تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مفردات المدن عبر اللون بأصابع عارية

محطة أخبار سورية

أراد الفنان السوري إياد الصوفي، المقيم في دبي، من خلال معرضه الفردي الثاني، تقديم رؤيته للمدن عبر مجموعة من العناوين الشاعرية، بألوان دافئة، وبالرسم بالأصابع مباشرة دون الاعتماد على الريشة. وهو بذلك يقدم نظرته إلى العالم، بالإحساس المتواصل مع نبض المدينة، فأسماء اللوحات تحيل إلى هذه الفكرة تماماً (مدينة ليلية، اسطنبول الحلم، تآويل أموية، بتراء في ليلة عشق، بغدادية حالمة، ذكريات دمشقية، حتى لا ننسى،....).

وقد كتب الفنان خالد الساعي في كتيب المعرض "ينشئ (الصوفي) شبكات لونية تتقاطع مع الضوء، ثم يتابع بناء لوحته ليحصل على مناخ بصري ثري الملمس، ويعتمد غالباً على منظوره الخاص في صياغة أبعاد عمله.. المدينة ببنيانها العمراني الشرقي هي عادة موضوعه المفضل، المدينة المتراصة البيوت مفتوحة الشبابيك، كما لو أنها تعكس نسيج ساكنيها الاجتماعي، في تكاتفها وتضامنها.. والقباب والمآذن، إضافة لكونها عنصراً معمارياً، فهي تقوي بناء تلك اللوحة المعتمدة على الألوان الدافئة في تشكيلاتها النهارية، بينما تبرز النوافذ والأبواب في المشهد الليلي للمدن، لتضفي حركة ديناميكية بألوانها المنيرة.. إياد مصطفى الصوفي فنان مجتهد يحاول أن يجد صوته البصري، في لوحته، وفي بحثه عن مفرداته، وتطويرها لتكون عالمه الخاص".

نعم، هنالك محاولة من الفنان الصوفي لإيجاد صوته الخاص، وهو الأمر الذي قد يميز تجربة عن أخرى، وهو كذلك ما يجعلنا نميز لوحة فنان ما بمجرد رؤيتها، ولو كان ذلك للمرة الأولى، لكن معظم لوحاته لا تحيل إلى شيء من هذا في تجربته هذه، رغم الاجتهاد الواضح الذي يظهر في التزامه تقديم فكرة واضحة، بالحنين إلى مدن الشرق، عموماً، بأقواسها وشبابيكها وقبابها ومآذنها، ورغم اللفتة الهامة في لوحة (حتى لا ننسى) التي تظهر مدينة القدس شاحبة اللون يسيل منها دمٌ مهدور يشبه الماء؛ رغم ذلك تظهر تأثرات الصوفي بفنانين عديدين، من الفلسطيني إسماعيل شموط، إلى السوري فاتح المدرس، إلى الهولندي فان كوخ. ليس بالضرورة أن يكون هذا التأثر واضح القصدية، وأن تكون كلمة التقليد دقيقة الدلالة، فتلك المؤثرات مبثوثة في لوحاته بشكل لا تخطئه العين. والأمر الجدير بالذكر أن الفنان عموماً، من الشاعر إلى الموسيقي إلى الرسام، هو عُرضة لهذا التأثر، خاصة في بداية مشواره الفني، ومن المنطقي أن يجد الفنان مفترقاً يمنحه صوته الخاص، فالفنان المهجوس بفنه هو وحده من "يناضل" حتى يجد هذه المعادلة. ولعلنا لا نظلم الفنان الصوفي حين نذهب مع الفكرة النقدية المثيرة والحقيقية، والتي تقول "الفنان الجيد يسرق ولا يُقلِّد"، وهذه المقولة أسيرة شرطين، الموهبة والتجربة، والفنان إياد الصوفي موهوب، ينبغي عليه المغامرة في تجربته حتى يجد صوته الخاص به.

المعرض مستمر في صالة فري هاند، الجسر الأبيض، حتى 29 أيار الحالي.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.