تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الطريق إلى الديمقراطية..!!


منذ فجر الإنسانية تولدت العلاقات الاجتماعية بين الناس نظراً لنزوع الانسان الى العيش مع غيره والحاجة الى التعاون. ونتيجة التفاعل والسعي وراء الحاجات وميل البعض الى الاستغلال أطبق القوي برقبة الضعيف فكان نظام القن والاستعباد ووجدت أسواق النخاسة التي يباع فيها الانسان ويُشترى كأنه سلعة من السلع,  وتوالت شريعة الغاب في التعاظم إلى يومنا هذا ولم تفرق بين رجل وإمراة حيث ما تزال هذه الشريعة سائدة في بعض البلدان التي ترزح تحت نير الظلم فحرمت أهلها من "الحرية والعدالة"... ونعتت تلك المفاهيم بأقسى النعوت وأنها مصدر الشرور، رغم أنها (المفاهيم) أثبتت جدارتها في الميادين التي طبقت فيها فكانت المدرسة التي إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.

وقد عرف تاريخنا العربي تطلع الإنسان للعيش في أجواء الحرية فاتخذ القوم في الإسلام مبدأ الشورى في الحكم كي لا يحيد الحاكم عن الطريق القويم. وهذه صيغة من صيغ الديمقراطية، وهي وإن كانت غير محددة المعالم كما هو شأن الديمقراطية اليوم، فإنها كانت تعبيراً عن احترام آراء الناس للوصول إلى الأفضل. ولن نتحدث عن تاريخ الحرية والديمقراطية في بلادنا فهناك عشرات بل مئات المؤلفات التي تتحدث عن الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة. ولكن ما يهمني هو ما يهم كل مواطن سوري في هذه الأيام، في عصر وصل فيه الإنسان الغربي إلى القمر والمريخ وأصبح الكون الفسيح ميداناً لتطلعاته، ونحن نعيش في وطن عربي مفكك ترعبه أدوات الإرهاب وعصاباته وينزع البعض من بنيه إلى العيش في ظل أسوء المفاهيم التي عرفها الإنسان العربي في تاريخه ،ورغم كل ذلك نتساءل لماذا نحن محبطون؟ لماذا لا نمارس دورنا كما يجب؟

البعض يقول إن السبب هو غياب الديمقراطية وإبعاد الأكثرية عن المشاركة في القرار الذي غالباً ما تصنعه الطبقة الحاكمة حتى لو كان ذلك القرار هو الدستور الذي يعتبر مصدر جميع السلطات. لكن السؤال الذي ينبغي أن يُسأل في هذا الوقت تحديداً؛ كيف يمكن أن يكون لنا كأفراد دور فاعل في بناء سورية الحديثة؟

إن الديمقراطية ليست كلمة تقال بل هي ممارسة فعلية ناجمة عن تفاعل جماهير الشعب بعيداً عن الطائفية والعشائرية والإقليمية السائدة في معظم الوطن العربي. ولعل التخلف الحقيقي الذي نعانيه هو التخلف الفكري حيث أن التحرر منه هو العمود الفقري للديمقراطية. فالعقل المتخلف تعوزه المعرفة ويتطلع إلى أفكار متطرفة مشحونة بالخرافات لحل المشاكل ويحجم عن العلم ويتمسك بالسلفية في ظل التقاليد والأعراف والاحتماء بالماضي والاكتفاء بالفخر بالأمجاد, ويغدو التملق والكذب سمة المجتمع المقهور ويبقى الإنسان فيه قلقاً على أمنه وكرامته.

        لذلك لم يكن غريباً ربط الحرية والديمقراطية بمفهوم التربية في خطاب الرئيس بشار الأسد للمرحلة القادمة ونحن بحاجة لترجمة هذه الرؤية إلى:

1- وجود كتاب متحررين ينشرون المحبة والوعي بين المواطنين. وكما قال أحد الفلاسفة (علموا أبنائكم الحب والحب يعلمهم كل شيء) وأن تكون المواطنة هي المبدأ الأساسي والمقياس الذي يسود بين الناس.

2- أن يسود شعار الدين لله والوطن للجميع.

3- وجود أحزاب ونقابات تمارس الديمقراطية ويتسامى أفرادها عن الفئوية، وتحترم انتمائها الذي هو أساس ولائها وتحترم الرأي الآخر.

4- وضع برامج تعليمية مدروسة تعلم الطالب كيف يمارس الديمقراطية.

5- قيام صحافة حرة ومسؤولة لا رقابة عليها إلا الضمير والشرف.

6- تحقيق فصل السلطات من الناحية العملية.

7- استقلال السلطة القضائية.

وبهذه الرؤية يكون مفهوم الحرية مرتبطاً بالإنسان والمجتمع وقابلاً للتطور مع حركة التاريخ. فالحرية القائمة على مبدأ الانتخاب تعتبر أساس الديمقراطية، وحرية الانتماء للأحزاب تُولد نتيجة الانتخابات، وحرية الرأي والتعبير تكون الأداة والدافع للتقدم وتقويم الاعوجاج، وهذه ما يُعبر عنها بالحرية السياسية. وهي ليست كل الحرية إنما جزء من كل. فالحرية بجانبها الاقتصادي لا تقلّ أهمية عن الأخرى إن لم تكن هي الأساس، وقد كسبها الإنسان بعد نضال دامٍ وشاق وطويل, وهذه الحرية متلازمة مع الحرية الاجتماعية حيث أن الكثير من العادات الاجتماعية السيئة تأسر المجتمع وتشكل قيداً ثقيلاً على حركة الإنسان من أجل الانطلاق، مثل رفض تعليم المرأة أو قبول مبدأ المساواة مع الرجل.  

وقد جاء في مقدمة الدستور العربي السوري السابق (الحرية حق مقدس والديمقراطية الشعبية هي الصيغة المثالية التي تكفل للمواطن ممارسة حريته التي تجعل منه إنساناً كريماً, قادراً على العطاء والبناء, قادراً على الدفاع عن الوطن الذي يعيش فيه, قادراً على التضحية في سبيل الأمة التي ينتمي إليها, وحرية الوطن لا يصونها إلا المواطنون الأحرار, ولا تكتمل حرية المواطن إلا بتحرره الاقتصادي والاجتماعي).


 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.