تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حقائق جديدة .. وقرارات عباس المتوقعة في الأزمة مع دحلان والانعكاسات على فتح

 

 

 

   

http://www.palestine-info.info/ar/DataFiles/Contents/Files/images2011/january/08/thestorm.jpg 

بعد مرور وقت ليس بالقصير على اشتعال ما عاد يعرف فتحاويا ب ـ" أزمة عباس-دحلان"، لا زالت الأسئلة تطرح فلسطينيا وعربيا حول أسباب هذه الأزمة وحقيقتها وتداعياتها على حركة فتح بشكل خاص، والوضع الفلسطيني بشكل عام.

وليس من المبالغة، وصف الأزمة التي تعصف بالوضع الداخلي لحركة فتح حاليا، بأنها مقدّمات لـ "زلزال"، ستتوقف "ارتداداته"، ومفاعيله، على القرارات التي ستتخذها اللجنة المركزية لحركة فتح، في اجتماعها القادم، حيث ستعرض لجنة التحقيق مع محمد دحلان عضو اللجنة المركزية، نتائجها وفق التكليف الصادر إليها، والذي تمّ تأكيده في اجتماع اللجنة المركزية في الثامن والعشرين من كانون أول (ديسمبر) الماضي .

وفي حين يرى مراقبون أن الاجتماع المقبل للجنة المركزية، سيحدّد "الوجهة" التي يريد رئيس حركة فتح محمود عباس الذهاب نحوها، يطرح في هذا السياق خياران اثنان:

 الأول، إما التراجع عن القرارات التي تم اتخاذها ضدّ دحلان، وهو خيار مستبعد في رأي المتابعين للشان الفتحاوي، لأنه يعني انتصاراً جديدا يحقّقه دحلان في مسيرته التنظيمية، لن يسمح عباس وحلفاؤه له أن يتحقق.

وأما الخيار الثاني فهو، الاكتفاء بالقرارات التي صدرت، باعتبارها "فركة أذن" قوية، هزّت "هيبة" دحلان، ووجّهت رسالة بليغة له ولأنصاره، فضلا عن الجهات الإقليمية والدولية الداعمة له، بأن يلزم حدوده، أو استكمال الإجراءات العقابية، بعزله نهائيا من عضوية اللجنة المركزية، وإخراجه من المشهد القيادي، وهو ما يعني هزيمة نكراء لدحلان الذي لن يسمح "طموحه" غير المحدود، و"غروره"، واعتداده بنفسه، أن يقبلها بأي حال من الأحوال، وما هو يعني معركة "كسر عظم" سيخوضها دحلان، يستخدم فيها كل أسلحته، لأنها تعني معركة الوجود والبقاء، والعودة مرّة أخرى إلى "سدة" القيادة التي عمل دحلان طوال حياته التنظيمية على الوصول إليها !

وإذا كانت المعركة التي يخوضها عباس ضدّ دحلان، ستظهر نتائجها في اجتماع اللجنة المركزية المقبل فإن الأسئلة التي تطرحها الأوساط السياسية في هذه المرحلة هي عديدة، منها: لماذا انتفض عباس بوجه دحلان بهذا الشكل وفي هذا التوقيت؟ وكيف تسنّى له مواجهة دحلان المعروف بعلاقاته المحلّية، والإقليمية، والدولية؟! وما هي طبيعة الاتهامات الموجّهة لدحلان، التي كلّفت اللجنة بالتحقيق فيها؟ !

أسباب الأزمة:

يمكن تحديد سببين جوهريين لهذا الغضب الشديد لم حمود عباس، وهما اللذان دفعاه لاتخاذ قرار جريء، وحاسم، وحازم بـ "تصفية" دحلان، وذيوله في حركة فتح .

الأول : المعلومات التي تناهت إلى أسماعه بطرق مختلفة، ومتواترة، أن دحلان يشكّك في أهليته، وقدراته، وكفاءته، ويصفه بـ "الضعف" و"التردد" ويطالب بتغييره، ويطرح "ناصر القدوة" بديلا عنه، معدّدا مزاياه التي تدفعه لترشيحه والتي يلخّصها بما يلي :

أ‌.           القدوة شخص مقبول فتحاويا، فهو ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهو ما يجعل له خصوصية تختلف عن الآخرين، حيث حصل في المؤتمر العام السادس، الذي عقد في مدينة "بيت لحم" عام 2009، على المرتبة الرابعة في عدد الأصوات لعضوية اللجنة المركزية، متجاوزا شخصيات تاريخية ومهمة في الحركة .

ب‌.        القدوة، شخصيّة مسيّسة، وهادئة، ومقبولة، إقليميا، ودوليا .

هذا التحرّك "الدحلاني" لاستبدال عباس، أثاره وأغضبه، خصوصا وأنّه كان يسبّب ذلك بذكر معايبه، ومثالبه، وسلبياته، أمام الآخرين، بصورة تقدح به، وبـ " هيبته"، وتهينه أشدّ الإهانة !...

 ورأى عباس في تحرّك دحلان، محاولة لـ "وراثته" وهو حي يرزق، وربما ذكّره ذلك بـ "مؤامرة" وراثة ياسر عرفات، التي كان دحلان أحد أبطالها، وكان عباس جزءا لا يتجزأ منها، والعاقل من اتعظ بغيره، فلا يمكن لعباس أن يلدغ من الجحر، الذي لدغ فيه عرفات !

الثاني : حملة القدح، والذمّ، والاتهام، التي قادها دحلان، ضدّ عباس وأسرته (نجليه ياسر وطارق)، التي بلغت "جرأة" غير مسبوقة، وغير معهودة، حيث تحدّث فيها أمام كوادر فتح في مخيم جنين، كما تحدّث عنها في لقاء مع كوادر فتحاوية في دولة مونتنغرو "الجبل الأسود"، التي كان دحلان في زيارة خاصة لها، بدعوة من رئيسها، الذي دعاه وصديقه محمد رشيد (خالد سلام) لقضاء بضعة أيام فيها للاستجمام والراحة .

في هذين اللقاءين، وجّه دحلان نقدا لاذعا ومسيئا لعباس، لدرجة وصفه بأنه "تافه"، و"فاسد"، يمارس الفساد عبر نجليه ياسر وطارق، اللذين يطوف بهما، ويأخذهما معه في جولاته الخارجية، وذلك بقصد تسويقهما، وفتح الآفاق أمامهما لتوسيع تجارتهما، وأعمالهما. هذان اللقاءان، اللذان وصل تسجيلهما بصوت دحلان إلى عباس، أثاراه إثارة شديدة .

لجنة التحقيق

تمّ تشكيل لجنة التحقيق مع دحلان، في تشرين ثاني (نوفمبر) الماضي على النحو التالي :

محمد راتب غنيم (أبوماهر) رئيسا، (وهو يشغل منصب نائب رئيس اللجنة المركزية، وأمين سرها)، عزام الأحمد (عضوا)، عباس زكي (عضوا)، صخر بسيسو (عضوا)، وجمعيهم أعضاء لجنة مركزية. وعلى الرغم من عدم الإعلان الرسمي عن ذلك، فقد تسرّبت أخبارها إلى وسائل الإعلام، ما دفع دحلان إلى التقليل من شأنها وأهميّتها، والتأكيد على أنّه ليس هناك أي خلاف سياسي بينه وبين عباس، (وهذا صحيح طبعا)، وأن الخلاف شخصي، واللجنة التي تمّ تشكيلها هي للمصالحة بينه وبين عباس، وليس للتحقيق معه، وقد استخدم دحلان نفوذه لدى وسائل الإعلام لتمرير هذه الرسائل بصورة مباشرة أو غير مباشرة .

وقد أثار ذلك عباس، الذي دعا إلى اجتماع اللجنة المركزية في يوم الثلاثاء 28/12/2010م، وذلك لبحث هذا الموضوع، حيث أبدى استياءه الشديد من تحوّل صورة اللجنة من التحقيق مع دحلان، إلى المصالحة بينه وبين دحلان، مؤكّدا أنّه ليس ندّا لدحلان، فهو رئيسه، وليس هناك أي خلاف شخصي بينهما، كما وجّه نقدا لتباطؤ اللجنة في عملها، مطالبا بتحديد سقف زمني لها، وهنا أبدى "أبو ماهر" اعتذاره عن الاستمرار في رئاسة لجنة التحقيق، لأن أساس عمل اللجنة، هو الاستماع إلى وجهة نظر دحلان في الاتهامات الموجّهة إليه، وليس للتحقيق معه، وأنه يرى احتواء الأزمة، وليس تصعيدها، لأن الوضع الداخلي لحركة فتح لا يحتمل تفجير أزمات جديدة، وقد قبل عباس اعتذار أبو ماهر فورا، حيث تكوّن لديه انطباع أن هناك مستمسكات لدى دحلان ضدّ غنيم، قد يستخدمها ضدّه ويبتزّه بها، ومن أهمها ما يقال عن أرض يملكها دحلان في رام الله، باعها لغنيم بسعر التكلفة (50 ألف دولار)، في الوقت الذي تبلغ قيمتها (300 ألف دولار ) !

وفي اجتماع اللجنة المركزية المشار إليه، طرح عباس بوضوح النقاط التالية، طالبا التصويت عليها وهي على النحو التالي :

 

- مهمّة اللجنة، هي التحقيق مع محمد دحلان في الاتّهامات الموجه إليه .

- تعليق عضويته في اللجنة المركزية، وتجريده من مفوضية الإعلام والثقافة، وإسنادها إلى عضو اللجنة المركزية نبيل أبو ردينة لحين انتهاء التحقيق معه.

- الإعلان عن هذه القرارات بشكل رسمي، وتكليف عباس زكي بالحديث عنها على فضائية "الجزيرة"، باقتضاب ودون الدخول في التفاصيل.

 

وكانت المفاجأة أن جميع الأعضاء الحاضرين (16عضوا) وافقوا على ذلك، بمن فيهم المحسوبين على دحلان! والأعضاء الذين كانوا حاضرين هم: محمد غنيم، نبيل شعث، عزام الاحمد، عباس زكي، الطيب عبد الرحيم، جبريل الرجوب (حضر رغم مرضه)، عثمان أبو غربية، صائب عريقات، حسين الشيخ، جمال محيسن، توفيق الطيراوي، محمد اشتية، سلطان أبو العينين، نبيل أبو ردينة، محمود العالول، محمد المدني، وتغيب عن الحضور ستّة أعضاء هم: مروان البرغوثي ( بسبب الأسر)، ، سليم الزعنون (بسبب مرضه)، ناصر القدوة (بسبب السفر)، صخر بسيسو (بسبب السفر)، زكريا الآغا (عدم قدرته على الحضور بسبب وجوده في قطاع غزة)، محمد دحلان ( لم تتم دعوته).

طبيعة الاتهامات الموجهة لدحلان

وُجّهت لدحلان الاتّهامات التالية :

1. تحريضه ضدّ رئيس الحركة محمود عباس، والإساءة له ولأسرته، مستندين في ذلك إلى لقاءين مسجلين بصوته في مخيم جنين ودولة "الجبل الأسود ".

2. تجاوزاته التنظيمية، ومنها حادثة طلبه من سيف الإسلام القذافي، التوسّط لدى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، للقاء معه خلال وجوده على رأس وفد من حماس في العاصمة الليبية العام الماضي وهو ما رفضه مشعل رفضا قاطعا.

3. الثراء غير المشروع، حيث تشير التقارير استثماره في مشروعات تجارية وعقارية مهمة أبرزها :

•          استثمارات في أوربا الشرقية، (مثال: امتلاكه لأسهم في شركة هاتف خلوي في جمهورية تشيكيا مع المليونير المصري نجيب ساويرس ).

•          استثمارات في لندن، (مثال: بنايتان مؤجّرتان في أحد الأحياء الراقية هناك ) .

•          استثمارات في مصر، تعدّ الأضخم، ويتولّى إدارتها والإشراف عليها صديقه محمد رشيد (خالد سلام)، وهو يشارك في بعضها مع أبناء مسؤولين كبار.

•          استثمارات في دولة خليجية معروفة، ويشاركه فيها عدد من المسؤولين الكبار وأبناءهم.

•          استثمارات في الأردن، أبرزها المشروع الاستثماري الذي أبرمته سلطة منطقة العقبة الاقتصادية، عام 2008، مع صديقه محمد رشيد (خالد سلام) بكلفة 600 مليون دولار، وهو مشروع يتضمّن إقامة مدينة سياحية على الشاطئ الجنوبي لساحل العقبة، تشمل منتجعات سياحية، مركز ترفيه، وملاعب، هذا المشروع يشارك فيه دحلان، ولكنّه يتحاشى الظهور في الصورة دائما، التي يظهر في بعضها صديقه رشيد، والجدير بالذكر أن مكتب الادعاء العام الفلسطيني، فتح في عام 2008 تحقيقا مع رشيد، بسبب هذا المشروع حيث وجّه له تهمة الاستيلاء على أموال منظمة التحرير.وتقول مصادر مطلعة، إن دحلان يشارك بعض كبار المسؤولين الأردنيين السياسيين، والأمنيين، الحاليين والسابقين، في بعض الاستثمارات .


4.التحقيق معه في الأسباب التي أدت إلى تسليم قطاع غزة إلى حماس، إذ يحمّله عباس المسؤولية الأولى عن ذلك، ويتّهمه بالتقاعس والهروب إلى القاهرة، حيث كان يقيم فيها هو وأبرز اثنين من حلفائه، وهما رشيد أبو شباك (مدير جهاز الأمن الداخلي حينذاك)، وسمير المشهرواي (عضو المجلس الثوري وأحد المسؤولين السابقين في جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة)
.

والمدقّق في الاتّهامات الموجّهة لدحلان، يلاحظ أن بعضها قديم، بالذات ما يتعلق بمصادر الثراء، وقطاع غزة، ولكن إثارتها الآن يعود إلى أن الظروف سابقا لم تكن مواتية لعباس حتى يتخلّص منه. فقد كان عباس في غنى عن فتح معركة مع "الرجل القوي" في حركة فتح، إذ إنه يدرك نفوذه داخل الحركة، كما يدرك علاقاته الإقليمية والدولية، كما أنه كان بحاجة ماسة إليه خلال المرحلة الماضية، لتوظيفه في حساباته، وتوازاناته الداخلية، خصوصا وأن دحلان لم يكن يقترب أو يمسّ من مكانة عباس، ولكنّ اختراقه للخطوط "الحمر"، والمسّ بمكانة عباس وهيبته، وضلوعه في التآمر عليه لتغييره، دفع عباس لاتخاذ قرار بـ "شطبه"، مستفيدا من وجود أغلبية مؤيدة له داخل اللجنة المركزية، ووجود تيار واسع في الحركة ضد دحلان، كما أن موقف عباس المعارض للانخراط في المفاوضات المباشرة ما لم يتوقف الاستيطان، يعزّز وضعه الداخلي، ويجعله في موقع قوي .

ضربات استباقية

ولأن عباس يدرك قوة خصمه المراد "شطبه"، فإنه لم ينتظر نتائج التحقيق معه، واتّخذ قرارات، وإجراءات، شكّلت ضربات "استباقية" لدحلان تلخّصت بما يلي :

1. سحب الحراسات الخاصة حوله، التي كانت توفّرها له السلطة الفلسطينية له، حيث أصدر عباس تعليمات، بأن تقتصر الحراسة عليه على شخصين اثنين فقط، أسوة بأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، على أن يرتدي هؤلاء الزيّ المدني وليس الزيّ الرسمي .

وقد تعامل عباس بصرامة في هذا الأمر، حيث أقال العميد "حسين عيسى" أحد كبار المسؤولين في جهاز الأمن الوقائي، وهو من المحسوبين على دحلان، بسبب إرساله  - بناء على طلب من دحلان -، خمسة وعشرين عنصرا لحراسته، بعد صدور تعليمات عباس برفع الحراسة .

2. الطلب من سلطات الاحتلال سحب بطاقة الامتياز (V.I.P) التي تخوّله السّفر من وإلى الأردن بسيارته الخاصة، ودون الخضوع للتفتيش، وهي البطاقة الممنوحة لخمسة شخصيات فقط، يأتي في مقدمتهم، محمود عباس، وسلام فياض، ومن بينهم محمد دحلان .

3. بناء على تعليمات من عباس، أصدر وزير خارجية سلطة عباس رياض المالكي، تعميما على كل السفارات الفلسطينية، بعدم التعامل مع دحلان على أنه شخصية ذات موقع رسمي، وعدم تقديم أية تسهيلات له، بما فيها استقباله، ووداعه في المطارات كما كان الحال عليه سابقا .

4. أبلغ عباس السلطات الرسمية في مصر، والسعودية، والإمارات، والأردن، أن دحلان لا يمثّل السلطة الفلسطينية، ولا منظمة التحرير، ولا حركة فتح، وأنّه ينبغي التعامل معه على هذا الأساس .

5. أصدر عباس تعليمات بإغلاق مكاتب فضائية "فلسطين الغد"، وإذاعة "الحرية" في الضفة الغربية، وهما وسيلتان إعلاميتان، كان دحلان بصدد إطلاقهما بحكم موقعه كمفوض للإعلام والثقافة في حركة فتح .

6. تمّت إقالة العشرات من الضّبّاط والموظفين في مؤسسات السلطة، وأجهزتها الأمنية من المحسوبين على دحلان، وإصدار تنقلات وتعيينات جديدة في الضفة الغربية، على النحو التالي :

-           العميد مصطفى الدهدار، مديرا لجهاز الأمن الوقائي في مدينة الخليل .

-           العقيد إياد الأقرع، مدير لجهاز الأمن الوقائي في رام الله، بدلا من العقيد أكرم الرجوب، الذي نقل إلى المقر العام في مدينة رام الله .

-           المقدم حمدي أبو كامل، مديرا لجهاز الأمن الوقائي في نابلس .

-           العميد خليل النقيب، مسيّرا للخدمات الطبية العسكرية، بدلا من العميد كامل إحسان، الذي تمت إحالته للتحقيق بتهمة الاختلاس والسرقة .

7. تعمّد عباس إهانة دحلان في موقفين لافتين، الأول، أثناء انعقاد المجلس الثوري لحركة فتح في تشرين ثاني نوفمبر 2010م، حيث حضر دحلان إلى مكان الانعقاد فأرسل له عباس بعض الاشخاص، الذين نصحوه بالمغادرة، لأن وجوده قد يشكّل "استفزازا" لعباس، وقد يحدث مالا يحمد عقباه، ففهم دحلان الرسالة، وخرج فورا دون مناقشة.

الموقف الثاني، وهو الأكثر وضوحا، في تعمّد اهانة دحلان، حيث وقع في حفل عقد قران "ربى" كريمة الأسير "مروان البرغوثي"، الذي أقيم في قاعة (سَرِيَة رام الله)، يوم الثلاثاء 23/11/2010م، بحضور مئات الشخصيات الفلسطينية في مقدمتهم محمود عباس، الذي أصرّ على الحضور شخصيا، وتمثيل عائلة العروس في هذا الحفل.

وأوعز عباس إلى مرافقيه وحراساته الشخصية، بضرورة تفتيش دحلان شخصيا قبل دخوله القاعة، وعدم السماح لحرسه بدخول القاعة، وإبقائهم خارجها، وقد انتشرت هذه الحادثة في الضفة الغربية وقطاع غزة انتشار النار في الهشيم .

8. طلب عباس من السلطات الأردنية إلغاء اتفاقية المشروع الاستثماري، التي وقعتها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية مع محمد رشيد (خالد سلام)، صديق دحلان، وشريكه في معظم المشاريع الاستثمارية، وجاء هذا الطلب استنادا إلى أن أموال هذا المشرع خاصة بالمنظمة، وقد ردّت الحكومة الأردنية في حينه، بأن الاتفاقية الموقعة مع رشيد، منسجمة مع الأسس الواضحة المعمول بها في منطقة العقبة الاقتصادية، وان الحكومة غير معنية بالشكوك المثارة حول مصادر أموال رشيد !

وجاءت المفاجأة مؤخرا، أن الحكومة الأردنية أعلنت إلغاء الاتفاقية ومصادرة قيمة الكفالات المالية في المشروع البالغة 3 ملايين دينار أردني، بحجة انتهاء المهلة التي منحتها للمستثمر محمد رشيد لاستيفاء المتطلبات القانونية، والاستثمارية الخاصة بالمشروع، والتي مُدّدت في آخر مباحثات بين الطرفين ستة أشهر إضافية، ولكن المستثمر لم يقم بتقديم الشروط، مما استوجب استرجاع الأرض التي مُنحت له لإقامة المشروع عليها، ومساحتها 1440 دونما !

9. بدأ عباس بخطة استمالة بعض القيادات الغزّية المحسوبة على دحلان، وأبرزها، روحي فتوح رئيس المجلس التشريعي الأسبق، والذي كان قد عُزل وهُمّش، بسبب فضيحة "تهريب الجوالات" الشهيرة، حيث أُسنِد له ملف قطاع غزة بدلا من صخر بسيسو .

10. أصدر عباس تعليمات إلى الأجهزة الأمنية باعتقال العشرات من العناصر المؤيدة لمحمد دحلان، وكان أبرز المعتقلين مدير مكتبه في رام الله "معتز خضير"، الذي اعتقل يوم الجمعة 31/12/2010م ، وأفرج عنه لاحقا بعد التحقيق معه لعدة أيام.

11. أصدر عباس تعليمات الى السلطة الفلسطينية، تقديم طلب إلى الشرطة الدولية (الانتربول)، يقضي بتسليم قائمة مكونة من عشرة أشخاص، مطلوبين لدى السلطة بتهم فساد مالي، معظمهم من المحسوبين على دحلان، ومن أبرزهم، اللواء رشيد أبو شباك، المقيم في القاهرة منذ عملية "الحسم" العسكري في قطاع غزة في حزيران (يونيو)2007م. وقد تم التفاهم بين السلطة الفلسطينية والمخابرات المصرية على خضوع رشيد أبو شباك إلى التحقيق في سفارة فلسطين في القاهرة، بدلا من اعتقاله وتسليمه إلى السلطة في رام الله .

الأزمة إلى أين؟

يتّضح فيما سبق عرضه، أن "الضربات" الاستباقية، التي وجّهها عباس إلى دحلان، بعضها معنوي، يستهدف "إهانته"، وكسر "هيبته"، وبعضها عملي، يستهدف إضعاف نفوذه، ومحاصرته. وقد فعل كلّ ذلك قبل أن تقدم لجنة التحقيق مع دحلان تقريرها، فماذا يمكن أن يفعله بعد تقديمها للتقرير، الذي ترجّح مصادر مطلعة، أن يدين دحلان؟ !

إنّ إدانة دحلان المتوقعة، ستعطي عباس ذريعة قويّة لعزله من عضوية اللجنة المركزية، وربما المجلس الثوري، حيث تشير بعض المعلومات، إلى أن فكرة تشكيل مجلس استشاري مكون من 51عضوا، يجمع أعضاء اللجنة المركزية، والمجلس الثوري السابقين، يهدف عباس من خلاله إلى إعادة خصوم دحلان الكثيرين، الذين تمّ التخلّص من معظمهم في المؤتمر العام السادس، وربما يقوم بإعادة تشكيل اللجنة المركزية والمجلس الثوري من جديد، بحيث يتم التخلّص من دحلان والموالين له، الذين يتركز غالبيتهم في المجلس الثوري، حيث يقدّر عددهم بثمانية وثلاثين عضوا، وهو عدد كبير، ويشكّل كتلة متماسكة ومهمة داعمة لدحلان .

إن المراهنة على تدخل إقليمي ودولي لإنقاذ دحلان من "مقصلة" عباس، بات ضعيفا، فقد حاول اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، التدخّل لدى عباس والتوسّط لدحلان، بذريعة أن حركة فتح يكفيها ما فيها من أزمات، وأنها تواجه مأزق المفاوضات مع الاحتلال، ومأزق المصالحة مع حماس، وتفجير أزمة داخلية مع دحلان، سيضيف مأزقا جديدا إلى مأزقها، ولكنّ عباس أصرّ على المضي في إجراءاته.

وحتى يقطع عباس الطريق على أي تدخلات أخرى، فقد أبلغ المسؤولين في بقية دول "الاعتدال"، بموقفه الحازم من دحلان، مما جعلها تقف متفرّجة باستثناء تدخلات خجولة لا تقدّم ولا تؤخّر. أما الأمريكان والصهاينة، فقد التزموا الصّمت انتظارا لما ستسفر عنه هذه المعركة، فما يهمّهم هو "سلام فياض" الذي قدّم نفسه بديلا قويا وموثوقا عن دحلان وعباس نفسه، لذا فإن الأمر لم يعد يعنيهم كما كان عليه الوضع سابقا، فالبديل جاهز لكلا الطرفين المتصارعين !

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.