تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رسامو سوق الصالحية على قارعة الطريق.. والتهمة فن تجاري.

مصدر الصورة
SNS

كثيراً ما يقصد أحدنا سوق الصالحية بغرض التبضع والتسوق لكننا نادراً ما نلقي بالاً لكل ما تضمه زواياه وما تخبئه أعمدته.

فهناك أشخاص في هذا السوق يمكن اعتبارهم من أركانه وبغيابهم يشعر أحدنا أن عنصراً مهماً في السوق غائب عنه ومنهم الرسامون الذين يتوزعون على امتداد السوق بمسافات متباعدة وكأنهم متفقون على ذلك.
وهؤلاء الرسامون يزيّنون فضاء الصالحية بلوحاتهم التي تتضمن وجوه مشاهير ونجوماً وربما أشخاصاً عاديين، مستخدمين تقنية الرصاص أو الفحم وقليلاً الباستيل والزيتي ومن بينهم الفنان التشكيلي (مازن نعمة) الذي امتهن عن محبة وموهبة الرسم في السوق منذ نحو عشرين عاماً.
ويقول نعمة في حديث لـ (محطة أخبار سورية SNS )عن سبب اختياره الصالحية مكاناً للرسم:" في بداية حياتي الفنية كنت أجد سوق الصالحية مكاناً مثالياً لانتقاء الوجوه ورسمها على اعتبار أن أناساً من مختلف الشرائح والطبقات تأتي إلى هذا السوق للتبضع والتسوق".
ونعمة كان من الفنانين الذين أنعمت الدولة عليهم (مقابل مبلغ محرز من المال) بأحد المراسم الأربعة التي شيدتها دعماً للحركة الثقافية والتشكيلية، فكان يضع في مرسمه الذي شاركه فيه فنان آخر لوحات عن دمشق وأبنيتها ومعالمها الأثرية إلى جانب بورتريهات لعدد من الشخصيات المهمة، إلا أن هذه النعمة لم تدم لا على نعمة ولا على غيره من فناني مراسم الصالحية إذ سرعان ما صدر قرار من محافظة دمشق بإزالة هذه المراسم.
وعند ذلك لم يجد الفنانون إلا الطريق مكاناً لإظهار مواهبهم وتحصيل قوت عيشهم معتمدين على كرسي خشبي واستاند وأقلام رصاص وفحم.
ويشير نعمة المتخرج في المعهد العالي للفنون الجميلة بلبنان إلى أن " جلوسه في شارع السوق قليل هذه الأيام بسبب المضايقات التي قد يتعرض لها سواء من الأناس الفضوليين وتعليقاتهم أو من البلدية والشرطة التي لا تفرق بين لوحة فنية وبين( بسطة جرابات) أو (عرباية فول)".
 
ولهذا يضطر نعمة للانتقال إلى مرسمه لرسم الأشخاص نقلاً عن صورة بدلاً من النقل المباشر ويضيف إلى جملة الأسباب تلك الطقس والمكان غير المناسبين للجلوس وزحمة المتسوقين وهذا ما يسبب الارتباك للفنان ويقول " إن الجلوس خارجاً صار شبه مستحيل لهذا تراني أعلق لوحاتي خارجاً وإذا طلب أحد أن أرسمه أفعل ذلك داخل مرسمي".
 
وينكر نعمة ما يُشاع من أن فن رسامي الصالحية هو رسم تجاري قائلاً: إنّ الفن ليس معادلة رياضية بل هو إسقاط للأحاسيس والمشاعر، إلا أنه يعترف أنّ الحياة تجبر الفنان أن يغير قليلاً من أساسيات مهنته وإبداعه مستشهداً بالفنان الهولندي فنسنت كوغ الذي باع لوحة من لوحاته بصحن (شوربة).
 
ويستغرب نعمة مما يُطلق على فنهم، والكثير من الناس يطلبون عند رسمهم تغيير بعض سمات وجوههم ويقول " إن أغلب الزبائن يقولون لي (ظبطني) و(خلّي الصورة على كيفك) و(جمّلني) وهذه مشكلتنا الأساسية فنحن مضطرون لإرضاء الزبون في سبيل كسب العيش، مضيفاً ومع هذا أضع لمساتي الخاصة التي لا أستطيع الاستغناء عنها دون أن يذهب الزبون منزعجاً ".
وفيما يتعلق بالأسعار يأخذ الفنان نعمة على رسم بورتريه بالرصاص 500 ليرة سورية والباستل 1500 أما الزيتي فسعرها يبدأ من 2000 ويرتفع بحسب التقنية ونوعية الألوان.
ويطمح نعمة الذي يبلغ الأربعين من العمر " ما أتمناه أن تعاد المراسم الفنية التي كانت موجودة في الصالحية وتعود تلك الحركة الحضارية التي تظهر وجه سورية الثقافي".
 
 
أما الفنان فريز المصري فيختلف عن نعمة لأنه لا يملك مرسماً ولهذا فهو مضطر بعد أن تقاعد من شركة قاسيون أن يداوم على وظيفة أخرى تمتد منذ افتتاح محال سوق الصالحية وحتى إغلاقها.
ويقول المصري" لم أمتهن الفن امتهاناً بل هو هوايتي منذ الطفولة وأحببت أن أستغلها بعد تقاعدي في رسم وجوه الناس في هذا السوق، مضيفاً "إن الفن في دمي وروحي ولا أستطيع الاستغناء عنه".
وأراد الفنان فريز الذي بدأ حياته الفنية برسم الأصدقاء والمقربين أن يزيد معارفه من خلال الدخول إلى مركز أدهم إسماعيل لكن هناك سبباً منعه من ذلك حيث يقول: "إن ما منعني هو عمري فعندما ذهبت إلى المركز وجدت أن أغلب طلاب المركز من الأطفال فخجلت من الدخول وعدت إلى منزلي". مضيفاً "إنني استعضت عن المركز بالكتب واطلاعي على اللوحات وذائقتي البصرية فطورت أسلوبي وأدواتي".
 
والفنان المصري بدأ يرسم في السوق منذ نحو عشر سنوات معتمداً على الرصاص والفحم من خلال النقل عن الصور أو بشكل حي وواقعي، مؤكداً أن أغلب زبائنه يعبرون عن إعجابهم برسمه مع إبداء بعض الملاحظات.
 
ويأخذ المصري لقاء جهده 300 ليرة سورية مقابل نحو نصف ساعة من الرسم وهذا ما يعتبره غير متناسب حيث يقول: هناك من يعترض على هذه التسعيرة مع أن أي شخص يدفع أضعاف هذا المبلغ على أشياء تافهة في حياته (وهو عم يضحك ويلعب).
 
ويطمح المصري الذي وصل لعمر 55 عاماً أن يمكث في منطقة هادئة ويرسم في مرسم خاص به ويقول " عندما يجد الإنسان ما يحتاجه لا يفكر بإيجار البيت أو الوضع المعيشي، مضيفاً ورغم ذلك سأبقى مصراً على هوايتي والآن أفكر جدياً بالانتساب إلى مركز أدهم إسماعيل".

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.