تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حين يخدعنا نضال سيجري

 

 
محطة أخبار سورية
نعم لقد خدعنا نضال سيجري في عرضه «نيكاتيف» الذي قدم على خشبة القباني ، خدعنا ، ولم نكتشف خدعته إلا بعد مرور أربعين دقيقة على مرور العرض، حين اكتشفنا أن هؤلاء الذين ازدحموا في غرفة التصوير ليسوا إلا (مجانين)...وهنا تكمن المأساة، مأساتنا جميعاً.. ونحن نكتشف أننا خدعنا من قبل مجانين.
 
وهنا تطل لعبة السيجري المسرحية الذي أراد أن يتقن خداعنا فورّطنا بالسؤال الذي يخص العقل الذي ندعيه وهو: (هل نحن عقلاء حقاً ؟).. سؤال أجبرنا عليه لأننا كنا ببساطة أمام لوحة اجتماعية معاصرة تخصنا جميعاً تضمنها هذا العرض المضبوط من حيث الإيقاع والمتعة والفائدة والمشاكسة أيضاً لشخصيات أوصلها بؤس الواقع وشروطه الظالمة إلى الجنون. ‏
 
ولعل تلك الشخصيات التي ظهرت لنا عاقلة في بداية العرض واكتشفنا بعد ذلك جنونها تمثلنا نحن الذين قدمنا إلى هذا العرض بكامل أناقتنا وعقدنا التي طمرناها وخبأناها تحت ثيابنا وخلف ابتساماتنا الصفراء، ولعل تلك الشخصيات أرادت أن تقول لنا: انتبهوا إلى تلك الأدمغة التي تحملونها هل هي لكم؟
 السيجري الذي أوغل في لعبته المسرحية متجاوزاً دائماً حدوده نحو حدود جديدة خطوطها الإبداع، استخدم الجملة الذكية الخاطفة السريعة اللماحة، جملة مسرحية تجرحنا بمنتهى الحب، ولعلها تعيد رسم ملامحنا بعد مشاهدتها، هذا هو المسرح فن مدهش محير يغيرنا من الداخل. ‏
 
خلف هذا الجنون لشخصيات العرض مساحة هائلة من المعاناة، معاناة نفسية قوامها الغربة وعدم الاعتراف بما هو إنساني، فتلك المرأة التي تتحدث عن زوجها ومعاناتها معه نكتشف مدى الفقر والاغتراب في علاقتها به، وهذا الزوج العسكري الجنرال الذي يهجم علينا بعقله العسكري ماهو إلا رجل وحيد لم يخدم الإلزامية مطلقاً...عسكري يحمل على صدره أوسمة لحروب عاشها، هنا ينفتح المشهد إلى غابة العسكر التي تتحكم في العالم أجمع. ‏
 
حيث تسود عقلية (نفذ ثم اعترض)، عقلية تعمم الاضطهاد والرعب والفقر والقسوة. ‏
وذاك العاشق الذي يجيد العزف على الإيقاع يعيش أيضاً غربته فتلك المرأة التي أحبها تحب إيقاعه فقط.
 والمشهد مليء بالجنون العام فعادل الذي يدعي تصوير هذه المجموعة يرقص على إيقاعها (يمين يسار نص)، ولحظة الوقوف أمام الكاميرا ليست سوى خدعة مسرحية لأن تلك الشخصيات اقتنصت هذه اللحظة لتبوح بداخلها المليء بالصراخ والآه! ‏
 
أراد السيجري في عرضه أن يداعبنا عبر المسرح فانجر إلى أكثر من حدود المسرح الجغرافية حيث يسود الجنون هذا العالم، أراد حفيد سرجون أن يقول الكثير وأراد أن يمتعنا أيضاً، فأوقعنا في حباله الفنية وتركنا طوال ساعة نتأمل حالنا العام وتلك الصورة ليست إلا صورة هذا العالم المجنون، صورتنا ونحن نحاول قدر المستطاع إخفاءها. ‏
 
في الحديث عن الممثلين نقول إنهم أجادوا لعبة التمثيل فأوصلونا إلى تلك الأسئلة التي يريدها العرض.. إنهم ممثلون خدعونا بعقلهم لنكتشف جنون هذا العالم، لنكتشف جنوننا! ‏
 
وهم (رغداء جديد– بسام جنيد– نجاة محمد– مصطفى جانودي– الحسن يوسف– هبة ديب– هاشم غزال). ‏
 
هذا العرض من إنتاج الاتحاد الوطني لطلبة سورية وجاءت مشاركته في مهرجان دمشق المسرحي الخامس عشر ضمن تظاهرة المنصة المسرحية لحوض المتوسط. ‏
 
يقول نضال السيجري الذي كتب وأخرج هذا العرض: (يمكن أحلى ما في الصورة، أنها ما بتكبر...كل اللي بيتصوروا بيكبروا وبيروحوا وهي بتبقى بنفس اللحظة) الصورة ‏
 
ذاكرة تدعو للابتسامة أحياناً والشعور بالاشتياق والحنين أحيانا أخرى.. برغم قهرنا ووجعنا وانتكاساتنا..أثناء أخذ الصورة نبتسم ولكن لا نعرف لماذا ؟؟؟؟) ‏
 
(نيكاتيف) لوحة مسرحية من إبداع فنان يعرف تماماً ماذا يريد وماذا يفعل وصوته المبحوح الذي ناشدنا لنضع هواتفنا على الصامت، هذا الصوت كان دافئاً بما فيه الكفاية لنحبه ونعاتبه قائلين: لماذا كل هذا الوجع يا

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.