تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سيدة سورية في فيلم: عدسات مفتوحة على العراق.

مصدر الصورة
الحياة

اختارت المخرجة العراقية ميسون الباجه جي أن تقدم قصة لسيدة سورية مع قصص العراقيات ضمن فيلمها التسجيلي الطويل «عدسات مفتوحة على العراق»، والذي عرض في الدورات الأخيرة لمهرجاني دبي والخليج السينمائيين، وكان أحد أفلام المسابقة التسجيلية لمهرجان روتردام للفيلم العربي في هولندا في الأسبوع الماضي.

 
لم تكن السيدة السورية موجودة في الأصل ضمن المشروع الفني الإنساني الذي أراد أن يتحدث عن النساء العراقيات في دمشق. لقد صادف أنها تخدم مع ابنتها المراهقة في البيت الدمشقي القديم، والذي كان لأسابيع محل إقامة وتدريب المجموعة العراقية. لكن يبدو أن المخرجة التي عاشت مع نساء المشروع في البيت ذاته، أرادت أن تسجل تلك القصة،  وتحفظها للزمن، قبل أن يغادر أصحابها هذا العالم وتذهب معهم قصص سعادتهم العابرة وشقائهم الطويل.
 
القصة في الحقيقة ليست عن السيدة السورية نفسها، بل هي عن أمها التي توفيت قبل سنوات، عن حياة تلك الأم، فقرها، تعبها، جحود زوجها الذي تركها ليتزوج امرأة أخرى، وصبرها، ثم نهايتها، وحيدة في بيتها في شمال سورية في يوم جمعة عادي، على الكرسي، تنتظر بناتها المتزوجات في زيارتهن الأسبوعية لها.
 
لدقائق قليلة جداً، عادت تلك السيدة المجهولة الى الحياة، لم تعد حياتها قصة عابرة ضمن ملايين القصص الصغيرة المنسية في العالم، لا يتذكرها أو يهتم بها إلا بناتها، اللواتي يعشن حيوات لا تختلف كثيراً عن حياة والدتهن. عادت الأم الغائبة مع دموع الابنة، التي عندما أرادت أن تصف الظلم، تذكرت والدتها والحياة التي عاشتها.
 
ظلم الذكور
 
قصص النساء العراقيات الأخريات في الفيلم، لا تختلف في جوهرها عن قصة السيدة السورية، فالظلم الذكوري الفردي في قصة المرأة السورية البسيطة، يتسع ليشمل النظام السياسي كله والمجتمع في قصص السيدات العراقيات، واللواتي اشتركن في مشروع لإحدى جمعيات الأمم المتحدة، نظم في دمشق عام 2006، وبإشراف إحدى المصورات الفوتوغرافيات البريطانيات المحترفات، والتي قامت بتدريب هؤلاء السيدات على استعمال الكاميرات الفوتوغرافية، لتصوير حياتهن اليومية في العراق.
 
بعيداً عن عنف العراق، تقف السيدات في البيت الدمشقي ليسردن لبعضهن وأمام الكاميرا جزءاً من ماضيهن، وربما للمرة الأولى في حياتهن. لم تمنح أحداث العراق المتلاحقة الفرص الكثيرة للعراقيين للتفكير في ما جرى، فالآني يتغلب دائماً، ويترك الماضي على عجالة، قصص النشاط السياسي للبعض توصل سريعاً الى السجن والى القبور الجماعية، كل هذا يتم بسرعة لافتة.
 
بعد فيلمها الأول «العراق بلد العجايب» عن عراق ما بعد صدام حسين، تختار ميسون الباجه جي، موضوعاً قريباً من المخرجة والنشاطات النسوية التي تقوم بها منذ سنوات. الحميمية التي تحدثت بها النساء العراقيات عن أنفسهن وعن أحلامهن، لا يمكن إلا أن تعود الى الثقة التي قدمتها المخرجة لهن، والتي أنقذت الفيلم من «الحوارات الجاهزة»، علة العديد من الأفلام التسجيلية العربية.
 
المخرجة تجتهد كي توزع اهتمامها بالتساوي على نساء المجموعة، لكن إحدى الأديبات المشتركات تحظى بفرصة أكبر من الباقيات. بعد أن تنتهي الدورة وتعود النساء الى العراق، يبدأن هناك تصوير الحياة التي تضيق عليهن كل يوم، بسبب الوضع السياسي وتنامي نفوذ الحركات الدينية المتطرفة.
 
لا ترافق ميسون الباجه جي نساء الدورة الى العراق، لكنها تكون في انتظارهن عندما يعدن من هناك مع مئات الصور. لا تستطيع كل النساء العودة، هناك من لم تقدر على السفر، وشابة من المجموعة قتلت بعد عودتها الى مدينتها الموصل، حين أخرجها المسلحون من (التاكسي) الذي كانت تستقله، وضربت بعدة طلقات في رأسها الذي كان يغطيه شعر أسود فاحم.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.