تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ماذا سيبحث مبارك في واشنطن

مصدر الصورة
sns

  يزور الرئيس المصري حسني مبارك واشنطن في الشهر القادم، وهذه لن تكون زيارة عادية لمبارك الذي ابتعد عن العاصمة الأمريكية طوال ست سنوات، ردا على ما اسماه "السياسة الأمريكية المعادية لمصر" التي اتبعها الرئيس السابق جورج بوش.

          مبارك لم يقصد في ذلك تكاسل وتقاعس بوش السياسي في كل ما يتعلق بعملية السلام فقط ولا لاحتلاله للعراق ، وانما بالاساس للضغط الفظ الذي مارسته واشنطن بصدد حقوق الانسان في مصر والموقف من الطائفة القبطية الكبيرة، هذا التدخل تمخض عن تقليص 200 مليون دولار من المساعدات الامريكية المقدمة لمصر، ومع انتخابه للرئاسة اتصل، براك اوباما بمبارك ودعاه شخصيا لزيارة واشنطن من اجل فتح صفحة جديدة في العلاقات، مستشارو مبارك ووزير الخارجية احمد ابو الغيط وابنه جمال يعكفون منذئذ على الاعداد المحموم لتلك الزيارة، جمال مبارك التقى هو الاخر في الشهر الماضي برؤساء اللجنة اليهودية الامريكية من اجل توضيح سياسة مصر في الولايات المتحدة.
          هناك أمور كثيرة ملحة سيسعى مبارك لطرحها خلال ذلك اللقاء ، أولها هو التهديد الإيراني والمقصود ليس فقط القدرة النووية. مصر تخشى من ترسيخ مكانة إيران في المحيط العربي في ظل مساعي اوباما لفتح حوار معها، الأمر الذي يوجه رياح دافعة لهذا الاتجاه. في الأسبوع الماضي سمعت عدة اصوات جديدة من مصر بصدد ايران. ابو الغيط مثلا أوضح بان مصر لا تعارض الحوار الأمريكي مع إيران وانه يعتقد بوجوب التعاون معها في القضايا الدولية. مع ذلك اضاف وزير الخارجية بان "مصر لن تسمح للدول الأجنبية مثل ايران بالتدخل بالشؤون الداخلية وتهديد أمنها والسيطرة على المحيط العربي". مبارك سيرغب في ان يسمع من أوباما توضيحات حول سياسته نحو إيران وان يضمن له بأنه ليس هناك تغير في السياسة تجاه الدول العربية.
          بامكان مبارك ان يكون راضيا على الأقل في قضية واحدة: اوباما سيلقي خطابا تاريخيا للمسلمين والعرب خلال زيارته القادمة لمصر في مطلع حزيران، كامتداد لندائه التصالحي مع العالم الاسلامي الذي صدر عنه في انقرة في الشهر الماضي، بصورة استثنائية وبعد زيارة القاهرة لن يأتي اوباما لاسرائيل وانما سيواصل طريقه نحو معسكر الاعتقال النازي في بوخنفالد ومن هناك الى نورماندي احتفالا بالذكرى 65 لذلك الهجوم.
          مبارك يجري مشاوراته مع القادة العرب قبيل زيارته لواشنطن ومن بينهم عباس وعبدلله ملك الاردن وملك السعودية لدراسة امكانية اقتراح صيغة محسنة للمبادرة العربية. بعض التلميحات حول ذلك التغيير في صيغة المبادرة نشرت في الأيام الأخيرة في وسائل الإعلام العربية، الا ان سوريا أوضحت انها ستعارض اي تغيير، فهل هناك امكانية لصيغة جديدة في ظل الموقف السوري "اسرائيل ستنتظر لسماع ما سيقوله بنيامين نتنياهو في واشنطن وبعد ذلك ستدرس مفاوضات المصالحة بين الفلسطينيين التي ستستأنف في الاسبوع القادم حينئذ ستقرر ان كان هناك اساسا لاقتراح بادرة جديدة" يقول باحث بارز في مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية.
          ولكن عدا عن القضايا السياسية الثقيلة سيسعى مبارك الى تقديم ابنه جمال لاوباما. هو لن يقول صراحة بانه سيكون خليفته في الحكم لان ذلك سيؤدي على الفور الى اندلاع مظاهرات عاصفة في مصر، ولكنه سيرغب في معرفة موقف الادارة الامريكية من ابنه.
          جمال مبارك يمسك بزمام عدة مهام متزايدة خلال العامين الاخيرين. هو يتبوأ المنصب الرفيع كنائب للامين العام للحزب الوطني الحاكم وهو يترأس لجنة التخطيط السياسي في الحزب، وفي الشهر الماضي كان على رأس وفد مصري للولايات المتحدة وهو يشارك في بلورة السياسة الاقتصادية في مصر. سيكون كافيا ان عانق اوباما جمال بحركته المعتادة ونشرت صورة الاثنين في مصر من اجل التلميح للجمهور بموقف الادارة من الوريث القادم.
          تسريب غير نووي بقايا اليورانيوم المخصب الموجودة في مصر تغيظ السلطات هناك ليس بسبب الاكتشاف وانما بسبب التسريب تحديدا. من الذي كانت لديه مصلحة لتسريب هذه الفقرة في تقرير وكالة الطاقة الدولية السري؟ يتساءل المصريون. مصر اعطت توضيحاتها للجنة واللجنة قالت بدورها بان اثار اليورانيوم لا تشير الى وجود نشاط نووي. ولكن مثل هذا التقرير لا يساعد دولة تدير حملة لمنع نشر السلاح النووي وتطالب اسرائيل بان تدخل في خطة نزع هذا السلاح.
          مصر التي تمتلك مفاعلين تجريبيين صغيرين، قررت مؤخرا فقط بانها تريد دراسة امكانية اقامة مفاعلات نووية لانتاج الكهرباء، ولكن الاستثمارات الكبيرة تخيفها على ما يبدو. في الاسبوع الماضي اعلمت الشركة الامريكية ديكتال بانها تعتبرها من الان غير مرشحة لدراسة احتمالية اقامة مثل هذه المفاعلات، وهي تدرس امكانية نقل العقد لشركة استرالية. مصر تدعي ان ديكتال التي فازت بالعطاء في العام الماضي لم تلتزم بتعليمات القانون المصري. ولكن يبدو ان السبب الاساسي للبيان هو ان مصر ما زالت غير حاسمة لامرها بصدد المشروع كله.
          ثلاث سنوات مرت منذ ان اعلنت مصر عن خطتها لبناء مفاعلات نووية لانتاج الكهرباء، ووفقا للوتيرة الحالية – يبدو ان مدة طويلة ستمر الى ان يبنى مثل هذا المفاعل. لا غرابة اذا ان نجاح ايران بانتاج اليورانيوم المخصب يدخل مصر في هزة. ليست الذرة الايرانية بحد ذاتها هي التي تغيظها بل قدرة دولة خاضعة للعقوبات بانتاج مثل هذه التكنولوجيا بينما لا تنجح هي في اجتياز العتبة التكنولوجية وهذا امر يمس كثيرا بمكانتها الاعتبارية.
                                                                                                                                                                                                                                  صحيفة هآرتس 13/5/2009

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.