تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

وليد إخلاصي: لاأؤمن بمبدأ الفصل بين التراجيديا والكوميديا

محطة أخبار سورية

شغف الكاتب وليد إخلاصي بكتابة أنواع أدبيةمتعددة إلا أن تجربته تمتد عميقة في المسرح العربي، ويعتبره النقاد واحداً من بينأفضل كتاب المسرحية العربية.

قدم أعمالاً عديدة في إطارالواقعية الاجتماعية لكنه لم يستقر فيها فتوجه نحو المسرحية الملحمية التي جمع فيهابين السخرية السياسية والملحمية المسرحية، وذلك في مسرحية (كيف تصعد دون أن تقع)،وكذلك في مسرحية (يوم أسقطنا طائرة الوهم) بالاعتماد على الشكل المباشر والقيمةالسياسية والوطنية. ترجمت أعماله إلى الإنكليزية والألمانية والروسية وغيرها مناللغات. ‏
ساهم في تأسيس مسرح الشعب،والمسرح القومي والنادي السينمائي بحلب، كما حصل على جائزة اتحاد الكتاب العرب فيالعام 1990، وجائزة العويس الثقافية عام 1996. وهو بعد رحلة تمتد إلى أكثر منأربعين عاماً يحارب كل قوى الظلام التي تواجهه، كما يحارب الموت بالكتابة، وإحساسهبه كإحساسه بالحياة. ‏
للوقوف على تجربتهالإبداعية التقيناه في الحوار التالي: ‏
 
التمزق بين الواقع والحلم ‏
وليد إخلاصي كسائر الكتاب،يعاني نوعاً من التمزق بين واقع متردٍ، وبين الحلم المستمر بمستقبل جميل. هذاالتمزق إلى أي مدى استطعت التعبير عنه، وفي أي جنس أدبي كان تعبيرك دقيقاًوواقعياً؟ ‏
لا يمكن للنفس الإنسانيةالخضوع إلى فكرة واحدة، أو حياة داخلية واحدة، إنها عامرة بالأفكار الكثيرةوالحوارات الكثيرة، والنفس الإنسانية كما هي عامرة بالأمل هي مفعمة باليأس، ومن حيثالمبدأ لا يوجد كاتب أو فنان إلا ويعاني من ثنائية الموت والحياة، الفقر والغنى،القمع والحرية، وثنائيات أخرى عديدة، وتتلخص بالمعنى الفلسفي الوجود والعدم. ومنهذه الثنائيات أعتقد أن الأديان والفلسفات قد نشأت، والثنائيات تعيد التوازن إلىالنفس، وقد تكون مصدراً من مصادر السعادة، لقد أورثتني هذه الثنائيات وما يتفرععنها شيئاً من الفكر الفلسفي المستند إلى رؤية شاعرية، لذا فإن كل ما كتبته أو فكرتبه يستند إلى الثنائيات التي برزت في معظم أعمالي الروائية منها والمسرحيةوالقصصية. ‏
كيمياء الفن ‏
أشرت في أكثر من مجال أنكتعتمد في عملية الكتابة على كيمياء الفن. أي نوع من الكيمياء تراه أقرب إلىالتعبير؟ ‏
بشكل عام لم يحدث في حياتيأن قررت مسبقاً نوعية العمل الأدبي الذي أريد كتابته، ما يحدث أن الجنس الأدبي يولددون إرادة مني، وبظني أن السبب يعود في أن كل كاتب يمتلك «بطارية» وهي مخزونه منالمعرفة المكتسبة، ولذا أعتقد أن أهمية الكاتب تقاس في مدى تخزين تلك «البطارية» منالمعارف والعلوم التي تتحول في المختبر الداخلي إلى شكل آخر، وهذا هو مفهومالكيمياء الذي يتجلى في إعادة صياغة الحقائق وإظهارها بشكل جديد، وهذا الشكل قديكون رواية، أو قصة، أو مسرحية، أو غير ذلك. ‏
الأسئلة الوجودية ‏
تثير في أعمالك الكثير منالأسئلة الوجودية دون إيجاد إجابات حاسمة لها. بعد هذه التجربة الطويلة، هل لا تزالهذه الأسئلة دون إجابات؟ ‏
السؤال الذي له جواب هوالمقبرة الحقيقية للإبداع. ولو وجد الكاتب أجوبة على حياته، أو أفكاره، أو أي شيءيتعلق به سيتوقف عن الكتابة، والأدب الحقيقي هو السؤال الذي لا جواب له. إن حالةالقلق التي يعيش فيها الكاتب هي محفزه نحو الإبداع، ولأنني في حالة قلق وجوديأتعاطى دواء الكتابة بحثاً عن أسئلة الوجود، وبحثاً عن اليقينيات الواقعية. ‏
حلب دائماً ‏
مدينة حلب هي المكان الأكثرحضوراً في أعمالك الأدبية، في الوقت الذي نرى فيه بعض الكتاب يلجؤون إلى أماكنافتراضية، فلماذا حلب؟ ‏
قد أهاجم المدينة أحياناً،خلافاً لارتباطي بها، ولكنني أحبها من طرف آخر، حلب هي المدينة الحاضرة دائماً فيأعمالي، ففي رواية (زهرة الصندل) تحدثت عن حكاية حدثت في حي الأنصارية، كذلك رواية (باب الجمر) وهو واحد من أبواب حلب الافتراضية، وما حدث أن الكثير من أهل حلب بحثواعن هذا الباب ولم يجدوه. فهل كان اختراعي للباب مشروعاً؟ أم أن رؤيتي للمدينةافترضت وجوده كأحد الأبواب، و كان هذا الباب حسب رؤيتي واجب الوجود، لأنه يفضحأساليب الفساد في المدينة، واحتراماً لأبوابها الحقيقية، حاولت أن ألصق الفساد الذيتعاني منه المدينة بباب اخترعته. ‏
تراجيكوميديا ‏
يقول الناقد أحمد يوسفداوود أن روايات وليد إخلاصي هي ملاحم (تراجيكوميدية) إلى أي مدى استطاع أن يكوندقيقاً في حكمه؟ ‏
لا أؤمن بمبدأ الفصل بينالتراجيديا والكوميديا، وأهم الآداب التي سطرت خضعت لآثار التزاوج بين التراجيدياوالكوميديا. الحياة نفسها هي تراجيكوميدية، وسأذهب إلى أبعد من ذلك، الموت نفسه هوحالة تزاوج ما بينهما وهذا شأن الواقعية الحقيقية، أما أعمالي الأدبية فلا أعتقدأنني بلغت بها هذه المرتبة إلا أنني أتمنى الوصول إليها. ‏
حكايات الهدهد ‏
في (حكايات الهدهد) أرسلترسائل كثيرة على لسان الهدهد، كما في حكاية الحرية، والأصدقاء، والصبية والبلبل،وغيرها... لماذا قلت ما قلته على لسان الهدهد؟ هل هناك ما يمنع أن تقول ذلك صراحة؟
الجواب على ذلك يكمن فيالفرق، ما بين الفن والسياسة، فالسياسي يقول كلامه بشكل مباشر ولا يحتاج إلى عناصرتشويق، أما الفنان فيقول كلامه بخط منحنٍ، والانحناء يعني المرونة والكياسةوالتهذيب المقنع، وليس السبب كما يقول البعض جبن الكاتب أو ذعره. ‏
المثقف والسياسي ‏
وجودك في مجلس الشعب (البرلمان) يعني بشكل أو بآخر أنك من أبناء السلطة السياسية. إلى أي مدى أثر وجودكفي البرلمان في تعبيرك وولوجك لبعض القضايا المسكوت عنها؟ ‏
بداية، لم أختر النيابة، بلهي التي اختارتني. وليس بالضرورة أن يكون المرء نائباً في البرلمان ليعبر عن جوهرالسلطة، وفي اتجاه آخر نرى أن الشارع يمتلك سلطة مؤثرة تعادل السلطة الموجودة فيالمؤسسات الحكومية وربما أكثر. وواجب المثقف أن يقود السلطة وهذا ما لم يحدثباعتقادي من أيام أرسطو، وسقراط ولنضرب مثالاً على ذلك المعتزلة في أيام الخليفةالمأمون الذي قام بتعذيب كل من يعادي أفكارهم، ثم بعد سنوات انقلب المأمون لصالحالطرف الآخر. وكلنا يؤمن بأن المعتزلة من أعظم المفكرين فهل استطاعوا أن يقودواعربة السلطة؟. المثقف الحقيقي ينتهي دوره عندما يصبح في السلطة. ‏
ما هو جديدك في الكتابة؟ ‏
رواية ستصدر قريباً عنالهيئة العامة للكتاب في سورية بعنوان «السيرة الحلبية» وهي رواية دفاع عن القيمالمنتهكة على مستوى الحياة الاجتماعية والأدب، وأخص بها التلفاز.. أكتب فيها عنذكرياتي في مدينة حلب التي تآمر عليها تجار البناء، فخدشوا ذكرياتها التاريخية،وخلفت بعض البلديات القذارة في الشوارع، والفوضى في السير وفوضى البناء الحديث،وساهمت الأجهزة في تخريب قيم كثيرة، ورغم ذلك أحب حلب وأدافع عنها. كما العاشقلامرأة يعرف أنها سيئة السلوك لكنه يحبها. ‏
أهم أعماله الروائية ‏
شتاء البحر اليابس- أحضانالسيرة الجميلة- أحزان الرماد- زهرة الصندل- بيت الخلد- حكايات الهدهد- باب الجمر- ملحمة القتل الصغرى. ‏
مجموعات قصصية ‏
دماء في الصبح الأغبر- الطين وزمن الشجيرات القصيرة- التقرير وموت الحلزون- الأعشاب السوداء- خان الورد... فضلاً عن المسرحيات التي مثلتها الفرق المسرحية العربية وحققت حضوراً جماهيرياًواسعاً. ‏

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.