تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

د. الشيخ :وكالات الأنباء الغربية ما زالت مصدراً لأخبارنا

محطة أخبار سورية

رغم تأكيد الإعلامي عبد الرحمن الحلبي في ندوة البرنامج الإذاعي «كاتب وموقف» التي عقدها مؤخراً في مركز ثقافي أبو رمانة، بأن الندوة التي حملت عنوان “الإعلام والرأي العام” هي محاولة لتعريف الإعلام والرأي العام كمصطلح، إلا أن الندوة بمشاركة د.ممتاز الشيخ الذي عمل مديراًعاماً لمؤسسة الوحدة ثم مديراً للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وسميرة مسالمة رئيسة تحرير صحيفة تشرين ومحمد قطان الإعلامي المخضرم العريق، قد تشعّبت في موضوعاتها ونقاشاتها لتتناول عناوين متفرقة من واقع حال الإعلام السوري والعربي وما يعانيه..

 

الإعلام الرسمي

 لا يمكن له أن يتقاعد

في البداية أشار د.ممتاز الشيخ إلى أن المطبوعات الصادرة في سورية قد بلغت نحو 700 مطبوعة، وهو وإن كان رقماً قليلاً نسبة لعدد السكان في سورية، إلا أن المفارقة تبدو بالنسبة له أن ما أثبت حضوراً في الساحة الإعلامية يكاد لا يتجاوز من 10 إلى 15 مطبوعة، ولا يخفي د.الشيخ أن الجميع اعتقد أن إعلام القطاع الخاص سيحل محل إعلام القطاع العام، وهذا ما لم يحدث رغم مرور عقد من الزمان لظروف يراها مرتبطة بالجو العام السائد من حيث أن الاستثمار في المعرفة ما زال أصعب الاستثمارات كونها لا تجدي كثيراً من الناحية المادية، مع أن المعرفة على أرض الواقع ـ برأيه ـ هي السد المنيع والأخير للأمة العربية، وعلى الرغم من أن الإعلام هو السلاح الأمضى، فمنذ الحرب العالمية الثانية ـ كما يشيرـ الشيخ لم تُحْتَل دولة ولم يحدث أي عدوان إلا وقد مهّد له الإعلام بشكل كافٍ، والعراق خير مثال، ويأسف الشيخ بأن الدول المتقدمة تعرف قيمة الإعلام وأهمية الدور الذي يقوم به، والدليل أن وكالات الأنباء الخمس الكبرى الغربية ما زالت مصدراً لثمانين بالمئة من أخبارنا كعرب، ويبيّن أن العرب يعون تماماً دور الإعلام ويشخّصون حالاته، إلا أن طرق معالجتهم لهذه الحالات ما زالت دون جدوى، وبشكل أو بآخر يعتقد الشيخ أن إعلامنا ما زال بحاجة لإمكانيات مادية لأن الإعلام ـ كما يؤكد ـ مكلف، ويذكر على سبيل المثال كيف موّلت أمريكا قناة «الحرّة» بأموال طائلة لإعادة تكوين الرأي العام بعد احتلالها للعراق، وعندما وجدت أن هذا غير كافٍ طلبت الضعف من الكونغرس وحصلت على ما أرادت، وهذا كلّه لأن الكلمة وحدها لم تعد كافية ولا بد من الصورة والإبهار وعناصر جذابة كثيرة لأن السباق اليوم ـ برأي الشيخ ـ هو التأثير على الرأي العام وشدّ المشاهد من خلال توفير كل الإغراءات اللازمة لتحقيق ذلك، ويعتقد د.الشيخ أن الإعلام الرسمي ما زال له دور إلا أن السوق الإعلامية العربية المموِّلة ما زالت ضعيفة، ووسائل الإعلام الخاصة والعامة منضوية تحت لواء الدول والسلطة الحاكمة، وبالتالي فإن المال هو الذي يحكم وسائل الإعلام، والكلمة فيها لصاحبه : «الذي يدفع للزمّار هو الذي يحدد النغمة» وعلى الرغم من أن واقع الإعلام العربي ما زال محبِطاً ـ كما يرى الشيخ ـ إلا أنه لا ينفي أن التحرك خلال السنوات العشر الأخيرة قد أحدث شيئاً ما من خلال بعض القنوات العربية التي أثبتت حضورها كالجزيرة التي وصلت إلى حد إزعاج أمريكا، وبفضلها وبعض القنوات الأخرى تعدد الرأي العام الأمريكي بعد العدوان على غزة بنسبة 38 بالمئة وهذا برأيه رقم جيد تحقق بفضل الصورة التي قدمتها هذه القنوات وتجاوزت حدود جغرافيتها، ومع هذا يشير د.الشيخ إلى أن ذلك لا يلغي أن إعلامنا ما زال ضعيفاً وليس لدينا أية وسيلة إعلامية تخاطب الغرب بلغته وطريقته ومفهومه .

وعن الرأي العام يشير د.الشيخ إلى أن الرأي العام هو مجموعة من الآراء حول قضية معينة، وبرأيه هناك مجموعة من المكونات تتفاعل مع بعضها حتى تكوّن رأياً عاماً حول قضية معينة، ويبيّن أن الرأي العام مصطلح حديث العهد، ظهر في القرن ، وقد أخذ منحاه الحقيقي أثناء الحرب العالمية الأولى عندما كانت الدول المتحاربة تحاول كسب الجماهير إلى صفها، وبالعموم يؤكد د.الشيخ أن الحكومات اليوم لا تستطيع وهي تقوم بعملية التغيير الاجتماعي أن تكون بمنأى عن رأي الشعب، ويرى أن الإعلام يلعب دوراً كبيراً في تحريك أو تهدئة الرأي العام، وهذا الدور يصفه بالخطير، إلا أننا لا نهتم به الاهتمام الكافي، كما يعتقد د.الشيخ أن إعلامنا بوضعه الحالي هو نتيجة بعض السلوكيات التي أصبحت بالية، في حين أن طبيعة الحياة الحالية تفرض سلوكيات جديدة، ويحزنه أن الإعلام اليوم أصبح مهنة يعتدي عليها الكثيرون، لأن بنيته ما زالت حديثة العهد، خاصة إذا علمنا أن قسم الصحافة تأسس عام 1984 وهي فترة متأخرة، وهذا برأيه يوازي تأخرنا في الإعلام الذي أصبح في الخارج مهنة لها تفرعاتها واختصاصاتها، وقد أصبح صناعة، لذلك لا وجود له إذا لم يرتقِ في مخاطبة الرأي العام، وبرأيه أن الإعلام الرسمي لا يمكن له أن يتقاعد لأن الإعلام الخاص يبحث عن الربح، وهذا ما يجعله غير مهتم بقضايا قد يتطرق إليها الإعلام الرسمي (زراعة - صحة) وباعتباره إعلام دولة، يؤكد الشيخ على ضرورة المحافظة عليه ولكن مع ضرورة تطويره، مع قناعته أن الإعلام مقطع تشريحي من نواحي الحياة المتعددة ولا يمكن أن يكون نموذجياً والمجتمع يعاني من أمراض اجتماعية، فالإعلام لا يتقدم وليس المطلوب منه أن يكون رائداً لأنه لا يستطيع ـ برأيه ـ أن يبتعد كثيراً عن مجتمعه.

 

لا أستطيع أن أرى بعين واحدة

أما سميرة المسالمة التي تطالب بوجوب الاعتماد على معايير الخبرة والكفاءة في اختيار القيادات الإعلامية والمفاصل التحريرية ومراكز اتخاذ القرار داخل المؤسسات الإعلامية بعيداً عن المزاجية والمواقف الذاتية، تؤكد أن تحقيق ذلك، خاصة على صعيد القيادات المفصلية، يعني بالضرورة وجود إعلام قادر على القيام بوظيفته، وتعترف أننا في إعلامنا لم نطور أدواتنا ولا أنفسنا، وتبيّن أنها لا ترى أن هناك إعلاماً رسمياً، وإنما هناك إعلام دولة وإعلام تموّله شركات وأشخاص، وتؤكد أنه علينا أن نفهم أن الحريات لا تقاس بمن يمولها، وإنما بمهنية من يعمل داخلها، لذلك ترفض قناعة البعض بأن تمويل الدولة يرهن الإعلام وإن كانت مقتنعة أن مهمة الإعلام أن يسلط الضوء على المنجزات والسلبيات : «لأنني لا أستطيع أن أرى بعين واحدة» وتشير إلى أنها تشعر أن سقف الحرية في إعلام تموّله الدولة ما زال أعلى بكثير من سقف الإعلام الخاص الذي يموله شخص، وتبيّن أنها عندما تتوجه للقارئ من خلال صحيفتها، تحاول أن تبحث عما يريد وكيف يمكن الوصول إليه، والاعتماد على المعايير لتكون أقرب إلى المصداقية والموضوعية في نقل الخبر وتحليل الحدث وإجراء التحقيق الصحفي، وهي تؤمن أن الرقيب الأصعب هو الموجود في عقولنا، ورأت أنه في كل يوم تحاول أن تقترب من القارئ، تحول معوقات كثيرة دون ذلك ودون تطوير الصحيفة التي تعمل فيها، وتختتم كلامها مشيرة إلى أن الإعلام الرسمي قد لا يتقاعد، بل يتحرك ليموت بشكل بطيء وهذا ما يُخشى حدوثه.

 

إعلام اليوم يسير بخطى حثيثة

في حين تحدث محمد قطان عن الإعلام في بداية الخمسينيات مروراً بالستينيات وانتهاء بالوقت الحالي، وتوقف عند الإعلام المرئي الذي شكل قسماً كبيراً من اهتمامه، فأشار إلى طرائق الاستبيان القديمة التي كانت تُستخدَم كاستطلاع للرأي العام في ما يقدمه الإعلام من برامج، وهي تعتمد على الرسائل المكتوبة التي يعبّر فيها المشاهد عن ردود أفعاله عن البرامج التي كانت تُقدَّم إليه، والتي يرى فيها قطان نقداً عفوياً صادقاً، ويؤكد أن هذه الرسائل كانت التواصل المباشر الوحيد بين المحطات وجمهورها، ويبيّن أنه رغم بدائية الطريقة إلا أن العاملين في الإعلام كانوا يستفيدون في تدقيق أدائهم، ويقول قطان وهو ابن الإعلام السوري أن الإعلام اليوم يسير بخطى حثيثة ويجب أن يكون ذا تأثير وقوة استراتيجية يتم من خلالها صناعة الرأي العام في ظل عالم إعلامي خطير، يتم فيه اغتيال المفاهيم وغسل العقول، لذلك لم تعد  مهمة الإعلام تقتصر على دعم صناعة القرار وتحقيق الوحدة السياسية فحسب، بل أصبحت وسيلة رئيسية في إدارة العلاقات الدولية والتأسيس للخطط والبرامج الدولية، فالغرب اليوم –كما يشير قطان- يحاربنا عبر إعلامه، والمطلوب أن نرتقي بإعلامنا من خلال بنائه الأول أي الإنسان الذي يجب أن يكون واسع المعرفة والثقافة، بعد أن أصبح العتاد الإعلامي قوة أكبر وأكثر تأثيراً من العتاد العسكري.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.