تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

اعترافات إسرائيلية: نحن عنصريون كالنازية

في زاويته الأسبوعية «درس تاريخي» في صحيفة «هآرتس»، يظهر المؤرخ توم سيغف أن أحد آباء الحركة الصهيونية المؤثرين كان عنصرياً.. وأنه بنى أفكاره على قاعدة أن تحقيق الصهيونية يستلزم «طهارة عرقية»، ورأى في اليهود الشرقيين عرقاً متحللاً. وتساءل: هل هنا بدأ التمييز ضد الشرقيين في الدولة العبرية؟

وأشار سيغف إلى أن «آرثر روفين، المحامي وعالم الاجتماع، يعتبر أب الاستيطان الصهيوني في فلسطين منذ عام 1908. فقد انهمك في إنشاء مستوطنة دغانيا وتطوير تل أبيب، كما كان بين مؤسسي بنك هبوعليم، وبقي بين قادة المشروع الصهيوني حتى وفاته عام 1943. ولكن، إضافة إلى كل ذلك، كان روفين أحد آباء التعليم العبري في فلسطين، وأثّر عموما على الثقافة العبرية. وكان من بين أشد من أثروا، مثلا، على نظرة موشيه ديان للحياة».

وأضاف أن ما لم يكن الناس يعرفونه هو أن روفين آمن بأن تحقيق الصهيونية يستلزم «طهارة عرقية» بين اليهود. واستلهم روفين هذا الإيمان من كتابات مفكرين بينهم لا ساميين، وخاصة آباء الأيديولوجيا النازية.

وأشار سيغف إلى أنه بعد المحرقة النازية، مال المؤرخون الإسرائيليون إلى إخفاء هذا الجانب المربك. ولكن قبل أسابيع أقرت جامعة تل أبيب أطروحة للدكتوراه، تفيد بأن روفين تأثر ليس فقط بالنظريات التي خلقت العنصرية النازية، بل أنه أثر في تبلورها. وكتب معد الأطروحة إيتان بلوم أنه كان لأبحاث روفين «تأثير حاسم» على نظرة الألمان إلى اليهود كعرق.

وآمن روفين بأن اليهود الأصليين الذين عاشوا في فلسطين قبل خراب الهيكل الأول لم يكونوا ينتمون إلى قبائل سامية. ولكنهم، في مرحلة معينة، اختلطوا بأعراق سامية، ما مس مبدأ الطهارة العرقية وأضعفها. والعنصر السامي في العرق اليهودي، الذي غدا مهيمناً بالتدريج، فصل اليهود عن الزراعة وطوّر لديهم الغريزة التجارية والشهوة للمال والجشع غير المكبوح. وآمن روفين بأن هذا عيب يمكن إصلاحه.

ولهذا فإن المهمة الأولى للمشروع الصهيوني في نظر روفين، كانت العثور على جماعات يهودية «أصلية»، من تلك التي لها صلة بيولوجية مباشرة بالجماعة العبرية الأولى، الطاهرة عرقياً، معتبراً أنه بوسع العمل الزراعي القاسي أن يبدد من صلبهم المكونات السامية، وبوسع هذه الجماعات المتوفرة أن تحسن العرق. كما آمن روفين أنه بالوسع العثور على هذه الجماعات بين اليهود الأشكناز في شرق أوروبا.

وكان يهود أوروبا الغربية يندمجون في مجتمعاتهم، فيما كان اليهود الشرقيون، في نظر روفين، في حالة تحلل بيولوجي، تضع علامات استفهام حول انتمائهم للعرق اليهودي. وقد وافق، بعد مماطلة، على جلب عمال يهود من اليمن، لأنه كان يؤمن أنه ليس هناك يهود سود. وهنا بدأ تمييز اليهود الشرقيين، كما يقول بلوم.

وخلافا للرأي الشائع، لم ينجم التمييز ضد الشرقيين عن «سوء فهم ثقافي»، وإنما كان ثمرة تخطيط استند إلى نظريات عرقية. وبحسب بلوم، فإن هذه كانت «عنصرية داخل اليهود، ذات بعد لا سامي، في الثقافة العبرية المعاصرة».

ويبين سيغف أن أفكار روفين انخرطت في المشهد الثقافي والعلمي في عصره، وهذا ما تبدى في مساعي تحسين العرق. والنظرية التي سادت كانت تلك التي ترى في الأشكناز النموذج الواضح لليهودي المعاصر، ما سمح لروفين بالقبول بتعريفات علماء العرق الألمان وإخراج معظم اليهود من صنف العرق السامي.

وبحسب نظرية روفين، ينتمي اليهود الأصليين المسؤولين عن فضائل الثقافة اليهودية، من الناحية العرقية في الأساس للهندو - ألماني. وبعد شهور قليلة من فوز النازيين بالسلطة، اجتمع روفين مع أحد كبار منظري التفوق الآري، هانز غينتر، بهدف تطوير المفاوضات بين الحركة الصهيونية والسلطات الألمانية لإبرام اتفاق يسمح ليهود ألمانيا بالهجرة إلى فلسطين ونقل جزء من ممتلكاتهم.

وكتب روفين، قبل وفاته، مقارنة لتركيبة أنوف عدد من قادة الحركة الصهيونية البارزين، بدءاً بثيودور هرتزل، وانتهاءً بيعقوب بايتلوفيتش. ومن المتوقع أن يثير نشر أطروحة الدكتوراه هذه ردود فعل كبيرة. غير أن بلوم يشدد على أن ما كتبه هو «الحقيقة».

حلمي موسى

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.