تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ليبرمان في افريقيا ...لتجارة السلاح

 

          رحلة وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الى خمس دول افريقية، الزيارة التي استغرقت تسعة ايام والتي يعود منها اليوم، وقفت في ظل توتر داخلي خفي عن العيان. الوجه العلني للزيارة كرسه الوزير وحاشيته لاستعداد اسرائيل مساعدة دول القارة في حل أزماتها: المجاعة، نقص المياه، التغذية المخلولة، الاوبئة. اما الوجه الاقل حديثا فتأمل محافل في اسرائيل في أن تفتح بوابات هذه الدول امام تصدير مزيد من السلاح والمنتجات الامنية.
          وجاءت هذه الثنائية لتجد تعبيرها في التشكيلة الرسمية للوفد وهوية مرافقي ليبرمان. فالى جانب رجال وزارة الخارجية، انضم الى الوفد ايضا ممثلو دائرة المساعدات الامنية في وزارة الدفاع، ممثلو تجار السلاح ومنتجي السلاح – مثل شركة سلطم، الصناعات العسكرية، الصناعات الجوية، سيلفر شدو، سفن اسرائيل، "ألبيت" وغيرها – وكذا ممثلو الشركات العاملة بوضوح في مشاريع البنى التحتية والتنمية المدنية مثل تهل، الكو، وشركة الكهرباء.
          بطبيعة الرحلة التي لا تعقد فيها الصفقات بل تفتح الابواب ويتم البدء بربط الخيوط تمهيدا لصفقات المستقبل. في وزارة الخارجية ومعهد التصدير يقدرون بان الطاقة التجارية الكامنة لافريقيا تساوي للاقتصاد الاسرائيلي نحو مليار دولار آخر اضافة الى ثلاثة مليارات من البضائع والخدمات التي تصدرها اسرائيل الى القارة.
          بدأ ليبرمان الزيارة في اثيوبيا، حيث التقى رئيس الوزراء ووزير الخارجية. في هذه الزيارة تم التشديد على التعاون في مجالات المساعدات المدنية التي تمنحها اسرائيل. هذه المساعدات، من خلال دائرة التعاون الدولي، تتركز في التكنولوجيا البيولوجية، الزراعة، اساليب جمع المياه والمساعدة في مكافحة مرض الايدز. وتمول وزارة الخارجية من ميزانيتها هذه المشاريع التي تبلغ بضع مئات الاف الدولارات في السنة، وتستعين بتمويل مشابه من حكومتي الولايات المتحدة والمانيا. ولكن اثيوبيا هي ايضا دولة اساس للاستراتيجية الاسرائيلية: لها تقاليد بعيدة السنين من الصداقة والاستعداد للسماح لاسرائيل بالتمتع فيها بوجود عسكري.
          اهمية اثيوبيا تنبع من قربها من الدول العربية ومن كونها تشرف على مسارات الابحار الى ايلات وقناة السويس. في السنوات الاخيرة اضيف الى ذلك النبش المتزايد لايران في المنطقة والتواجد المتعزز لنشطاء القاعدة. بطبيعة الحال، هذه المسائل طرحت في محادثات ليبرمان ومرافقيه. ولا سيما في المباحثات التي لم يبلغ عنها في وسائل الاعلام.
كما أن زيارة كينيا حملت طابعا مشابها. فقد التقى ليبرمان نائب الرئيس، كلونزو موسيوكا، وصرح وزير الخارجية عن استعداد اسرائيلي لمنح تجربة اسرائيل في ازدهار القفر والقضاء على الصحراء. الوزير ليبرمان استجاب لطلب مضيفيه مساعدتهم في اعادة تطوير مركز التميز الزراعي الذي يتخذ مقرا له على مسافة نحو ساعتين من العاصمة نيروبي. نائب الرئيس اثنى على مساهمة اسرائيل لكينيا في مجال الري والزراعة. ولكن مثلما في اثيوبيا، في نيروبي ايضا جرى الحديث عن امور اخرى، خفية عن العين. فقد عرفت كينيا دوما كيف تستعين باسرائيل والمساعدة في مجالات مكافحة الارهاب – مثلما تشهد قضايا ماضية لتحرير الطائرة المخطوفة الى عنتيبي في اوغندا وتسليم المان عملوا في خدمة الارهاب الفلسطيني.
يوم الاربعاء زار ليبرمان نيجيريا، احدى الدول الكبرى، الغنية والهامة في افريقيا. في نيجيريا توجد اسرة واسعة جدا نسبيا من رجال الاعمال الاسرائيليين، في مجالات الزراعة والبنى التحتية، ولكنها، ايضا وبالاساس، هدف هام لتصدير السلاح الاسرائيلي. في السنوات الاخيرة اتفق مع نيجيريا على صفقات سلاح بقيمة نحو نصف مليار دولار. وفي السياق زار ليبرمان ومرافقوه اوغندا ايضا.
"لا ريب أن الحاجة الاهم لافريقيا هي التصدي للمجاعة ونقص المياه وليس السلاح"، يقول نائب مدير وزارة الخارجية المسؤول عن التعاون الدولي حاييم ديبون. وبالفعل، فان الوزير ليبرمان هو ايضا يصرح عن ان نواياه هي اعادة سياسة وزارة  الخارجية الى القارة التي غابت عنها. هذه التصريحات مبلطة بالنوايا الحسنة ولكن تجربة الماضي تفيد بان صوت وزارة الخارجية يتقزم في الغالب امام وزارة الدفاع ولوبي منتجي السلاح، الذين اختطفوا في العقود الماضية عمليا السياسة الخارجية الاسرائيلية واخضعوها لاحتياجاتهم. وعليه، ربما، امام هذا الواقع، يحاول ديبون الاقناع ان حتى المساعدة الامنية ستتمتع بشكل غير مباشر "اذا ما مرت عبر تغذية البطن الافريقية الجوعى والحلق العطش".
                                                   هآرتس 11/9/2009

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.