تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ابو مازن ..اعتزال أم مناورة

 

 في أثناء كل يوم الخميس مورست على ابو مازن ضغوط كبيرة. "لا تعتزل"، ناشده المسؤولون الفلسطينيون، الرئيس المصري مبارك وحتى رئيس الدولة بيرس. ولكن ابو مازن لم يتراجع. وكما نشر في "يديعوت احرونوت" فقد أعلن  في المقاطعة في خطاب قصير نسبيا بعد خمس سنوات من انتخابه للرئاسة: لن ارشح نفسي في الانتخابات التي ستعقد في كانون الثاني. فهل يدور الحديث عن اعتزال للحياة السياسية أم مناورة ترمي الى ممارسة الضغط؟ هذا منوط بمن تسأل.
أبو مازن (76 سنة) يعتبر منذ منتصف الخمسينيات أحد العواميد الاساس لحركة فتح وواحد من رواد طريق م.ت.ف . وكان شق طريقه بمحاذاة عرفات ولكنه لم ينشغل ابدا بالارهاب. وعلى مدى كل السنين ركز على النشاط السياسي ورسم الطريق الايديولوجي للحركة. وعلى مدى السنين أكمل رسالة الدكتوراة في الفلسفة، ورسالته عنيت بتاريخ الصهيونية وتضمنت ايضا فصلا عن العلاقة بين الصهيونية والنازية.
رغم أنه في سياق السنين كان من رواد المفاوضات مع اسرائيل، بدا ابو مازن أمس كمن بالنسبة له بلغ السيل الزبى: فقد وجه الاتهامات للولايات المتحدة واسرائيل اللتين برأيه أدتا الى الجمود في الوضع السياسي وعدم القدرة على التقدم. وفي السياق عرض مبادىء سياسته وعمليا وضع سقفا لكل زعيم فلسطيني آخر يأتي بعده، وبسط باختصار التاريخ الفلسطيني. "ببساطة زهق ابو مازن"، قال في ختام الخطاب أحد رجال القيادة في رام الله، زهق من اسرائيل، زهق من امريكا، زهق من حماس، هكذا لا تبنى الدولة".
ابو مازن عرف بانه في سياق اليوم كان هناك من ادعى بان البيان هو مجرد مناورة ترمي الى ممارسة الضغط على اسرائيل والاوروبيين وحرص على دحض هذا الادعاء.
"قراري ليس مساومة"، قال، "ولا هي بتكتيك أو مناورة سياسية. أنا انهي مهام منصبي". وفي بث حي ومباشر في كل وسائل الاعلام العربية والفضائيات العربية، عدد ابو مازن انجازاته في السنوات الخمس الاخيرة. "اعتقدت أن السلام ممكن"، قال، "عملت من أجله، اجتهدت من أجله، ومن تجربتي يمكن أن اقول ان الوصول الى الدولتين لا يزال ممكنا، رغم المصاعب الكبيرة التي واجهها هذا الحل مؤخرا. أقول انه يوجد خطر على رؤيا الدولتين. كان لنا أمل وتفاؤل من الرئيس اوباما، كان لهم موقف واضح بالنسبة للمستوطنات ولكن تبين أن الادارة الامريكية أبدت محاباة لاسرائيل". وفي السياق صفى ابو مازن الحساب مع اسرائيل، وكذا مع حماس. "السلام أهم من فوز حزب او فوز ائتلاف".
في اسرائيل لم يفاجأوا من بيان ابو مازن. وامتنع مكتب رئيس الوزراء  الاسرائيلي عن نشر رد رسمي انطلاقا من التقدير بان هذه الخطوة تكتيكية من جانب ابو مازن تستهدف اساسا الاذان الامريكية من جهة والاغراض الفلسطينية الداخلية من جهة اخرى. واوضحت محافل سياسية أمس بان اسرائيل نجحت في الوصول الى تفاهمات مع الادارة الامريكية وعليه فيتعين عليها الان أن تجلس بصمت. كل رد فعل من جانبها سيحول النار الى صوبها – وهذا بالضبط ما يريده ابو مازن: ان توجه الاسرة الدولية اصبع الاتهام لاسرائيل وتتهمها بالرفض.
"رغم ذلك"، كما يوضح مصدر سياسي فان "نتنياهو لا يريد ذهاب ابو مازن. وهو حذر من أن يعانقه عناق الدب ولكن واضح أنه مرشح أهون الشرور من بين القيادة الفلسطينية. بعد ابو مازن سيأتي فقط من هم اكثر تطرفا. ابو مازن مخطىء بالنسبة لنتنياهو وهو لا يفهم بان نتنياهو مستعد لان يقطع شوطا بعيدا ليقترب من الفلسطينيين، وان لم يكن بعمى، ولكن بالتأكيد شوطا لا بد سيفاجيء اليمين الاسرائيلي".
من واشنطن وصلت ردود فعل أكثر سذاجة على بيان ابو مازن: وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون قال أمس انها تتوقع العمل مع ابو مازن "في كل منصب جديد" يشغله.
وقالت كلينتون انه في اثناء لقائها مع ابو مازن يوم السبت بحثا ضمن امور اخرى في مستقبله السياسي – ولكنها رفضت تقديم التفاصيل.
"لقد عاد وأكد التزامه الشخصي ببذل كل ما هو ممكن للوصول الى حل الدولتين في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني"، قالت أمس كلينتون "أتوقع ان اعمل مع الرئيس عباس في كل منصب جديد يشغله".
من البيت الابيض نفسه لم يأتِ أمس أي رد فعل بعد الخطاب الدراماتيكي، ولكن قبل وقت قصير منه أعلن البيت الابيض بان ابو مازن كان "شريكا حقيقيا" من ناحية الولايات المتحدة.
"لدينا احترام شديد للرئيس محمود عباس"، قال الناطق بلسان البيت الابيض روبرت غيبس. "اريد فقط أن اقول انه لا يهم ما يكون قراره، نحن نأمل في مواصلة العمل معه".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.