تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

يوسي بيلين: الغطرسة كلفتنا ثمنا باهظا.. فهل تعلمنا الدرس..؟

 

كأنه لم تمر 37 سنة، وكأن غولدا، وديان وددو لا يزالون معنا. فجأة قفزت العناوين الرئيسية من الارشيف الى صفحات الجرائد. فالحرب التي غيرت مزاج اسرائيل وثقتها بالنفس لسنوات طويلة جدا، عادت مع المحاضر التي أُفرج عنها مؤخرا. ونحن نسأل انفسنا من جديد ما اذا كنا تعلمنا الدرس، خوفا من أننا اذا لم نكن قد تعلمناه، فمن شأن ذلك، أن يكرر نفسه.

لكن، ما هو الدرس..؟ هل هو تجنيد الاحتياط في الساعة الثامنة صباحا، بدل الثانية بعد الظهر..؟ ام تصديق رئيس الموساد، وليس رئيس شعبة الاستخبارات..؟ او تصديق ان غولدا مائير كانت المفكر الاستراتيجي، وان ديان كان جبانا..؟ هناك من يسأل دوما ما اذا كنا تعلمنا الدرس، وكأن الدرس واضح، ولم يبق سوى ان نطبقه. المشكلة هي أن الدرس يكاد يكون دوما موضع خلاف.

يوم حرب اكتوبر غيّر حياتي. وخاصة حرب حزيران حين كنت جنديا نظاميا، حيث رأيت في تلك الحرب، لأول مرة، الناس يقتلون. لم يتغير عالمي. اما في يوم الغفران، فلم اكن في الميدان بل في المكان الذي وصل اليه وزير الحرب ورئيس الاركان. سمعت الاتصال، واحسست باليأس والفظاظة بين غورديش وشارون. اذا كان الناس في الميدان يرون المعركة كما هي، ففي القيادة العليا يرون الصورة كلها، ووجوه الجنرالات القاتمة، فيفهمون بأن الانهيار حل محل الغطرسة.

كسكرتير للحكومة، كرست امسيات طويلة لقراءة محاضر مداولات الحكومة. وكانت المادة المتعلقة بيوم الغفران، الاكثر ايلاما. كانت قراءة الامور، وتحديدا في السنوات التي تفصل بين حرب الايام التسة وحرب يوم الغفران، مدعاة للاحباط. فالدرس يجب أن يأتي من هذه السنوات بالذات.

مثير للاهتمام أن نعرف كيف أن اناسا عاقلين يريدون مصلحة الدولة، لم يمنعوا وضعا كان يقترب، على شاكلة خراب البيت الثالث. فالاشخاص الذين عملوا في تلك الفنرة، لم يكونوا يعرفون ما الذي ينبغي عمله بالاراضي التي احتلت في 1967. سمحوا للتطورات في الواقع أن تسيرهم. خلافا لليمين الذي ايد ضم الاراضي التي احتلت وسارع الى الاستيطان. ورغم ان غولدا ودايان وآلون ادركوا المشكلة الديمغرافية، وكانوا كما قيل مستعدين لحلول وسط اقليمية، غير انهم كانوا يعتقدون بان الاراضي تشكل حزاما أمنيا لاسرائيل.

ديان كان اكثرهم غطرسة. وقوله الفظيع بان شرم الشيخ بدون سلام أفضل من السلام بدون شرم الشيخ هو يوم الغفران الحقيقي. وحقيقة أننا اضطرارنا لاخلاء منازل الاطفال في الكيبوتسات التي اقيمت في الجولان، كانت الدليل القاطع على خطأ المفهوم الذي قال ان المستوطنات في المناطق ستوفر الحماية لوسط اسرائيل. فكيف تجرأوا على التفكير بأنه من المسموح التضحية بالاطفال على الحدود الجديدة، من أجل الدفاع عن تل ابيب..؟

هذه الغطرسة أدت بـ غولدا لان تقول بأنه لا يوجد شعب فلسطيني. ورد يهود امريكا بالتصفيق للسيدة التي لم تسمح لـ ناحوم غولدمان أن يلتقي بناصر، ورفضت اقتراح يارينغ في 1971 لعقد اتفاق سلام مع مصر. كان السادات مستعدا لأن يقبله. ولو قبلته، لربما كانت منعت الحرب.

الاراضي التي احتليناها في 1967 لم تصبح ورقة. بل أضرت بنا مرتين: مرة لأنها شكلت دافعا لهجوم عربي منسق ضدنا بعد ست سنوات. ومرة اخرى لاننا امتنعنا بسببها عن فعل الشيء الصحيح: ان نهاجم بدلا من أن نتعرض للهجوم.

الحقيقة هي ان المحاضر الهامة هي تلك التي سُجلت بين الحربين. ويمكن ان نستخلص منها الدرس: لا الاراضي، ولا التسويات، منحتنا الامن. اضف الى ذلك، ان السلبية والتقدير بأن الزمن يعمل لصالحنا، كلفا اسرائيل ثمنا فظيعا بفقدان ابنائها وثقتها بنفسها.

عن صحيفة إسرائيل اليوم

ترجمة: غسان محمد

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.