تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ألفت الإدلبي أديبة دمشق الياسمين... سبع سنين على الغياب ..موروث فكريّ ينبض بأصالة الشام...

مصدر الصورة
بلدنا



 

 

 "من المخجل لنا حقاً ـ نحن أبناء هذا الجيل ـ أن تفقد دمشق في عصرنا هويّتها التي عُرفت بها عبر تاريخها الطويل، كمدينة السحر والجمال".. قالت هذا ولم تعش أيّامنا التي أصبحت عاصمة الأمويين فيها عرضة للغدر، وشوارعها وساحاتها تبكي كلّ يوم وساعة غياب أولادها في زمن ضاع فيه الحقّ في حضرة الباطل... ماذا كنت ستكتبين عن خجل الدمشقيين ممّا حلّ بمدينتهم ودمشقها التي عشقتها منذ أن شهدت ولادتها في 1912 حتى رحيلها المحزن في يوم الأم الربيعي من العام2007.

 تنتمي الأديبة الدمشقية، التي رسخت كتاباتها التي تنبض بحبّ دمشق الوطن، إلى جيل أدب الخمسينات السوري، الذي شهد نهوضاً ملموساً في عدد النساء كاتبات القصة والرواية النوعيّة وذات المستوى الرفيع، لم تكن تجد سعادتها سوى في القراءة، حيث صاحبتها خلال مرضها الذي أقعدها فترة، بعد أن أنجبت ابنها الأول، وانتسبت، بعد أن شفيت، إلى عدة جمعيات خيرية وثقافية، كجمعية دوحة الأدب، وكانت تنظم في بيتها، الذي عشقت، كلّ تفاصيله، والذي شهد على إبداعاتها في ندوة شهرية يشترك فيها عدد من أدباء دمشق وأديباتها لتبادل الآراء حول الأدب والثقافة، لم تنسَ، يوماً، أن تذكر أن لوالدها الفضل الأكبر في توجّهها الفكري والأدبي، حيث كان أديباً مرموقاً يومها، فنشأت الإدلبي على الأدب القديم، دون أن تنسى الإلمام بالأدب الحديث، وكان يعجب كلّ من حولها بقدرتها على حفظ أكثر الألوان الشعرية صعوبة.

 انتماؤها إلى الجوّ الدمشقي النقيّ جعل كتاباتها تنبض بالروح الدمشقية الشرقية الأصيلة بصيغة بسيطة قريبة إلى العقل والقلب، فلا وجود في كتاباتها للتعقيد أو التشويه لتفاصيل الحياة في هذه المدينة حينها، ولا يمكننا أن نتجاهل النفحة الأنثوية في أسلوبها، فقد كانت خير الأديبات تعبيراً عن المرأة، فعبّرت عنها وعن كلّ مشاعرها النبيلة؛ الحب، والشوق، والأمومة، لتثبت أنّ الأنثى خير من يحكي عن أسرار النساء بعمق، ورأى الكثير من الأدباء العرب الذين تعمّقوا في قراءة إنتاجاتها الأدبية أنّ لموروثها الفكري قيمة وثائقية فولولكلورية دفعت الكتاب في مشارق الدنيا ومغاربها إلى ترجمتها إلى لغاتهم المتعدّدة، ولا سيّما كتابيها (قصص شامية)، و(وداعاً يا دمشق)، اللذين ارتقت فيهما إلى مرحلة الكمال. ‏

 ولم يخلُ أيٌّ من إبداعاتها الأدبية، التي زيّنت المكتبات العربية والعالمية، من حكايا العشق للشام وعاداتها وحياتها والفخر بانتمائها إلى مكانٍ شكّل هويّتها الثقافية، ونتوقف عند بعض أهمّ ما كتبته:

 ففي "نظرة في أدبنا الشعبي"، تطرّقت الإدلبي إلى دراسة صورة المرأة في ألف ليلة وليلة، بينما تدور رواية حكاية "جدي" حول دمشق بناسها وقاسيونها وأسواقها، وحول الغوطة والبيوت والياسمين، أمّا رواية "دمشق يا بسمة الحزن"، التي ذاع صيتها في كلّ مكان، حيث تحولت إلى مسلسل تلفزيوني وفيلم، فقد غاصت فيها ابنة الشام الكاتبة في مدينتها إبّان الانتداب الفرنسي، واصفةً حياة أسرة دمشقيّة، حيث تندمج الحياة الخاصة مع الهمّ الوطني العام مركّزة على المرأة، التي عانت الكثير من الاضطهاد حينها بصور واقعية تنبض بروح الحياة آنذاك، سياسياً واجتماعياً وعاطفياً، والتي، بكل تأكيد، أسهمت في حياكة أصالة الدمشقيين الذين ما زالوا يحاولون أن يدفعوا الأذى عن المدينة الأكثر قدماً وأصالة وعراقة، والتي خلّدتها وألّهتها ألفت الإدلبي بكتاباتها حيث امتزجت روحها ودمها بروح الشام وهواها.

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  رانيا زكاري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.