يروى مثل معروف عن صيادين يتصارعون من سينزع جلدة دب – قبل أن يصيدوه. اسرائيل تتخذ في الاونة الاخيرة صورة اولئك الصيادين. من كل صوب تنطلق الدعوات حول كيفية صد الاستثمارات الاجنبية في الشيكل وما العمل من أجل ابعاد المال الاجنبي عن هنا وماذا سيصار بأموال الغاز – كيف ستتصرف الدولة الاسرائيلية بأموال الغاز بحكمة مثلما في النرويج، وتمتنع عن الاصابة بالمرض الهولندي.
ينبغي لنا أن نهدأ: فنحن لسنا النرويج ولا هولندا. عمليا، المرض الوحيد الذي ينبغي لاسرائيل أن تخشاه في هذه اللحظة هو مرض النشوى. النشوى من أننا معجزة اقتصادية، ونموذج مالي للآخرين، وان كل العالم جاء ليتعلم منا كيف يمكن اجتياز الازمة المالية بنجاح زائد.
إذن ها هي الحقيقة، نحن تماما لسنا معجزة اقتصادية. والسبب الوحيد الذي جعل اسرائيل تجتاز الازمة العالمية على نحو أفضل من دول أخرى هو لان المنظومة البنكية في اسرائيل تصرفت بمسؤولية بالنسبة للائتمان الذي تقدمه. وبالاساس، الائتمان لفرع العقارات. سبب آخر جعلنا نجتاز الازمة بسلام هو حقيقة أنه في 2000 – 2004 كنا غارقين في ركود حاد كنتيجة للانتفاضة الثانية، الامر الذي برد جدا السوق العقاري. الفقاعة العقارية في اسرائيل ببساطة لم تتمكن من الانتفاخ عشية الازمة وهكذا ايضا البنوك في اسرائيل لم تجر – مثل البنوك في الغرب – للعربدة مع تمويل غير معقول للعقارات.
خليط من بعض المسؤولية، بعض الدروس من أزمات قاسية مرت بها اسرائيل (في الثمانينيات ومع الانتفاضة الثانية) والكثير من الحظ ساعد اسرائيل على اجتياز الازمة العالمية بسلام. ولكن هذا هو كل ما حصل هنا. لا يدور الحديث عن معجزة اقتصادية أو عن نموذج للغرباء. فاسرائيل لا تزال ذات الدولة المتوسطة مع ادارة حكومية اشكالية، بيروقراطية فظيعة، بنى تحتية متردية، فوارق اجتماعية وانتاجية منخفضة. اسرائيل لا تزال ذات الدولة التي معدل دينها يصل تقريبا الى 80 في المائة من الانتاج.
بصفتنا دولة اسرائيل المحملة بالديون، ينبغي أن نفرك العيون حين نقرأ الحرب العالمية التي تنشب هنا حول النموذج الهولندي مقابل النموذج النرويجي في كل ما يتعلق بمردودات الغاز – اقتراح لاقامة صندوق لتصدير المال (sovereign fund) كي لا تغرق اسرائيل بمال زهيد الثمن كنتيجة لاكتشاف الغاز.
الغاز لا يزال في عمق 2 كم تحت البحر، ولم يتم التغلب بعد على المشاكل التشغيلية العسيرة لانتاجه.
هآرتس – 14/10/2010
