تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

"مؤقت"معرض يصوّر كارثة الجفاف في الجزيرةالسورية

 

محطة أخبار سورية

حملت المصوّرة الفوتوغرافية ضحى حسن بؤساً شاسعاً في عدستها، وعلّقته وسط دمشق القديمة، في "شام محل- آت كافيه"، كأول معرض يصوّر كارثة الجفاف في منطقة الجزيرة السورية. أبطال معرض "موقّت"، أطفال جاؤوا مع عائلاتهم من أرياف الجزيرة السورية، من الحسكة ودير الزور والرقة، إلى تشرد متعدد المناطق حول المدن في الجنوب السوري، للعيش في مجتمعات بؤس وغربة، بعدما جفّت السماء هناك، ومات نهر الخابور.22 عملاً يحمل كل منها بؤس طفل نازح.

 

يتشابه البؤس في الصور مع حال الأطفال في الغربة والجوع؛ لون الشعر نفسه، البشرة نفسها؛ التعب نفسه. أليس البؤس واحداً؟!داخل إطار أسود يجلس حمودي مع ظله وسط التراب، يشدّ كيساً بلون ظلّه. الصورة ملتقطة من الأعلى ليبدو الطفل فيها أصغر، ووحيداً أكثر بين التراب والحصى، كما هو وحيد في واقعه.في إطار آخر، يمسك حمودي قشرة موزة بكلتا يديه، ويشمّها ملء جوعه.

 

تظهر في هذه الصورة تفاصيل الوجهه، والضوء كلّه على يديه، بمافيهما من تشققات عميقة. وجهه في هذه الصورة قريب من العدسة ويوازيها،وتواجه عيناه مباشرة كل شخص يقف أمام الصورة؛ هو مثل الناظرين الى صورته،في موازاتهم.الأطفال هم شخصيات المعرض الرئيسية، لأنهم القصة الأولى للمصوّرة ضحى حسن مع هذه الكارثة، تقول: "هرب الأطفال عند دخول السيارةإلى المخيم، كأنها وحش يتجه نحوهم.

 

 اختبأوا داخل الخيام، خافوا أن يسرق الغرباء عيونهم؛ لبيعها. فهم معزولون عن العالم، لا يعرفون حتى أسماء بعضهم، على رغم تجاور خيامهم".تضيف: "المعرض الذي حمل عنوان "موقّت" هو العمل الأول لمجموعة "الحبابين" التي تعمل على الكارثة منذ أربعة أشهر.

 

 نزح أطفال "موقّت" منذ خمس سنوات، وبعضهم منذ سنة، والبعض الآخر يرفع الآن خيمته في أحد مخيمات الغربة؛ "حملوا لون قراهم الترابية في تجاعيد وجوههم وقماش خيمهم... رحلوا إلى غربة قصوى، وتركوا بيوتهم للعجاج والأشباح"،بحسب نشوان المرزوك، "أحد أفراد مجموعة الحبابين"، التي عملت على تدريس أطفال أحد مخيمات نازحي الجزيرة.لا تحمل المجموعة أي صفة رسمية مما تسبب بتعب كبير لأفرادها بداية العمل في مخيم سعسع. يؤكد المرزوك: "طلب الإهالي منا أوراقاً رسمية تثبت تبعيتنا لأي جهة رسمية، كان إقناعهم متعباً لأننا لسنا مرسلين من أي جهة تريد مساعدتهم أو إيذاءهم، قالوا: مانريد "نتصخم" أكثر".

 

بداية العلاقة مع الأطفال كانت صعبة، "لا أعرف كيف يمكن أن تقنع طفلاً جائعاً بالتعلّم؟ كيف أستطيع إقناعهم بالمشي نحونا،وهم حفاة! لا أعرف".طلاب "الحبّابين"، هم شخصيات المعرض. في إحدى الصور تتشارك هبة البطولة مع أمل. لا تعرف أيٌّ منهما الكتابة أو القراءة،إذ لا مدارس خُصصت لنزوحهم، على الرغم من المدّة الطويلة لعمر الكارثة.في صورة  أخرى تجلس زهرة وسط الشوك وتغمض عينيها بحزن، وتبكي في ثلاث صور أخرى. زهرة، صاحبة السنوات الخمس، تعيش جوعاً دائماً، فهي لا تستطيع أن تأكل غير الخبز والشاي، مثل كل اطفال المعرض. الجوع واضح على بطونهم وعلى وجوههم النحيلة المتشققة من حدّة برد الشتاء، وقسوة شمس الصيف.الجزيرة التي جاءت شخصيات المعرض منها تعطي 70 في المئة من إنتاج القمح السوري،و69 في المئة من القطن، بحسب إحصاءات حكومية سورية. لكنها تعطي 1،3 ملايين متضرر من الجفاف، وأكثر من 300 ألف نازح، بحسب بعثة الأمم المتحدة لتقويم أثر الجفاف.المعرض بورتريه بالأبيض والأسود لمخيم سعسع جنوب دمشق،ولأطفال سرق التراب ألوانهم، ولا يزالون إلى اللحظة أفضل حظاً بالبقاء على قيد الحياة من أطفال في مخيمات مجاورة ماتوا بضربة شمس أو بضربة ريح دفنتهم تحت سقوف التوتياء، ولم يتعرضوا لمصير أطفال آخرين ماتوا حرقاً داخل خيمهم المحترقة.اليوم تناثر المخيم وابتعدت خيمه المهترئة عن سعسع لتحطّ في مخيمات أخرى، لأن ظروفاً غامضة أجبرت ساكنيه على النزوح من مخيمهم. دفع هذا بـ"الحبابين" للإنتقال الى مخيم مجاور، لكن ظروفاً منعتهم من تدريس أطفاله أيضاً.

 

إذ كتب أحد أفراد المجموعة على صفحتهم على الـ"فايس بوك" عما جرى معهم: "حمل شيخ عصاه ومشى نحونا في المخيم الآخر...ضرب الأطفال المتجمعين حولنا بالعصى عند وصوله، ليطردهم. قبل السلام، قالأنه هُدّد بسببنا، وأنه سيصفح عنا هذه المرة، ولن يخبر الجهات أننا الآنأمام خيمته، على الرغم من تهديدهم له".التوثيق خطوة ثانية بعد التدريس، بدأت بمعرض "موقت"، وستستمر لخطوات كثيرة حتى تنتهي الكارثة،ويصير ذاك البؤس واقعاً موقتاً، كأمنية يحلم "الحبّابون" بتحقيقها، وهو الدافع الى تسمية المعرض.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.