تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أبو جانتي كثير من التكرار قليل من الكوميديا

محطة أخبار سورية

قبل سبعة مواسم درامية رمضانية، وفي الجزء الثالث من المسلسل الكوميدي الساخر «بقعة ضوء» قدم الممثل سامر المصري لوحة حملت عنوان «أبو جانتي .. ملك اللانسر» لاقت هذه اللوحة نجاحاً كبيراً واستثنائياً واعتبرت في ذلك الوقت واحدة من أنجح لوحات «بقعة ضوء» وأكثرها شعبية وإضحاكاً، هذا ما شجع الفنان سامر المصري بالتعاون مع الكاتب رازي وردة على تحويل وتطوير اللوحة وكتابة مسلسل كوميدي يحمل الاسم نفسه يمتد إلى ثلاثين حلقة كاملة من النوع المنفصل المتصل، ما تطلب بالضرورة خلق مجموعة من الشخصيات الأخرى الموازية والمتفاعلة مع شخصية أبو جانتي -التي لعبها المصري أيضاً- مثل سامية الجزائري وتاج حيدر –والدة وشقيقة أبو جانتي- وجماعة من الأصدقاء، لعب الأدوار كل من أيمن رضا وأندريه سكاف، فادي صبيح ونزار أبو حجر وخالد تاجا وشكران مرتجى، استطاع كل منهم خلق وابتكار قالب وتفاصيل كوميدية لشخصياتهم، أما الحبكة والأحداث فقد اعتمدت بشكل أساسي على عدد كبير من ضيوف المسلسل الذين يقود القدر كل واحد منهم إلى الركوب في سيارة أبو جانتي "اللانسر" التي يكن لها محبة واحتراما كبيرين، لتنشأ علاقات مختلفة بين أبو جانتي وركابه الذين لا يتوانى أبداً في اقتحام حياتهم والتدخل في تفاصيلها الخاصة على نحو طريف وإن كان على حساب عمله وكسب رزقه، كما يحاول مساعدة الجميع ويسعى إلى حل مشاكلهم مما يخلق مفارقات وأحداث طريفة ومضحكة.
لكن مع تقدم حلقات المسلسل بدأت الكوميديا تنحسر وتتراجع تدريجياً لأسباب كثيرة أهمها تقديم شخصيات نمطية بالمطلق –باستثناء ضيوف الحلقات- التي باتت تكرر نفسها وكلامها وحركاتها مما أفقدها بريقها الذي بدأت به، أيضاً اعتماد مخرج العمل زهير قنوع على كوميديا قائمة على التلاعب بالألفاظ بشكل أساسي، والابتعاد عن كوميديا الموقف أو المفارقات في الأحداث، فالأغنيات التي يقدمها أبو جانتي ويعتمد فيها على الخلط بين المفردات العربية مع الانكليزية باتت مكررة، هذا ما ينطبق أيضاً على أيمن رضا في طريقة كلامه «ومعاكسته» للنساء والفتيات في السوق وأندريه سكاف في علاقته مع محمد قنوع صاحب الشقة التي يتورط معه في طلائها بالدهان، وفادي صبيح في طموحه باللعب كحارس مرمى في الدوري، يبقى ضيوف الحلقات -التي خصص المخرج حلقتين متتاليتين لكل واحد منهم- هم الحامل الرئيس للعمل.
إلى الآن بعد أن وصل «أبو جانتي» إلى نصف حلقاته الثلاثين نجح المصري في لعب الشخصية التي يمكن اعتبارها جديدة على ساحة الكوميديا المحلية، بطيبتها وحبها لبلدها واندفاعها نحو فعل الخير ومساعدة الجميع بمن فيهم زبائن سيارة الأجرة التي يعمل عليها، لكن المبالغة والتكرار في ذلك كله أبعدت الشخصية وبالتالي المسلسل عن المنطقية والواقعية، ففي إحدى الحلقات يطرد أبو جانتي بدافع الوطنية المفرطة شاباً يحاول الوصول بسرعة إلى إحدى سفارات الدول الأجنبية ليلحق دوره في تقديم طلب الهجرة، معتبراً أن كل من يغادر وطنه ليس جديراً بالانتماء له! وفي حلقة أخرى يترك عمله ويسافر إلى طرطوس لا لشيء سوى تبرئة زوجة أمام زوجها لأنها اتصلت به على هاتفه المحمول بطريق الخطأ، ليقضي يومين دون عمل، وفي طريق عودته يلتقي بفتاة في منطقة غير مأهولة ويقلها معه إلى دمشق، نكتشف لاحقاً أنها لم تكن سوى شبح فتاة توفيت منذ 3 سنوات في مشاهد غير مبررة خلت تماماً من الضحك أو المنطقية في الوقت نفسه، ترى هل هي محاولة لإطالة الحلقات؟ أو إدخال المشاهد في دوامة من التساؤلات؟ وبدل أن يغضب أبو جانتي من لص حاول سرقة منزله وكشف عورة أهل داره يتعامل معه بطيبة مفرطة غير منطقية لدرجة تدخله السجن معه وهو يبحث له عن عمل شريف، إذاً يقضي أبو جانتي ساعات طويلة من يومه في منادمة أصدقائه ومحادثة ومحاورة زبائنه، أما الرزق فهو على الله، لانعرف ما يخبئ لنا سامر المصري في عمله « أبو جانتي» مع أصدقائه وزبائنه، لكن إلى الآن يبدو أن كل ما أراد قوله قدمه ليس في حلقات المسلسل الأولى، إنما في اللوحة القديمة المكثفة والاستثنائية على جميع المقاييس.
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.