تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الكتابة المسرحية في سورية تنتظر نعوتها وتقبّل العزاء

محطة أخبار سورية

 عوامل عديدة ساعدت على خلق ما يسمى «أزمة المسرح السوري».. هذا المصطلح تكرس عبر سنوات مضت، وبات يردده العديد من المبدعين السوريين في أوساطنا الثقافية، وفي حال تقبلنا وجود هذه الأزمة بما تحتويه من خيبات وانكسارات، وبالبحث السريع عن مسبباتها، نجد أن غياب الكتابة للمسرح هي من أهم أسبابها على الإطلاق.

لا نبالغ إذا قلنا بأن النصوص المسرحية التي يقدمها مجمل الكتّاب في سورية قليلة جداً، إن لم تكن نادرة تماماً، وإن وجدت بحال من الأحوال فهي تشكل قاعدة صلبة، لخلق حالة صحية من الحركة المسرحية التي تحفز المخرج المسرحي على اختيار أحدها لتقديمه على خشبات مسارحنا التي تصفر فيها الرياح، وتحولت بقدرة قادر إلى بيوت تلعب فيها الأشباح.

أسماء كبيرة شكلت اللبنة الأساسية للنص المسرحي السوري، قلباً وقالباً، مثل محمد الماغوط وسعد الله ونوس اللذين غيبهما الموت، ووليد إخلاصي وفرحان بلبل اللذين توقفا عن الكتابة المسرحية لأسباب لم يبوحا بها. مع غياب البعض وتوقف البعض الآخر، أصيب المشهد المسرحي السوري بحالة شلل تامة فيما يتعلق بتداول نصوص مسرحية جديدة، بالمقابل نجد إدارة المعهد العالي للفنون المسرحية تتخذ قرارات اعتباطية غير مدروسة قبل سنوات عدة، مثل قرارها المتضمن رفض كتابة نصوص مسرحية لتقدم كمشاريع تخرج، والتي جرت العادة عبر سنوات طويلة أن يقدمها طلاب قسم النقد والدراسات المسرحية، بحجة أن مجمل ما يقدم إليهم لا يصل بشكل مقبول أو مقنع، لذا اكتفت إدارة المعهد بقبول الدراسات وألغت النصوص المسرحية التي وجد فيها بعض الطلبة فرصة حقيقية لتقديم ذاتهم الإبداعية، بغض النظر عن سياسة البحث المنهجي التي باتت الشكل الوحيد والثابت الذي يمنحهم فرصة التخرج.

كما نجد بعض المخرجين السوريين يتابعون عملهم على نصوص مسرحية عالمية (وليد قوتلي، ماهر صليبي وغيرهم) أو يعملون على إعداد رواية عالمية أو مجموعة قصصية وتحويلها إلى شكل مسرحي (غسان مسعود)، كل هذا ساعد على الاستغناء عن الكاتب المسرحي بشكله التقليدي وتحوله تدريجياً إلى الكتابة الإبداعية في مجالات أخرى أهمها الدراما التلفزيونية التي استقطبت كتّاباً مسرحيين هامين، مثل الراحل ممدوح عدوان.

 بدورها وزارة الثقافة لم تحرك ساكناً أمام مسألة غياب الكتابة المسرحية، مكتفية بالإعلان عن بعض المسابقات للكتابة المسرحية، تجاهلها الجميع بسبب جوائزها المادية المخجلة بحق، والتي لا تتناسب مع الأسماء الثقافية الكبيرة ولا حتى الواعدة، لكن في الوقت نفسه قدّم عدد من الشباب السوريين تجارب مسرحية مختلفة، اعتمدت بشكل مباشر على الكتابة الدراماتورجية، بمعنى الكتابة للتمثيل على الخشبة دون الدخول بمرحلة الاعداد أو بروفات الطاولة، كما سرت عليه العادة مع التجارب المسرحية التقليدية، منها التجربة الهامة التي قدّمها الممثل والمخرج عبد المنعم عمايري في«صدى»، «كسور»،«تكتيك»، والمخرج الشاب أسامة حلال في«حكاية علاء الدين» و«الدون كيشوت» وغيرهم، لكن على الرغم من الأصداء الإيجابية التي حققتها مجمل هذه التجارب، لم تخلق توازناً وحضوراً يملأ الفراغ والخواء المسرحي، بقيت تقدم بشكل فردي ارتجالي تأتي بين الحين والآخر بفترات متباعدة، كنا نتمنى بحق أن تشكل تياراً مسرحياً خاصاً ومحلياً يمتاز بالديمومة والاستمرار بغض النظر عن التقييم النقدي المتباين الذي واكبها.

 لقد دخلت الكتابة المسرحية مرحلة العناية المشددة، بعد أن أصيبت بنكبات متلاحقة، لا تزال الفرصة متاحة أمام الجهات الرسمية وغير الرسمية لإنعاشها وإعادتها للحياة وإلا سيعلن المثقفون أنفسهم عن موتها وينعونها، كل على طريقته.

  

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.