تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الفنان والشاعر عبد القادر الأرناؤط أحد الأعلام الخالدين من المبدعين بالفنون

مصدر الصورة
سانا


الفنان التشكيلي والأديب والشاعر عبد القادر الأرناؤوط كان ذا دور بارز امتلك الإمكانات الكبيرة التي جعلته في طليعة المجددين للحركة الفنية حيث جمع بين الأصالة الفنية والحداثة بالإضافة إلى البساطة المطلقة والمعاني والرموز العميقة التي تحمل الجوانب التعبيرية.

وتأتي قدرة الأرناؤوط ليس من فنه وحده بل من قدراته المختلفة فقد عرف يزرع حبه في قلوب من عرفوه من الفنانين والأصدقاء والطلاب وأن يقدم السلوك الإنساني والمواقف الجريئة والتصرف الأمثل في موضعه بالإضافة إلى قدرته على إضفاء روح المرح على الجلسات وتعلقه بالطرفة والنكتة وروايتهما بروح مرحة ترسم الابتسامة على شفاه كل إنسان يعرفه فنانا متعدد المواهب والإمكانات وذكيا حاضر البديهة.

والفنان الأرناؤوط شاعر يرسم بالفرشاة ويلون الأشكال وينظم لوحته تنظيما يعكس هذه الشاعرية بصياغة حديثة تمكن من خلالها إيصال فنه عبر لوحة تحمل نظاما شكليا ولونيا متكاملا ويظهر هذا ايضا على صعيد الإعلان الفني أيضا.

تفرد عبد القادر بفن له قدرة على الانتشار مستنبطا من التراث العربي وله حداثته وفيه المميزات الفنية ما يجعله قادرا على الوصول إلى الناس والتأثير فيهم فعلى صعيد الإعلان كانت إعلاناته متميزة في وزارة الثقافة ومعرض دمشق الدولي والمعهد الموسيقي وبذلك أغنى فن الإعلان بما قدمه وكان أستاذا لهذا الفن في كلية الفنون الجميلة كما عمل في مجال الإخراج الفني في الصحافة وأدخل هذا الفن إلى مجالات الحياة المختلفة في سورية كالمسرح والسينما والمعارض والحياة العامة .

وحول مراحل الموهبة المبكرة لدى عبد القادر يذكر أخوه عبد اللطيف الأرناؤوط الذي دون سيرته في كتاب أن شقيقه عندما كان طفلا لم تكن تخلو جيوبه من رسوم يتسلى بها أوقات الفراغ وكذلك دفاتره وكتبه وكشفت هذه الوريقات عن موهبة مبكرة وعن نفس مشبعة بالجمال والفن .

الرسم لم يكن موهبته بل أحد هواياته إذ مارس الشعر وله ديوان شعر مطبوع كما مارس الكتابة والنقد الفني وله إسهاماته في هذا المجال وكان مولعا بالمطالعة والموسيقى والمسرح والسينما وله اهتمامات عديدة بشتى الفنون والآداب ولكنه حين اختار الفن التشكيلي فضله على الهوايات الأخرى وسخرها ومعارفه لتخدم الفن التشكيلي الذي استقطب كل إمكاناته.

وأضاف عبد اللطيف أن الفنان الراحل نشأ في أسرة متواضعة مما حال دون متابعته للدراسات الفنية فاضطر إلى العمل في وظائف مختلفة كي يعيش ويوفر حاجاته وظلت الدراسة في كلية الفنون الجميلة حلمه وتحقق ذلك عندما أرسل ليتابع الدراسة في روما بمنحة دراسية فاستفاد منها ليلتحق بكلية الفنون الجميلة في روما 1963 وهناك تعرف الى عمالقة الفن العالمي وتابع دراسة الديكور ورسم وصمم الإعلانات واكتشف نفسه.

وبحسب ما ورد على لسان فناننا الراحل عن هذه المرحلة فقد أحس خلالها بالتحول الكبير الذي طرأ على افكاره ومفاهيمه وبدأت يفكر بالمسؤولية الهائلة التي يتحملها الإنسان عند خوضه هذا مضمار الفنون حيث التقى بفنانين سوريين رواد أمثال أدهم اسماعيل ونعيم إسماعيل ومروان قصاب باشي وبدأ يكتشف مع تجاربهم والحوار معهم أهمية الحداثة الفنية وما يمكن أن تهبه للفنان واكتشف أهمية التراث العربي فضلا عن تعرفه إلى عمالقة الفن العالمي أمثال موديلياني وبول كليه وغوغان.

وأول معرضين له كانا عام 1961 و 1962 واستخدم فيهما الخطوط الشاعرية واكتشف أن بوسعه تقديم كل ما يريد التعبير عنه بطريقة الرسوم المبسطة وبألوان محدودة وخطوط متقنة والتعبير عن أعقد الأحاسيس المختبئة في نفسه يمكن التعبير عنها بهذه الأشكال وكانت الفترة حافلة بالإنتاج الفني المتنوع والنشاط من أغلفة الكتب الى الديكورات المسرحية والإعلانات وغير ذلك.2

وخلال دراسته في روما ظل يعمل في مجال فن الإعلان ونال جائزة دولية على أحد ملصقاته المهمة وبهذه المرحلة ليتجه نحو التجريد اللوني المعبر عن أعماق الاشكال حيث وجد في جدران دمشق القديمة وأحيائها الإيحاءات التي ساعدته تصور لوحة لها لونها الشاعري ولها ارتباطها بالواقع المحلي وفي عام 1967 وصل هذا الشكل من التعبير لاستخدام القماش المحروق الملصق على اللوحة والزخارف المهمشة والثقوب المختلفة.

وفي عام 1964 فاز بالجائزة الأولى للإعلان في مدينة ريفي بإيطاليا كما فاز عام 1965 بالجائزة الأولى للإعلان في المعرض الثاني لأثريات منطقة روما وتخرّج من أكاديمية الفنون في روما عام 1967 ثم تخرّج من المدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية في باريس في عام 1973 .

وبرز المفهوم الجديد للوحة عنده بعد الدراسة في باريس ما بين 1972 و1973 حيث نظم بعد عودته معرضا متميزا قدم من خلاله اللغة الفنية الخاصة به والتي استندت على التراث التشكيلي العربي وهي المرحلة التي تميزت بخصائص فنية لمن تكن مألوفة لديه.
أما الشعر لدى عبد القادر فقد بدأ نظمه وهو في الثانية عشرة من عمره وأقدم القصائد المثبتة في مجموعاته المخطوطة يعود تاريخها إلى عام 1948 تناولت الجوانب القومية والوطنية والوصف والشعر الوجداني والاجتماعي والغزل والرثاء والمديح والتأمل تعكس معظمها أثر المناهج التدريسية في تكوين الشاعر فهذه قصيدة يخاطب فيها لورانس العرب وبلفور صاحب الوعد المشؤوم :
اعلم بأن الله يحكم بيننا يوم التقابل في الخلود ويعدل
واعلم بان الله ليس بغافل واعلم بانك في الجحيم ستدخل

أما الحب فيصفه بقصيدة (الهوى) :
الحب موهبة الحياة وإنه يعطي القلوب حرارة ولهيبا
والحب يوقظ في الوجوه نضارة حتى يصير قبيحها محبوبا.

أما رفيقة دربه في الحياة زوجته محاسن مطر عازفة الأوركسترا والتي عملت مدرسة في معهد صلحي الوادي وصفته بالشخص اللطيف بالتعامل الرقيق المحب والمخلص لأهله وأصدقائه دقيق ومتقن لعمله والباحث دائما عن الحداثة بإطار الأصول لافتة إلى أنه شارك بتصميم شعار دورة المتوسط الرياضية 1987 التي اعتمد فيها على الاحرف المسمارية فضلا عن أن فنانين كثر من العالم كانوا يزورونه كلما أتوا سورية.

أما الشاعر والباحث والصحفي أحمد بوبس أوضح أن عبد القادر كان من رواد التلفزيون رسم أغلب الاعلانات التلفزيونية لجميع البرامج والفقرات كذلك رسم إعلانات الأوركسترا.

يذكر أن الفنان عبد القادر حسين الأرناؤوط ولد في مدينة دمشق 11 شباط عام 1936 وتوفي 13 آب 1992 له ديوان شعري ورواية وعدة قصص منشورة وأعماله الفنية مقتناة في المتحف الوطني بدمشق ولدى وزارة الثقافة وفي متحف دمر وضمن مجموعات خاصة في روما وباريس وحاصل على براءة اختراع الرسم بالحروف وقام بتأسيس مجلة التشكيلي السوري التي تصدرها نقابة الفنون الجميلة بدمشق كما عمل أستاذاً في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق ثم عيّن رئيسا لقسم الاتصالات البصرية في الكلية وبقي حتى وفاته بدمشق عام /1992/.

                                                                                                       كوثر دحدل

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.