تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ليبرمان يزيد عداء العالم لاسرائيل

 

          قبل أقل من اسبوع خطب خافيير سولانا، المسؤول عن السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خطبة في لندن. سولانا شخص اعتاد اريئيل شارون على أن يلقبه باستخفاف "الكافيار"، أعلن بالفعل بأن دول القارة ستؤيد حلا مفروضا للنزاع. يجب تحديد اجل مسمى للتفاوض قال الدبلوماسي الرفيع المستوى، وان يعترف مجلس الامن بدولة فلسطينية وان لم يتوصل الاسرائيليون والفلسطينيون الى اتفاق. يتخذ المجلس، وهو الجسم التنفيذي الاعلى للجماعة الدولية، قرارا يقبل الدولة الفلسطينية في الامم المتحدة عضوا متساوي الحقوق ويحدد "سلطة القرار فيما يتعلق بالنزاعات على مناطق اخرى ويقرر على نحو مشروع نهاية المطالب". كانت تلك جملة دبلوماسية معقدة قال بواسطتها سولانا انه ستفرض على اسرائيل انسحابات اخرى وتقرر الجماعة الدولية اي المطالب العربية تقبل.
          هذا تطور خطر بالنسبة لاسرائيل. فمنذ اللحظة التي يحدد فيها اجل مسمى، يستطيع الفلسطينيون ان يكونوا على ثقة من أن الحل الذي ستقترحه الجماعة الدولية سيكون اسخى مما يقترحه بنيامين نتنياهو. ان مثال الاتفاق بين الطرفين، الذي قاد التفاوض بين اسرائيل والعالم العربي منذ مؤتمر مدريد ينحل.
          نحن بعيدون بعدا كبيرا جدا عن تطبيق مقترح سولانا. من المعقول ان نفترض ان يدفن مثل اكثر مقترحاته في السنين الاخيرة. لكنه برهان آخر على انهيار مكانة اسرائيل في الجماعة الدولية. لا تعوزنا امثلة اخرى في الحقيقة: فقد تبين هذا الاسبوع ان بريطانيا تحدد تصدير السلاح الى اسرائيل، لان الولايات المتحدة تصر على تجميد مطلق للبناء في المستوطنات، وانه تجتمع في جنيف لجنة التحقيق التي تحقق هل قامت اسرائيل بجرائم حرب في "الرصاص المصهور"، ويعلن أبو مازن والفلسطينيون، الذين يشعرون بأن الريح تهب لمصلحتهم انهم لن يتخلوا عن حق العودة. قبل بضعة اسابيع قالت رئيسة المعارضة تسيبي لفني انه توجد علامات سقوط سياسي. كانت تلك لغة غير المبالغة.
          تبدو صورة الوضع المشوهة هذه ازاء تعيين افيغدور ليبرمان وزيرا للخارجية بائسة على نحو خاص. ان ليبرمان، وهو سياسي صاحب قدرة، لا يتحمل تبعة جميع هذه التطورات (لكنه يتحمل تبعة بعضها بالتأكيد). ان المحقق هو انه لا يملك القدرات على مواجهتها. اقترح ليبرمان في زيارته الاخيرة للندن على نظيره البريطاني ديفيد ميليباند ان يأتي ويزور مستوطنة نوكديم التي يسكنها. قد يكون ليبرمان رأى الاقتراح مسليا، لكن البريطانيين أصيبوا بزعزعة. للحقيقة، أعلن ليبرمان نفسه إنه لا يشغل نفسه بالجدل الدولي في تجميد المستوطنات لانه يجري عليه تضارب المصالح لكونه مستوطنا يسكن مستوطنة معزولة. هذا قول سخيف: انه وزير خارجية لا يستطيع ان يشغل نفسه في هذه المسألة الضئيلة الشأن، المستوطنات. في واقع الامر يجري عليه ايضا تضارب المصالح في مسألة أقل شأنا هي مستقبل المناطق. لو كان الحديث عن سيرة حياة ليبرمان ومواقفه، لقلنا ان الامر سهل، لكن المشكلة هي تقديره ايضا: ان فكرة تعيين سياسي للقاهرة – وزير الخارجية الذي اقترح لحينه قصف سد اسوان – اجراء فاشل اخر، ينضم الى سلسلة اللقاءات الصحفية التحرشية التي منحها الصحف في انحاء العالم. في غضون وقت قصير، أصبح وزير الخارجية الدعوى العليا لاعداء اسرائيل في العالم.
          يوجد حتى في سياستنا قواعد غير مكتوبة. فنحن نعين لمنصب وزير الدفاع شخصا ذا تجربة امنية، وانتهى تجاوز هذه القاعدة أخيرا الى لجنة تحقيق رسمية. ونعين لمنصب وزير الخارجية، ولا سيما في حكومة يمين، شخصا يلائم المنصب ملاءمة في الحد الادنى وله مكانة دولية (أتذكرون كيف عين شارون بيرس؟ وبيغن موشيه ديان؟). علم نتنياهو ان ليبرمان كان يستطيع ان يكون وزير خزانة ممتازا. لكنه جعله وزير خارجية والثمن تدفعه اسرائيل.
                                                                                                                             صحيفة معاريف 15/7/2009

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.