من يعرفون جمال مبارك عن قرب يقولون ان مشكلته الكبيرة تكمن خاصة في مزاياه الفطرية. فلولا انه كان الابن المميز لرئيس مصر، لاستطاع ان يستغل قدراته واستعدادته، ومكانته السياسية الرفيعة، وعلاقاته المتشعبة، لكي يفوز في الانتخابات الرئاسية وينزلق بسهولة الى مكان ابيه.
لكن أكان يستطيع ان يجول في الأروقة الصحيحة بغير انتمائه العائلي؟ وهل هو معني حقا بالمنصب؟
ان جمال مبارك، وهو خبير اقتصاد ومصرفي في تخصصه ويرتفع منذ أكثر من عشر سنين ارتفاعا لا ينقطع الى قمة الحزب الحاكم المصري، يتهرب من ذلك. اذا ضيقوا عليه، كما يلمح، فلن يكون لديه مناص سوى ان يسجل نفسه للمنافسة بهدف النجاح والاستمرار على خدمة شعبه.
بمقابل ذلك يعلمون بحزم وبخاصة في واشنطن والاعلام الامريكي ان "سيد المخابرات" القديم، الجنرال عمر سليمان، هو الرئيس المصري القادم.حيث أصبح في العقد الاخير يسيطر على المفارق السياسية – الامنية (ملف اسرائيل ’ملف حماس – فتح، وصفقة شليت، والعلاقات بالجماعات الاستخبارية الدولية، والمبعوثيات السرية والحساسة) وله سجل مدهش. ولم يعد يهرب من المصورين، مثل جمال مبارك. و لن ينجح احد في شده من لسانه.
الاول في الخامسة والاربعين، وفضلا عن انتمائه العائلي يلبي جميع المطالب التي أقرها الدستور المصري للمرشحين في استفتاء الشعب للرئاسة بعد سنتين. للثاني مشكلة تقنية مع الدستور. فمن جهة لا يحل لضباط الجيش وكبار الجماعة الامنية الانتساب الى احزاب سياسية. ومن جهة ثانية، يقرر التغيير الاخير في الدستور ان من يريد المنافسة في منصب الرئاسة يجب ان يشغل سنة على الاقل في منصب سياسي في أحد الاحزاب.
ان وجود الابن والجنرال هذا الاسبوع في واشنطن، وقد كان الاول يصر على الحفاظ على عدم الظهور كثيرا والابتعاد عن حاشيتة أبيه الرسمية قد اقتنص العناوين الصحفية. وبمرة واحدة فقد الاهتمام بخطط السلام وبالخطر الذري الايراني. فأكثر اثارة للاستطلاع ما يفعله هنالك جمال ولماذا يختفي. لم تكد توجد وسيلة اعلام لم تشغل نفسها بالتغييرات المتوقعة في القصر الرئاسي المصري.
اوصت مجلة "فرن افيرز" الامريكية في مقالة فضائحية جدا، أوصت سليمان ان يختار اللحظة الصحيحة لتنفيذ انقلاب عسكري سريع. هكذا بزعمهم يستطيع التغلب على المادة الدستورية المشكلة. ولن يذهل سكان مصر، كما وعد مراسل الصحيفة البعيد الصيت،من الدبابات في الشوارع، بشرط ان تضمن لهم حكما منظما.
قالت صحيفة "القدس" في لندن بلغة قاطعة، ان مباركا أتى بابنه "كي يجعله في القمة بمباركة من اوباما".
وماذا عن مبارك؟ انه يزعم قائلا: "لم أتحدث بعد الى ابني. لا احد يعلم من يحل محلي في المنصب ومتى سيحدث كل ذلك".
من أفضل اذا؟ أجمال الذي جمع حوله جيلا شابا من خبراء الاقتصاد، والسياسة ، وخبراء التكنولوجيا العالية المستوى اضافة الى رجال أعمال؟ ام سليمان ابن الخامسة والسبعين الذي سيكون اذا انتخب الرئيس الخامس الاتي من أجهزة الامن؟ هل سيتم توريث الحكم داخل العائلة بسهولة بغير معارضة الجيش؟ أربما يخطط لمستقبل مشترك وتقسيم للسلطات بين المرشحين؟ من الذي يؤيده الرئيس اوباما ومستشاروه؟
ينبغي الانتباه الى انهم في اسرائيل صامتون. في احاديث مغلقة يسهل ان نلحظ ميل هوى الجماعة الاستخبارية على اختلاف فروعها الى الجنرال. فالمعرفة المتصلة، والعلاقات الوثيقة، والتعاون الخفي، تجعل في صالحه. يقابلهم خبراء الجهاز المدني الذين يوصون بمتابعة اجراءات اعداد جمال.
لا يوجد اليوم جواب قاطع برغم ان السؤال محرج. عندما يكون الحديث عن أكبر دولة عربية، وعن الجارة القريبة التي وقعت معها اسرائيل أول سلام، مع قائمة طويلة من الاعداء والمصالح المشتركة – فان هذا حتى لو كان مهما مثيرا للعناية، فان اسرائيل لا تستطيع ان تسمح لنفسها بتأييد جانب. ولا تستطيع اسرائيل ايضا ان تسمح لنفسها بأن تكون متفاجأة.
صحيفة يديعوت 20/8/2009