تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

زيارة بابا الفاتيكان للديار المقدسة في ايار القادم

 

أضواء وملاحظات وتحفظات وتوقعات.. زيارة البابا للأردن والديار المقدسة
 
 
ماذا سيقول البابا للإسرائيليين وهل سيصغون إليه
 
الوجود العربي المسيحي في الديار المقدسة أحد
أهم القضايا المطروحة على بساط البحث
 
 
أكد الفاتيكان أن البابا بندكت السادس عشر سيقوم بزيارة حج للديار المقدسة في شهر أيار القادم. وستشمل الزيارة كلاً من الأردن وفلسطين و"اسرائيل" وأن الترتيبات الخاصة بهذه الزيارة قد أوشكت على الانتهاء إذ أن لجنة خاصة من الفاتيكان زارت المنطقة مؤخراً ووضعت اللمسات الأخيرة لهذه الزيارة.
 
برنامج واسع وشامل في الأردن
برنامج الزيارة يشمل زيارة الأردن في الفترة الواقعة بين 8 و11 أيار القادم إذ يصل قداسته الى عمان بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 8 أيار 2009، ومن المتوقع أن يكون في استقباله الملك عبد الله وكبار المسؤولين الأردنيين. وسيقوم قداسته يوم السبت (9/5/2009) بزيارة الجانب الشرقي من نهر الأردن حيث سيضع حجر الأساس لبناء كنيستين على النهر هما لكنيسة اللاتين، ولكنيسة الروم الملكيين (الكاثوليك)، وسيزور أيضاً مادبا والمناطق الأثرية والمقدسة. ويوم الأحد الموافق 10 أيار سيترأس قداسته القداس الكبير الذي سيُقام في استاد عمان الدولي يشارك فيه عشرات الآلاف من أبناء الأردن ، وخلال زيارته للأردن سيلتقي قداسته رؤساء الكنائس في الأردن ويبحث معهم القضايا المشتركة. وسيغادر قداسته الأردن صباح يوم الاثنين الموافق 11 أيار متوجهاً إلى مطار اللد بعد أن يكون قد أمضى ثلاثة أيام في المملكة
 
 
البرنامج في الاراضي العربية المحتلة
سيكون شمعون بيرس في استقبال البابا عندما يصل الى مطار اللد قبل ظهر يوم الاثنين 11/5/2009، وخلال هذا اليوم سيلتقي البابا بنيامين نتنياهو وحاخامين اسرائيليين. وسيزور البابا متحف (المحرقة) المعروف باسم "ياد فاشيم"، وقد تم الاتفاق على إزالة أو تغطية صورة البابا بيوس الثاني عشر المعلقة على جدران المتحف والذي يتهمه اليهود بالتقصير في الدفاع عنهم خلال المحرقة التي تعرضوا لها على يد النازية إبان الحرب العالمية الثانية. وسيقيم قداسته قداساً احتفالياً في كنيسة الجسمانية بالقدس، (في بستان الكنيسة) يوم الثلاثاء 12/5/2009 سيحضره الآلاف من المؤمنين في الديار المقدسة. ويوم الأربعاء 12/5/2009 سيقيم قداسته قداساً كبيراً في ساحة المهد بعد أن يستقبله الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مدينة بيت لحم، وبعد انتهاء القداس سيقيم الرئيس عباس مأدبة غداء على شرف الضيف الكبير، وبعد ذلك سيزور قداسته مخيم عايدة للاطلاع على معاناة أبناء المخيم، وسيرى جدار الفصل العنصري وكذلك يتفقد بعض المشاريع التي نفذت في المخيم بدعم من المؤسسات الكاثوليكية في الديار المقدسة.
ويوم الخميس الموافق 13/5/2009 سيزور قداسته منطقة الناصرة حيث سيقيم قداساً احتفالياً كبيراً على جبل القفزة يشارك فيه رؤساء الكنائس في الديار المقدسة وسيحضره عشرات الآلاف من المؤمنين.
ويوم الجمعة الموافق 14/5/2009 سيغادر قداسته عبر مطار اللد عائداً إلى حاضرة الفاتيكان.
 
دعم لحوار الأديان
ستشمل زيارة قداسة البابا للديار المقدسة عدداً من الجولات واللقاءات لتعزيز الحوار بين الديانات السماوية الثلاث ومن بينها لقاء موسع سيرعاه يعقد في مركز النوتردام بالقدس يشارك فيه رجال دين من الديانات الثلاث، شيوخ وحاخامات ومطارنة وبطاركة... وسيزور قداسته الحرم القدسي الشريف ويلتقي بأعضاء الهيئة الإسلامية العليا. وسيزور أيضاً حائط المبكى. وسيدعو قداسته خلال لقاءاته الى تعزيز العلاقة بين الديانات السماوية وسيشجع على مواصلة الحوار الأخوي بعيداً عن أي تعصب وتشنج إذ أن القواسم المشتركة هي أكثر بكثير من "نقاط" الخلاف أو الاختلاف في وجهات النظر.
ومن المتوقع ألا ينجح اللقاء الذي سيعقد في مركز النوتردام بالقدس لقادة الديانات السماوية الثلاث لأن الوضع السياسي لا يسمح بذلك أولاً، ولأن قادة الدين الإسلامي في الديار المقدسة لا يتحاورون مع رجال دين يهود لا يقفون إلى جانب العدل، بل يقفون إلى جانب الظلم والقهر والقمع ضد شعبنا الفلسطيني ولذلك سيكون اللقاء محدوداً بمشاركة رجال دين محدودين.
 
ملاحظات وتحفظات على التوقيت
أبدى أبناء شعبنا الفلسطيني تحفظاتهم على برنامج الزيارة وتوقيتها من خلال السلطة الفلسطينية التي اجتمعت الى اللجنة البابوية الخاصة التي زارت الديار المقدسة لوضع برنامج الزيارة. ومن هذه التحفظات:-
1. جاء توقيت الزيارة غير مناسب إذ أنها تتم بعد عرض برنامج تلفزيوني اسرائيلي في القناة العاشرة تم فيه التهكم والاعتداء على السيد المسيح وعلى أمه العذراء مريم، تبعه برنامج استهزائي تهكمي آخر تعدى على النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم )واستفز مشاعر المسلمين في الديار المقدسة والعالم.
2.     وجاء الإعلان عن هذه الزيارة بعد رضوخ البابا للضغوطات اليهودية والصهيونية وإعادة تجديد
      الحرمان على ثلاثة من الأساقفة الكاثوليك، وفي مقدمتهم الكاردينال ريتشارد وليامسون، بعد أن ألغى قداسته الحرمان الذي استمر أكثر من أربعين عاماً. وقامت الدنيا ولم تقعد لأن الأسقف وليامسون قال في مقابلة صحفية إن عدد ضحايا المحرقة النازية من اليهود لا يتجاوز الثلاثمئة ألف نسمة، واعتبرت اسرائيل وداعموها هذا التصريح بمثابة تعد صارخ على السامية، وقام الحاخامون اليهود بتعليق الحوار مع الفاتيكان، فاضطر البابا لمسايرتهم، وإعادة فرض الحرمان على المطارنة الثلاثة.
3.     ولا ننسى أن هذه الزيارة تأتي بعد أشهر معدودة من العدوان الاسرائيلي الشرس على قطاع غزة، وما زال القطاع المدمر محاصراً، وينتظر الإعمار، ولم يصدر الفاتيكان بياناً يشجب وبشدة هذا العدوان، بل كان بيانه خجولاً إلى حد كبير.
4.     وتأتي الزيارة بعد أسبوع من انتهاء احتفالات اسرائيل بإقامة الدولة، وفي الوقت الذي يستعد فيه الفلسطينيون لإحياء الذكرى الـ 61 لنكبة 15 أيار 1948.
 
تحفظات على البرنامج
طلب الفلسطينيون أن يتضمن البرنامج زيارة البابا لمنطقة المغطس على نهر الأردن ومنطقة أريحا وخاصة جبل القرنطل، جبل التجربة، إلا أن لجنة إعداد الزيارة البابوية اكتفت بزيارة البابا للجانب الشرقي من النهر فقط، ووضع حجر الأساس لكنيستين هناك.
وكذلك فإن البرنامج يبدأ بزيارة مؤسسة "ياد فاشيم" وكأن الزيارة تهدف إلى إرضاء الاسرائيليين قبل أي شيء آخر، وهذه الزيارة تستسفز مشاعر المسيحيين والمسلمين على حد سواء لأنه لو كانت زيارة هذا المتحف في فترة أخرى لكان الوضع أقل استفزازاً..
ويحاول الاسرائيليون إعطاء انطباع على أن الزيارة هي رسمية وسياسية، وليست حجاً وذات طابع ديني محض. وأعلن الرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس أنه ينوي مرافقة البابا في كل نشاطاته وفعالياته مع أن الفاتيكان لا يريد ذلك، ويصر على أنها زيارة دينية صرفة. وإذا قام بيرس بمرافقة البابا في كل برنامجه في القدس والناصرة فإنه سيستفز المسيحيين كثيراً، وقد يسيء إليهم كثيراً.
 
المواضيع المطروحة للبحث
لا شك أن البابا وخلال لقائه كبار المسؤولين الاسرائيليين سيطرح العديد من القضايا المهمة التي لها علاقة بتعزيز أو الحفاظ على الوجود المسيحي. ومن هذه القضايا:
·        إعفاء المؤسسات الكنسية من الضرائب وعدم مواصلة ممارسة الضغوطات عليها ومطالبتها بدفع ضرائب وبأثر رجعي لأن ذلك يعني التعامل مع الكنائس والأديرة وكأنها متاجر وليست أماكن دينية مقدسة.
·        ضرورة تسهيل الحصول على تصاريح لأبناء الشعب الفلسطيني وخاصة المسيحيين للعمل داخل اسرائيل، وسيشدد على ضرورة توفير حرية العبادة للجميع.
·        وقف سياسة "التنكيد" على الكنائس المسيحية من خلال رفض إعطاء تأشيرات لرجال الدين المسيحيين القادمين من العالم العربي لتأدية خدماتهم الدينية في الأماكن المقدسة. وسيطالب بإلغاء هذه السياسة والسماح لرجال الدين بالقدوم إلى الديار المقدسة وتأدية واجباتهم على أكمل وجه.
·        الهجرة المسيحية العربية للخارج تقلق الفاتيكان، ولذلك سيطالب البابا بضرورة منح جمع شمل العائلات للشبان والشابات المسيحيين والمسيحيات الذين يرتبطون بالزواج مع إخوانهم أو أخواتهم من الضفة الغربية، لأن في ذلك وسيلة لإبقاء المسيحيين في الديار المقدسة، ووقف حضهم على المغادرة أو الهجرة وخاصة إذا كان ارتباطهم الزوجي مصدر عائق وتنغيص على حياتهم المشتركة..
·        ولن يتردد البابا في مطالبة اسرائيل بالمضي قدماً في العملية السلمية، وفك الحصار عن القطاع وعن الشعب الفلسطيني وتسهيل حياة الفلسطينيين اليومية..
لا شك أن الزيارة مهمة جدا، وستكون لها تغطية اعلامية كبيرة، وستتابع من قبل الجميع، ولكن نتائجها لن نستطيع تقييمها الآن إلا بعد أن تتم، ونعرف هل أصغى المسؤولون الاسرائيليون لمطالب البابا، أم أنهم سمعوها وما إن يغادر حتى   "يطنشوها".
لا بدّ من القول أن للفاتيكان أثره الكبير على اسرائيل إذا قصد ذلك، ولا بدّ من الاشارة إلى ضرورة إثارة موضوع مهم ألا وهو السماح بعودة المطران ايلاريون كبوشي، أمير المبعدين إلى القدس لكي يمضي ما تبقى من حياته فيها.. لان أمنيته أن يقضي بقية حياته في القدس، فهل هذا الموضوع يُثار ويدرس ويطرح أم أن اسرائيل سترفض حتى طرحه... وهذا لا يعتمد إلا على البابا وعلى اللجنة البابوية التي تعد ملفات القضايا القابلة للبحث... وكل الأمل أن يكون موضوع عودة المبعدين الفلسطينيين عن ديارهم وأميرهم المطران كبوشي من المواضيع المطروحة والتي سيطالب الفاتيكان بتنفيذها.
 
نقلا عن مجلة البيادر السياسي المقدسية
بقلم جاك خزمو –رئيس التحرير

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.