تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

وقاحة اسرائيلية في وجه روسيا

 

 
 
          زيارة رئيس الوزراءالاسرائيلي  بنيامين نتنياهو الخفية الى موسكو في مطلع الاسبوع الماضي، كانت محاولة اخرى لا أمل فيها من قبل اسرائيل للتأثير على سياسة روسيا الخارجية. نتنياهو لا يختلف عن اسلافه. ربما بفرق واحد فقط: كل الزيارات في الماضي كانت علانية. نتنياهو ربما بسبب شخصيته وطبعه فضل افتعال دراما لا داعي لها واضفاء طابع "سري" على الزيارة.
          ليس هناك ولا يتوجب ان يكون هناك اي سر في زيارة رئيس وزراء اسرائيل لروسيا وفي اللقاءات مع قادتها. كل رؤساء الوزراء منذ مطلع التسعينيات – اسحاق رابين، نتنياهو في الماضي، ايهود باراك، اريئيل شارون وايهود اولمرت زاروا موسكو. النمط متشابه: رئيس الوزراء يتوجه الى موسكو حاملا معلومات "سرية" من الاذرع الاستخبارية الاسرائيلية، حول وجود نية ما لدى روسيا لبيع سلاح نووي لايران، او سلاح لسوريا. الروس يصغون بصمت للتذمر الاسرائيلي. وفي الحالات التي يوجد فيها اشتباه بأن السلاح الروسي قد "تسرب" بواسطة ايران او سوريا الى حزب الله، او ان التكنولوجيا الروسية قد هربت من اجل استخدامها في المشروع النووي الايراني، هم في اغلب الاحيان ينفون ذلك او يطلبون معلومات اضافية، او يعدون بالتحقق من الامر. عند هذه النقطة تنتهي المسألة تقريبا.
          ولكن قادة اسرائيل يجدون صعوبة في استيعاب حقيقة وجود مصالح وسياسة خارجية مستقلة لروسيا في الشرق الاوسط،، وهذه المصالح لا تتطابق في العادة مع مصالح اسرائيل وتطلعاتها ورغباتها. مرة تلو الاخرى يسقطون في مصيدة الامل بامكانية النجاح في هذه المرة باقناع الروس. وعندئذ يجدون انفسهم في حالة اذلال ومهانة.
          وفقا لتصريحات روسيا على الاقل هناك اعتقاد لدى الروس خلافا لاسرائيل والولايات المتحدة بان ايران لن تتزود بالسلاح النووي. ولكن حتى لو كانت تخشى من مثل هذه الامكانية فان قلقها من ذلك اقل بكثير من قلق اسرائيل والولايات المتحدة، ومن هنا ليس لديها استعداد للانضمام اليهما والى الاتحاد الاوروبي والمطالبة بفرض عقوبات شديدة على طهران. لروسيا اهتمام بزيادة نفوذها السياسي والاقتصادي في الشرق الاوسط وتحدي الولايات المتحدة، ولذلك لديها استعداد لبيع السلاح لايران وسوريا واجراء حوار مع حماس.
          ربما كان هناك قاسم مشترك واحد فقط بين روسيا واسرائيل: روسيا مستعدة لبيع السلاح لكل دولة في العالم تقريبا. مثل اسرائيل بالضبط. وهي مثل اسرائيل تحافظ على صناعاتها العسكرية والامنية لخدمة سياستها الخارجية وانشاء اماكن عمل ودر العمولات الخارجية الى خزينتها.
          بالمناسبة، مبيعات السلاح والصادرات العسكرية الاسرائيلية في السنة الاخيرة قد تجاوزت كمية مبيعات السلاح الروسية. اسرائيل هي مصدرة السلاح الثالثة في العالم بعد الولايات المتحدة وفرنسا. وحتى الادعاء بان روسيا تبيع السلاح لاعداء اسرائيل اما اسرائيل فلن تبيع السلاح لمن يعتبرون اعداء لروسيا ليس دقيقا. اسرائيل باعت طوال سنوات السلاح الى جورجيا وتجاهلت كل الاحتجاجات الروسية بهذا الصدد. في الدقيقة الـ 90 فقط عشية الحرب بين روسيا وجورجيا، تنبهت وزارة الدفاع واقدمت على حظر تنفيذ صفقة دبابات كبيرة التي كان مدير عام وزارة الدفاع سابقا عاموس يارون احد المبادرين اليها.
          الروس يقولون انهم لن يبيعوا السلاح الهجومي لاعداء اسرائيل، وانما السلاح الدفاعي فقط في حالة وجود بيع عموما. لذلك يعتبر المطلب الاسرائيلي من الروس بعدم بيع سلاح لايران وسوريا وقاحة – خصوصا عندما يتعلق الامر بصفقة السلاح من صواريخ ارض – جو من طراز اس 300 المباعة لايران. لماذا تطلب اسرائيل منع تنفيذ هذه الصفقة؟ لان الصواريخ ستصعب عليها اتخاذ قرار بمهاجمة المنشآت النووية الايرانية والسياسة الروسية موجهة بالضبط لهذا الغرض – منع الهجوم الاسرائيلي.      
 
                                                                                                                                                                                                            هآرتس - مقال –   16/9/2009
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.