تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رغم فشله.. أمريكا تدَّعي نجاح صاروخ حيتس للجم هجوم إسرائيلي على إيران

 

جزيرة سان نيكولاس التي تقع على مسافة 100 كيلو متر غربي ساحل جنوب كاليفورنيا تعتبر "مجالا بحريا" تطلق منها واليها صواريخ بمراحل مختلفة من التجارب العسكرية في التحليق والاعتراض. في صيف 2004 أطلق من هذه الجزيرة صاروخ "حيتس" نحو صاروخ سكاد أطلق من قاعدة برية... الأمريكيون والإسرائيليون ردوا على نتائج تجربة "كرفان 1" من خلال اختلاف في التفسير. الإسرائيليون قالوا إن التجربة نجحت 95% والأمريكيون ادعوا أن الـ 5 في المئة الباقية تعتبر فشلا.
وبعد ذلك بخمس سنوات وتحديدا في الأسبوع الماضي جرت تجربة "كرفان2" وكانت النتائج مشابهة، ولكن ليس في هذه المرة جدل جوهري بين الإسرائيليين والأمريكيين. الجميع راضون. وهاكم العجب العجاب: التجربة نجحت رغم أن الحدث الذي اجتمع من أجله مئات الإسرائيليين والأمريكيين وعكفوا عليه طوال أشهر لم يصل إلى نقطة النهاية، العريس والعروس لم ينفردا معا وصاروخ الحيتس لم يطلق نحو الصاروخ المستهدف الذي أطلق من طائرة نقل من مسافة تزيد على ألف كيلومتر (يبدو ان المسافة 1500 متر) كالمسافة بين إيران وإسرائيل.
المنطق غير السليم الذي يحول الفشل إلى نجاح بزلة لسان يصاغ بطرق مختلفة متباينة بالعبرية والانجليزية. الرد الإسرائيلي الهندسي كان: الأجهزة عملت كما خطط لها. تم التدرب جيدا على التعاون بين الجهات المختلفة كالرقابة والتحكم وإدارة المعلومات والاعتراض من أقمار صناعية ورادار ارضي وطائرات بلا طيار وحاملة طائرات مزودة بصواريخ ستاندرد ومنظومة صواريخ "تاد" وبطارية "الحيتس". بصورة مسبقة تقرر ان الصواريخ الأمريكية لم تطلق وقرار حاسوب الحيتس بعدم إطلاقه نبع من أن كل الظروف المطلوبة للضغط على الزناد لم تتوفر. كما نذكر في عملية "الرصاص المصهور" كان من المفترض لأجهزة الاعتراض الصاروخية أن لا تطلق النار أن كان الصاروخ المهاجم يتوجه نحو البحر او نحو منطقة غير مأهولة بالسكان. صحيح أن التجربة كلفت ملايين الدولارات الا أنهم وفروا ثلث مليون المتمثل بعدم إطلاق صاروخ حيتس.
التفسير للرضا الأمريكي مهما كان وهميا ليس هندسيا وإنما استراتيجيا. من المهم للامريكيين منح إسرائيل الشعور أنها تقترب بوتيرة ملائمة لتحقيق قدرتها على حماية نفسها من الصواريخ الايرانية. لهذا السبب تقوم أمريكا بصرف ملايين الدولارات على منظومة الحيتس وملائمة المنظومة الأمريكية للعمل المشترك بينه وبين بطارية "الباتريوت". لذلك وضع في قاعدة نباتيم في النقب رادار ضخم للاكتشاف المبكر للصواريخ القادمة من الشرق وقل الاكتراث لشكاوي الصناعات العسكرية الأمريكية حول المنافسة من قبل الصناعات الجوية الإسرائيلية إلتا وتاديران المقاولتان الأساسيتان لمنظومة الحيتس وإدارة "حوما" في وزارة الدفاع.
الحساب بسيط ومفهوم لوزير الدفاع روبرت غيتس ومستشار الأمن القومي جيمس جونز اللذان يزوران البلاد في هذا الأسبوع... إسرائيل عارية أمام الصواريخ الإيرانية ذات مدى مثل "كرفان 2" وإسرائيل ستكون حساسة لكل زحزحة وربما أيضاً قد تسارع الى توجيه ضربة وقائية... إن فشل صاروخ الحيتس وضعفت عملية التطوير المرغوبة سيبقى البديل الهجومي قائما لوحده.
السور الذي يفترض به أن يحمي مواطني إسرائيل بقواعدها الجوية والبرية من السلاح الصاروخي هو حلقة واحدة وان كانت هامة جدا في سلسلة توجد في طرفها عملية الحماية الذاتية السلبية (الملاجئ وغيرها من مضادات الأسلحة الكيماوية والبيولوجية) وفي طرفها الآخر القدرة الهجومية. في هذا السور نفسه ستكون هناك طوابق مختلفة من "القبة الفولاذية" المضادة للصواريخ قصيرة المدى مرورا بـ "صولجان السحر" ضد الصواريخ ذات مدى يبلغ عشرات الكيلومترات وبعد ذلك الباتريوت والحيتس وستاندرد الامريكية بصورته البحرية والبرية واخيرا "تاد". هذا السور ما زال يفتقد لطابق علوي لتحطيم الرؤوس الحربية النووية بعيدا عن هدفها وبقرب الدولة التي تطلق منها.
الإيرانيون ليسوا مكتوفي الأيدي كما نعرف. هم يحتاجون لخمس سنوات لاستكمال تطوير الصاروخ العابر للقارات والقادر على ضرب نيويورك وواشنطن الأمر الذي يمكنهم ـ حسب رأيهم ـ من تحقيق الردع في مواجهة أمريكا. حتى ذلك الحين من المحتمل أن يفضلوا إطالة عملية الحصول على السلاح النووي حتى ينتزعوا ذريعة هجمة وقائية ضدهم.
الجدول الزمني للأطراف الثلاثة في الوقت الحاضر – إسرائيل وأمريكا وإيران – متشابه، ولكن في آخر المطاف سيتضح من الذي انتصر في هذا السباق المهاجم أم المدافع عن نفسه. وإن التصقت في عملية التطوير صورة الفشل فان الضغط الداخلي لدى المدافع عن نفسه سيزداد للمسارعة إلى شن هجوم.
                                                                                           صحيفة هآرتس 26/7/2009
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.