تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هآرتس .. معاداة السامية.. ملاذنا

أفرد رئيس الحكومة الأول دافيد بن غوريون لإسرائيل هدفا: أن تكون نوراً للأغيار. القوى العظمى، التي لم تحرك ساكنا للقضاء على معسكرات الإبادة في الحرب العالمية الثانية، لم تقبل فقط بتشجيع إنشاء دولة يهودية، بل أجلت شجاعتها عندما صدت هجوم الدول العربية... أتى صحفيون مشهورون من الخارج ها هنا ليصفوا بكلمات حارة قتال داود جوليا. المهاجرون الشبان الذين أنزلوا مباشرة من السفن إلى ميادين القتال، والمتطوعون اليهود الذين أتوا ليساعدوا في إنشاء الدولة التي حاربت عن حياتها. وفي مقابلة ذلك، كراهية العرب الذين رفضوا التوصل الى تسويات سلمية مع «إسرائيل». عقبها حظيت إسرائيل في اتفاقات رودس بمناطق أكبر مما خصصها لها قرار الأمم المتحدة في التاسع والعشرين من تشرين الثاني.‏

الموجة الثانية من التأثر بإسرائيل سببتها سرعة ضربها للجيوش العربية في حرب 1967. وحرب الأيام الستة تدرس في المعاهد العسكرية في العالم كله، ووصفت وسائل الإعلام العالمية المعركة مرة أخرى على أنها حرب داود لجوليا. بينت إسرائيل أنها ليست في خطر ابادة، كما اعتاد مجندو أموالها في أمريكا الزعم.‏

لكن التأثر بالعظمة الإسرائيلية أصبح بالتدريج معابة للظواهر التي تصحب الاحتلال الطويل. لا تتكلم العبرية في أماكن عامة في الخارج، هكذا ينصحون السياح في أوروبا. لقد مرت الأيام التي كانوا يسألوننا فيها أي لغة تتكلمون، وكنا نجيب باعتزاز العبرية.‏

إن القوة العسكرية والاستعمال غير المراقب لها قلب معادلة داود إزاء جوليا لمصلحة الفلسطينيين. فلم تعد إسرائيل توصف بأنها معرضة لخطر ابادة، بل إنها دولة قوية تستعمل القوة والسيطرة كما عرفها ديغول. استقبل رئيس الدولة شمعون بيرس في الأرجنتين وفي البرازيل بتظاهرات عدائية. وفي دول كثيرة يقاطعون منتوجات إسرائيل، ويتلقى محاضرون في كل حرم جامعي في العالم الغربي صيحات تنديد. ايهود اولمرت، الذي كان في حملة محاضرات في الولايات المتحدة في المدة الأخيرة، كاد يلقى في كل منتدى تقريبا صيحات من نوع انتم قتلة أطفال.ان أكثر الأشياء إثارة للقلق ما يحدث داخل الجامعات في الولايات المتحدة، التي أصبحت رويدا رويدا مشايعة للفلسطينيين ومعادية للإسرائيليين. وهذا خطر لان قادة أمريكا في المستقبل ينشؤون من هناك. ليس ذلك لدوافع معادية للسامية كما يزعم مقاولونا السياسيون. إن زعم معاداة السامية هو ملاذ المحتل على وزن تعبير أن الشعور الوطني هو ملاذ الوغد.‏

أخذ موضوع السيطرة على المناطق يجبي من «إسرائيل» ثمناً باهظاً في مجال السلوك. فمن جهة علاقة بهيمية نحو الفلسطينيين؛ ومن جهة أخرى الشكوك المتعاظم عند جنودنا هل يخرجون في مهمات في مواجهة مستوطنين. لا يهم أحدا اليوم كيف دفعنا الى حرب 1967 وكيف نجونا بطلوع الروح من حرب يوم الغفران، وكيف استمر الإرهاب الفلسطيني وكانت انتفاضة بعد انتفاضة برغم السلام مع مصر والأردن.تحولت إسرائيل من دولة نور للاغيار الى دولة معيبة معزولة. لا يندد مجلس الأمن بأحمدي نجاد الذي يعلن نية القضاء على إسرائيل. أما إسرائيل التي تحارب عن وجودها منذ ستة عقود فتبدو أكثر الدول تنديدا بها وعيبا عليها على وجه البسيطة.‏

منذ الرصاص المصبوب يخاطر ضباط الجيش الإسرائيلي الكبار عندما يحطون في المطارات الدولية... قال موشيه آرنس في الأسبوع الماضي، انه من الأفضل ان يوجد وزير دفاع مدني لكن هذا لا يعني ان كل غبي يمكن ان يصبح وزيرا للدفاع. أصيب بذلك عمير بيرتس برغم انه لم يذكر اسما.

وفي مقابلة ذلك، فإن رئيس أركان متقاعدا، يرى الحلول المطلوبة لمشكلات الدولة برد عسكري زائد، ليس هو بالضرورة وزير دفاع مثاليا. ليس عرضاً إنه لا يستطيع في الولايات المتحدة ضابط رفيع المستوى متقاعد سواء أكان جنرالا أم أدميرالا ان يلي وزارة الدفاع مدة 10 سنين بعد تسريحه من الخدمة.. قبل ان نحشر أنوفنا في مشكلات حصول إيران على القدرة الذرية وهو مصدر قلق دولي، يفضل ان تبحث الحكومة كيف وصلنا الى ما وصلنا إليه، فلم نعد نوراً للأغيار، وما الذي يجب فعله لوقف سقوط صورتنا في العالم قبل ان يصبح الأمر متأخراً جداً.‏

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.