تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قادة المستقبل في اسرائيل يمينيون متطرفون

 

          جيل القيادة التالية لاسرائيل يشحذ السكاكين. بينما تتبدد تسيبي لفني عن الخطاب الجماهيري وبنيامين نتنياهو ينشغل في معارك البقاء، وبها فقط في الوقت الذي تراوح فيه حكومته وتشطب كل فرصة للامل، اطلق الجيل التالي في السياسة الاسرائيلية قوله. اثنان من البارزين في ادعاء التاج، موشيه (بوغي) يعلون من الليكود وشاؤول موفاز من كاديما، حددا نفسيهما كوريثين محتملين. اذا كان هو الامر العظيم القادم فيجمل بنا ان نواصل المراوحة في المياه الضحلة الحالية؛ وفي الصف الثاني ايضا من السياسة الاسرائيلية لا يلوح اي امل، وصورته ينبغي ان تقلقنا وان تزعجنا جدا. ولكن ليس المستقبل وحده في خطر: فالقلق نابع ايضا من حقيقة ان هذين الشخصين وقفا على مدى سنين على رأس الجيش الاسرائيلي .
 
يعلون فتح بوابات قلبه وعرض مسرحية رعب لرجل يميني متطرف، غريب الاطوار، خطير، غير مرتبط بالواقع ومعدوم كل تفكير تلقائي. رجل الحظيرة بالصندل من غروفيت،الذي وقف على مدى ثلاث سنوات على رأس الجيش الاسرائيلي والان بات النائب الاول لرئيس الوزراء، عضو السداسية الوزارية المجيدة، اكرمنا بكشف صورته الحقيقية. هذا الرجل من شأنه بالطبع ان يفلت من الساحة، كما هوجدير به، ولكن ربما ايضا ان يصبح ذات يوم رئيس الوزراء، مثلما يتطلع هو الى هذا المنصب بكل قوته. اقواله في اجتماع "القيادة اليهودية" في الليكود اصبحت اشارة تحذير من خطر كبير. اذا كان لسانه وقلبه متساويين، مثلما درج الناس على الحديث عنه، اذن فان هذا الرجل من شأنه ان يوقع مصيبة كبيرة على اسرائيل في علاقاته مع الولايات المتحدة ومع جيرانها وفي نسيجها الديمقراطي الرقيق، في الداخل. الخير لن يخرج من رجل هذه هي اراؤه وهذا هو عالمه.
          طموح بقدر لا يقل هو سلفه في منصب رئيس الاركان شاؤول موفاز. وقد انطلق هذا في نهاية الاسبوع بسلسلة من التصريحات التي كشفت هي ايضا عن شخصيته. "انا المرشح الرائد لرئاسة الوزراء، بالقطع، والفرص طيبة جدا"، اعلن عن نفسه في مقابلة مع "معاريف" ، في ظل احصائه لانجازاته العامة الكبرى حتى الان بنظر نفسه: تصفية الشيخ احمد ياسين، القبض على سفينة كارين ايه وحملة "السور الواقي".
          تصفية زعيم ديني بكرسي المقعدين الذي يستخدمه، والذي لم يسهم في شيء لاسرائيل غير دائرة اخرى من القتل، حملة سخيفة للقبض على سفينة متهالكة محملة بسلاح قديم وحملة تصفيات جماعية، هذا هو الميزان الذي يتباهى به المرشح. وماذا عن الانجاز المدني؟ سئل. حسنا، سنواته ايضا كوزير للمواصلات تعتبر انجازا في نظره. غير انها لا تعتبر كذلك الا في نظره. موفاز الذي يصف نفسه في المقابلة بانه "براغماتي ونظري" خلافا للفني، على حد تعبيره الغريب، اكثر خبرة في السياسة واكثر اعتدالا في آرائه من يعلون، وهو بالطبع شخصية اكثر معقولية ولكن مذهبه ايضا ضيق كعالمه. كله مصمم بالقصف والحملات التي شارك فيها وقادها، وفي اطارها قتل ايضا ابرياء كثيرون.
          طموحات هذين الرجلين هي بالطبع موضوع مشروع. ولكن حقيقة انهما يظهران كمرشحين جديين لجيل القيادة التالية يجب ان يقض مضاجعنا. صحيح ان في معظم دول العالم بات هذا الان زمن قاتم، ولكن في هذه الدول ليس مطلوبا قرارات حاسمة مثل تلك التي تقف اسرائيل امامها. واذا اعتقدنا ان اسرائيل شفيت من حكم الضباط بعيد السنين لديها، فان المكانة العالية لهذين الشخصين تبين ان ليس هكذا هو الحال. لا نزال بعيدين عن ذلك. لا يوجد اي براك اوباما بانتظارنا في الصفوف الخلفية من مجلس النواب، ولا توجد اي شخصية مدنية واعدة تستعد على خطوط الانطلاق، وفراغ الساحة العامة المدنية يدعو مرة اخرى كبار الضباط السابقين الى اخذ زمام القيادة، حتى بعد ان ظهر الجيش الاسرائيلي نفسه اكثر فاكثر كجهاز اشكالي بل وفاشل. ومع ذلك، فبعد كل هذا القدر من الاحلام العابثة والآمال التي تحطمت من الجنرالات، فانهم مرة اخرى في مقدمة المنصات.
          هذا هو مخزون القيادة التالية لاسرائيل. وبينما فشل جيل القيادة الحالي في فتح صفحة جديدة وشجاعة فانه يقودنا نحو الهوة، يفوت الفرص اثر الفرص، في دولة باتت اكثر فاكثر نبذا في العالم يلوح ضباط قاتمون وخطيرون كزعماء الغد. انظروا اليهم وستروننا: موفاز ويعلون هما القادة القادمون.
 
                                                                                                                                صحيفة هآرتس23/8/2009

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.