تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

شفيق الحوت :سيرة طيبة ومسيرة حميدة

من بيروت، وردت برقية عاجلة، فقد هوى نسر فلسطيني آخر، فرحل شفيق الحوت (أبو الهادر) بعد مسيرة طويلة من العطاء والحضور والفعل والتأثير.

برقية عاجلة وردت من بيروت، فقد رحل صاحب التاريخ الناصع في مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، رجل من صنو ضمير الثورة الفلسطينية وحكيمها، مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبش، فخسرت فلسطين علماً من أعلامها، عاش واستشهد طيب القلب والسريرة، حميد المسيرة والسيرة، فشمخت به فلسطين مرة ثانية، وتعاظمت في حضوره.
شفيق الحوت، الخطيب المفوه في جبهة التحرير الفلسطينية (طريق العودة) التي أسسها عام 1964، وفي منظمة التحرير الفلسطينية، حفر بالكد والتعب المضني … وبالأظافر مسيرته، فأمسى حاملاً لشهادة التجربة الميدانية في كل الساحات التي عملت فيها منظمة التحرير وقواها الأساسية، فزاوج بين الحضور الإعلامي المتميز وبين الهم الوطني الذي تعاظم داخل ثنايا مكونات جسده وشخصيته، وداخل سيكولوجيا الفلسطيني القادم قسراً إلى الشتات من مدينة يافا في فلسطين المحتلة، ومن ثم العيش والحياة في قلب الهم المكنون داخل نفوس الفلسطينيين من لاجئين في دياسبورا الشتات، والى ميدان الولادة العملاقة لأجيال اللجوء والشتات وهي تحمل البيارق دماً وباروداً وقرطاساً ومداداً من العطاء على طريق العودة.
هذا الإطراء لذكرى شفيق الحوت، ليس من حقه فقط علينا نحن الأحياء الذين تربينا وعشنا في كنف الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، بل هو الواجب بعينه في تأبين فرد من رموز وشموس النضال والكفاح التحرري العادل للشعب الفلسطيني، خصوصاً أن شفيق الحوت، رحل وهو متابع وصابر ومثابر في أدائه الوطني ودوره العام، كمن يقبض على الجمر الأحمر المتقد.
رحل شفيق الحوت في وقت يحتاج فيه الفلسطينيون إلى فعل وجهد المزيد من القيادات العاقلة/الحكيمة التي تستطيع وحدها أن تجنب الشعب الفلسطيني المزيد من الجنوح تجاه مزالق الخراب الداخلي والخارجي.
 كما رحل دون أن تكتحل عيناه برؤية يافا التي عشقها حتى نخاع العظم في جسده، ولكن " لايهم المناضل أن يرى لحظة الانتصار " مادامت الإرادة شامخة، والعطاء متواصلاً على يد رفاق وأحبة وأصدقاء شفيق الحوت، ومادام هناك من يحمل الرسالة بالرغم من الطحالب العالقة في مياه المقاومة في فلسطين.
لقد توقف قلب شفيق الحوت، و" تلك الأيام نداولها بين الناس " صدق الله العظيم.
 إن قدر الشعب الفلسطيني وأبناؤه أن يكونوا في الواجهة، في سياق الصراع بين المشروع التحرري العربي والمشروع المضاد الآخر. والآن يرحل شفيق الحوت ونحن نحاول أن نحث الخطا للحاق بركب العطاء بعد أن أبلى فيه البلاء الحسن.
 
علي بدوان
كاتب فلسطيني

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.