تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

القضايا الجوهرية في المفاوضات ..ماهي أهداف كل طرف ؟؟؟؟

لا يمكن التقليل من أهمية رفع علم فلسطين في منزل رئيس الوزراء. ولا سيما عندما يكون رئيس الوزراء هو بنيامين نتنياهو، زعيم اليمين الاسرائيلي، الرجل الذي أقسم الا يقيم دولة فلسطينية. دون صلة بما يريده نتنياهو حقا، ففي هذه الاثناء الوقائع تتجمع: رؤيا الدولتين خاصة في خطاب بار ايلان، تجميد البناء غير المسبوق في المستوطنات، استخدام مصطلح "الضفة الغربية" في الخطاب في البيت الابيض، والان علم فلسطين. عنده في البيت. محق أحد قادة "يشع" (المستوطنين) الذي يعرف نتنياهو على نحو ممتاز حين قال الاسبوع الماضي "اننا، فقدنا بيبي". على الاقل حاليا.

          السؤال هو ماذا يريد نتنياهو حقا. هل مؤشرات السلام حقيقية؟ الجواب مركب. في هذه الاثناء، داخل الغرفة، الاحاديث جدية. نعم، الاطراف تتحدث عن المسائل الجوهرية. كل المسائل الجوهرية. في المفاوضات المباشرة ايضا، وفي الاتصالات التي تجرى من خلال المبعوثين المختلفين (ولا سيما مولكو وعريقات). تطرح رسومات حدود، يطرح مصير "الجيوب" اليهودية مثل الخليل، تطرح مسألة الجدول الزمني. في هذه المسألة، بالمناسبة، توجد مفاجآت. يتبين أن المصريين، مثلا، لا يسقطون عن كراسيهم عند سماع الجدول الزمني لنتنياهو. الصيغة التي بموجبها "اتفاق اطار الان، التطبيق في غضون 20 – 30 سنة" تناسبهم. وربما ليس هم وحدهم. فهذا يسمح بتجاوز المشكلة الاصعب، التي هي مشكلة التطبيق الفوري. في هذه اللحظة لا يوجد مع من يمكن التطبيق. الفلسطينيون منشقون الى شعبين، حماس غزة تحاول تفجير المفاوضات، لا توجد أي امكانية للتوقيع على تسوية انهاء النزاع وانعدام المطالبات. وعليه فان الحل في شكل اتفاق اطار شامل،  يسمح للعالم بأسره ان يتحد خلف الطرفين، يعزل حماس ويأمل بان يصوت الشعب الفلسطيني لابو مازن بجموعه، يبدو منطقيا.

          من جهة اخرى، المنطق بعيد عن السيطرة في منطقتنا. فلا يزال من الصعب جدا التصديق بان بنيامين نتنياهو، الرجل المعروف لنا جيدا، سيوافق على السير بهذا القدر البعيد. الاحتمال ان يكون ممكنا انتاج اتفاق اطار بينه وبين ابو مازن، بعد ان فشل حتى ايهود اولمرت، لا يزال يبدو خياليا. صحيح، شمعون بيرس يصدق، ولكن من أجل التصديق يجب أن يكون المرء شمعون بيرس. ومثل هذا كما هو معروف لا يوجد سوى واحد. معقول الافتراض بانه في سياق الدرب، بعد زمن غير بعيد، الامر سيتفجر. على ماذا؟ على ماذا لا. على اللاجئين، على القدس، على ما يأتي أولا.

 وماذا بعد ذلك؟ بعد ذلك تطل الخطة الحقيقية. تلك التي تنضج في هذه المرحلة في الغرف المغلقة. الانطواء الامني. الترجمة: اسرائيل تطوي المستوطنات التي خلف جدار الفصل الى داخل الكتل. الجيش الاسرائيلي، باستخلاص للدروس من فك الارتباط، لن يخلي. اسرائيل المدنية تخلي الارض، اما الجيش والمخابرات فلا. وهكذا يمكن ضمان استمرار السيطرة الامنية، ولكن الخروج من الوريد الفلسطيني في كل ما يتعلق بالسيطرة المدنية وحل المستوطنات، غير قليل من المستوطنات، الامر الذي سيجعل اسرائيل حبيبة العالم مرة اخرى. على الاقل لفترة معينة.

هذه الخطة ستخرج من الدوائر المعتدلة في الليكود. يوجد شيء كهذا. محيط دان مريدور، ميخائيل ايتان وأمثالهما. مشوق، مثلا، ان نعرف ماذا يفكر عنها جدعون ساعر، او جلعاد اردان. والاكثر تشويقا، اين سيكون نتنياهو. اذا كان سيسير في هذه الخطة، على أمل ان يصبح محقق السلام العالمي (وان كان مؤقتا) والسماح للعالم بمعالجة ايران، فانه سيسحب وراءه قسما هاما من الليكود. في مثل هذا الوضع، يكون مطلوبا ارتباط بايهود باراك وبقسم هام من العمل (وهذا ليس كثيرا). وربما ايضا الانطواء مع اجزاء واسعة من كديما. وقد تكون هذه الفقاعة السياسية الكبرى التالية. بالمناسبة، لمن لا يعرف، عن التجميد أعلن نتنياهو، في حينه، ليس فقط بسبب الضغط الامريكي. حسب مصادر ذات مصداقية عالية  كانت ملاصقة جدا لاتخاذ القرار، فان السبب الاساس الذي دفع نتنياهو للاعلان عن التجميد كان تقديره بان الخطوة ستسهل عليه تفكيك كديما. ولكنه اخطأ خطأ جسيما. كديما لن يفكك (على الاقل في الجولة اياها)، التجميد بدأ، والان ينتهي، وهو عالق معه في الحلق. لا يستطيع ابتلاعه ولا يستطيع لفظه.

ماذا يريد الامريكيون؟ الهدوء. هذا ما يريدون. حتى الانتخابات في منتصف تشرين الثاني. وهم يرتعدون خوفا من أن يأتي احد ما ويفجر لهم جملة فرص التصوير الباهرة في شرم الشيخ، في واشنطن، في القدس. اوباما ملزم بهذه الوقفة لصورة من يحل السلام العالمي. إذ لم يتبقَ له أي شيء آخر. تكاد تكون كل افعاله تغرق في مياه عميقة، وتكاد تكون كل خطواته فشلت، وما تبقى هو القليل في الشرق الاوسط وهذا ما يحتاج الى أن ينجح فيه.

كلما مر الوقت هكذا يتضح مستوى الهواية التي يعمل بها الفريق الامريكي الحالي. فلا يوجد خطأ لم يرتكبوه. كما أن تذبذباتهم تتعب كل من له صلة بالامر. جذر المشكلة، حسب الفهم الاسرائيلي السري، هو وعد صريح، غير مسبوق، من اوباما لابو مازن في أن تقوم دولة فلسطينية قابلة للعيش ما تواصل اقليمي وما شابه، في موعد نهائي لسنة. التطرف الاسرائيلي تعرف على هذا الوعد بأثر رجعي، من قراءة مادة استخبارية، وزاغ بصره. منذئذ، بذلت طاقة هائلة في محاولة للاثبات للامريكيين كم اخطأوا. وطاقة هائلة لا تقل في محاولة للاثبات للامريكيين كم خرب تجميد البناء الغبي على فرص المفاوضات. في كل مرة كان يخيل فيها أن الامريكيين فهموا، وانهم يتبنون النهج الاسرائيلي (في المرة الاخيرة كان هذا يخيل في الاسبوع الماضي)، خرج اوباما من مكان ما وقلب كل شيء رأسا على عقب (مع التصريح الاخير بان على التجميد ان يستمر). في القدس لا يعرفون كيف يأكلون نمط السلوك هذا. ولكن لا مفر. وذلك لان الامر يتعلق بالامريكين، فعندها تجدهم يأكلون.

ماذا يريد الفلسطينيون؟ يريدون ان يمر الوقت، وان يفهم الامريكيون من ان الليمونة التي اسمها نتنياهو لن يخرج عصير، فيطبقون وعدهم. وهم يأملون في الوصول الى هذه النقطة الزمنية باقل ما يكون من الاضرار. وهم في وضع غير بسيط. شارع ابو مازن سيرد بشكل سيء في نهاية التجميد واستمرار المفاوضات. من جهة اخرى، هناك الرئيس اوباما. توجد عدة مصادر تقسم بان احدى المحادثات الاخيرة بين اوباما  وابو مازن سارت، الى هذا الحد او ذاك على النحو التالي: ليس لك، سيدي الرئيس، رئيسا افضل مني. لزمن طويل قادم لن يجلس في البيت الابيض احد اكثر راحة من ناحيتك ومن ناحية اهدافك. في رؤية الهدف النهائي، "end game" يجدر بك جدا أن تأخذ هذا الان، معي والا تفوت الفرصة. وعليه، فحقا من غير المجدي لك ان تفجر الامر الان على هذا الغباء الذي يسمى التجميد. يمكنك أن تتحدث وان تتفوه ضده، المهم أن تبقى في المحادثات. والا، فسيكون هذا خطأ محملا بالمصائر".

اقتراح اوباما هذا هو اقتراح من النوع الذي لا يمكن لابو مازن أن يرفضه. ومن الجهة الاخرى، فانهم يتحدثون ايضا مع نتنياهو. "حصلت على محادثات مباشرة"، يقولون له، "الان انت ملزم بان تعطينا شيئا في موضوع التجميد. ربما ليس تجميدا كاملا، ولكن بعض خيط يسمح لنا بربط ابو مازن بالطاولة". الطرفان ينصتان ويعرفان بان لا مفر لهما. يدور الحديث عن الرئيس الامريكي، وعن الانتخابات التي ستقرر مصير ولايته. لا أحد منهما يريد أن يكون من يخرب على اوباما نهاية السنة. وعليه، فان المحادثات تجري. فضلا عن ذلك، تحاول هيلاري كلينتون وجورج ميتشل ايضا تربية الطرفين. كفى للخطابات والتصريحات والتنديدات والشروط المسبقة وغيرها من الترهات التي تلف كل اجتماع في منطقتنا المجنونة. اسكتوا قليلا. الحديث مسموح، شريطة أن يكون هذا متفائلا ومليئا بالامل. من يريد أن يثير الشكوك فليمسك نفسه ويسكت. وعليه فانه تنطلق في الاونة الاخيرة تفارير متفائلة. ليس لانه يوجد تفاؤل. ولكن بالاساس لانه محظور الا يكون.

                                                                                                                       معاريف16/9/2010

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.