تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نار ورمل.. فلامنكو ينتصر للمشاعر والأحاسيس

لم يعد فن الفلامنكو مجرد تعبير عن مشاعر المضطهدين والمسحوقين في المجتمع بل بات فناً عالمياً تعشقه كل الناس على اختلاف شرائحهم.

وقد أثبتت حفلة نار ورمل التي أحيتها فرقة (تاتيانا غاريدو) الإسبانية على مسرح الدراما بدار الأسد مساء أمس جماهيرية هذا الفن ومقدرته على حشد حضور قل نظيره حتى لم تشغر في الصالة إلا كراسي معدودات.
بدأت الحفلة بفقرة (مارتينيت) وسط أضواء خافتة تسلط على ثلاثة أشخاص يحملون العصوات ليبدؤوا بالنقر بها على الأرض لتصدح المغنية (جوزيفا هيريديا) بصوتها العابق بالحزن وأصوات تكاد تشبه العويل.
ثم يطل من خلف الظلام الراقص (خافيير سيرانو) الذي يروي بجسده وحركات يديه وضربات رجليه حكاية حبه وألمه والعذابات التي يحملها مترافقة مع صوت المغنية ونقرات العصوات على الخشبة.
وبعد عاصفة من التصفيق نالها (سيرانو) اشترك مع الراقصة (تاتيانا غاريدو) (تحمل اسم الفرقة) ليقدما (روندينا) التي حملت كل مقاييس التألق والانسجام لتتراقص بدلاً عنهما قلوب الحضور ويلمسون الأحاسيس والآهات التي يرويانها بحركات الأيدي والتفافها ونقرات الأرجل فأظهرا مقدرة كبيرة على التحكم بسرعة الإيقاع متوالفاً مع الدقات القوية والمتسارعة.
ويأتي دور الغيتار بثراء نغماته وإيقاعاته الشهيرة المتميزة بالطابع الإسباني الميال للرومانسية وبعض الشرقية لتظهر مقدرة العازف (روبن مارتينيز) في العزف وضمن ثم تبدو دائرة مضاءة على شاشة بيضاء فيتراقص خيال الراقصة الغجرية ضمن دائرة مضاءة حيث توضحت فيها تفاصيل لم نشاهدها في الحالة العادية.
ثم تنضم آلتا الفلوت والبربكشن للغيتار ويقدم الراقص (سيرانو) رائعته (اليغرياس) التي يتألق فيها متجاوزاً ما هو مرسوم له ويفسح للتلقائية مجالاً واسعاً في حركات لم تلتقطها الأعين من سرعتها والتي أشعلت الحماس المتواتر للحاضرين وكل ذلك ترافق مع غناء (هيريديا) وتصفيقها وعزف متوالف من الآلات الثلاث.
ولم تكن الراقصة (غاريدو) أقل منه في فقرة (سوليا بور بوليرياس) ولاسيما بعد أن ظهرت بغجريتها الحقيقية مرتدية فستانها الأحمر المزركش المتدلي على الأرض والذي لم يمنعها من أن تؤدي حركاتها لكن الرشاقة الحقيقية ظهرت بعد تبديلها فستانها بآخر لتتمكن من إبراز مواهبها التعبيرية وحركاتها الإيمائية الجميلة.
وهذه المقدرة التي تمتلكها (غاريدو) في تركيب شخصية درامية وفي ملء الخشبة كلياًبحركة ذراعيها ويديها وحركات جسدها المتناغمة لطالما أكد عليها النقاد إذ إنها اعتمدت وفرقتها في عرضها(نار ورمل) على الاستخدام الثوري للتقنية من خلال إسقاطات رقمية في الخلفية مع أعمق وأنقى فلامنكو، وهو أمر يمكن فقط الحصول عليه بنعمة الروح العفوية، ليظهر الارتباط بين تقاليد الفلامنكو القديمة والإمكانيات التقنية والموسيقية المختلفة لهذه الأيام.
يشار إلى أن تاتيانا غاريدو تعد إحدى أهم راقصات الفلامنكو هذه الأيام وهي ابنة (مارجيليا) أسطورة الفلامنكو الحية وحصلت رغم سنها على شهرة عالمية واسعة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.