كهذا، فما هي الضرورة أن أبحث عن موضوع آخر لأنهل منه وأجعله مادة لأعمالي؟» وللناقد التشكيلي محمود شاهين الذي أرخ ووثق للحركة الفنية التشكيلية السورية رأيه في تاريخ تلك الحركة وحاضرها: «أنا عملت وأعمل على دراسة عوالم الحركة الفنية التشكيلية منذ 44 عاماً، ويحق لي الادعاء بأنني أملك مفاتيحها وأسرارها. وأعتقد أن أهم ما يميزها أنها حركة جادة ورصينة، ولم تُخترق حتى الآن من قبل الاتجاهات الفنية (الضائعة والمضِّيعة)  مثل الاتجاهات التي تطلق على نفسها: الحداثة الجديدة، وما بعد الحداثة، وما بعد بعد الحداثة.. والسبب في رأيي أنها تمتلك حصانة ذاتية موجودة عند الفنان التشكيلي السوري- ولو بنسب متفاوتة- لكن هذه الحصانة موجودة وكفيلة بمنع تغلغل الاتجاهات العابثة التي تهدف إلى التخريب و»تمرير العولمة» في الفن والثقافة.» وللدكتور محمود شاهين الذي عمل معيداً في كلية الفنون الجميلة، ثم رئيساً لقسم النحت، ثم عميداً للكلية، رأيه الخاص حول آلية عمل الكلية، وطبيعة مناهج مادة الفنون في المراحل الدراسية المختلفة: «ثمة خطأ في آلية عمل الكلية يبدأ من مسابقة القبول؛ فهذه المسابقة غير كافية ولا تكون دائما دليلاً على الموهبة. وهناك أيضا فهم خاطئ لدور هذه الكلية؛ إذ يعتقد بعضهم أن مهمتها هي تخريج أساتذة لتدريس الفن، بينما الغاية الحقيقية من عملها هي تخريج الفنانين وتطوير مواهبهم ومساعدتهم على الاستمرار. أما بالنسبة إلى تدريس مادة الفنون في المدارس، فهناك قصور مزمن في إعطائها حقها، إذ كانت تعتبر على الدوام مادة هامشية. لكن الآن، وبعد وضع المناهج الجديدة التي تتميز بتركيزها على الجانب العملي، ثمة توجه لتفعيل دور هذه المادة وتمكينها من اكتشاف المواهب الفنية واحتضانها و تطويرها

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.