تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تطبيع إسرائيلي سعودي: عاموس يادلين وتركي الفيصل: مناظرة التقاء المصالح!

مصدر الصورة
السفير

 كان عاموس يادلين يتفرّس في وجه محاوره، وهو يقول بلهجة مستعطفة: "اقتراحي هو أن يأتي سموّكم إلى القدس. تصلي في المسجد الأقصى... ثم لفة قصيرة جداً وتكون في الكنيست، وتتحدث إلى الشعب الإسرائيلي". الكلام لرئيس الاستخبارات الإسرائيلية العسكرية السابق، وهو موجّه للأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للاستخبارات السعودية. الدعوة مرفوضة الآن، وممكنة في حال "نجحت مبادرة السلام العربية".

اللقاء هو الأول من نوعه في هذا السياق. سبق للفيصل أن حاور مسؤولين إسرائيليين، دائماً في إطار حلقات النقاش. آخرها كانت مشاركته إلى جانب وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني، في إحدى ندوات "مؤتمر ميونيخ للأمن" في أوائل شباط الماضي. لكن الجديد هنا هو غياب ما يخفف تركيزه: لقاء ثنائي ومباشر بين مسؤولين كبيرين، جنباً إلى جنب، في حوار أداره ديفيد إغناتيوس الصحافي الشهير في جريدة "واشنطن بوست" الأميركية.

الإسرائيليون لم تكن لديهم أيّ مشكلة في لقاءات كهذه، لكن القضية حساسة للسعوديين. يقول ديبلوماسي رفيع المستوى مطلع على أجواء اللقاء لـ"السفير" إن الفيصل يحمل مواصفات مثالية لتنفيذ مهمات حساسة كهذه.

يوضح قصده بالقول إن "الحكم السعودي يستفيد من أن الفيصل لا يتبوأ أي منصب رسمي، وهو أخ لوزير الخارجية (سعود الفيصل) وكلامه يؤخذ على محمل الجد. لكن في الوقت نفسه يمكن التنصل منه، ويستخدم لتمرير رسائل من دون تحمل الأعباء الرسمية" لكلامه وظهوره.

الصفة التي حضر فيها تركي الفيصل هي ترؤسه "مركز الملك فيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية في الرياض". في المقابل، يقدم يادلين نفسه بوصفه مديراً لـ"معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب".

لكن أي رسائل حملها الممثلان، غير الرسميين، من نظاميهما؟

قبل كل شيء، كان ثمة حرص واضح على علنية اللقاء والترويج له. لم يكن الرجلان مضطرين للتخفي في إحدى صالات فندق "صوفيتيل"، إلى جوار مقر مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل. تمّ الإعلان عن الموعد والمكان قبل ثلاثة أيام، وأمكنت متابعته عبر نقل مباشر على الموقع الإلكتروني لمعهد "جيرمان مارشال" الأميركي، الذي كان مظلة الحدث.

بذل الأمير تركي جهداً معتبراً لإعادة إحياء مبادرة السلام العربية، التي طرحها الملك السعودي عبد الله في قمة بيروت العربية العام 2002. قال إنها "لا تزال المبادرة الأكثر قابلية للحياة والتنفيذ"، مضيفاً أيضاً أنها "لا تزال على الطاولة".

قال الفيصل إن مشكلة القوى الكبرى في مفاوضاتها مع إيران أنها تتحدث إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، فيما المرشد الأعلى السيد علي خامنئي "هو مَن يأخذ القرار".

لم يُخفِ الفيصل توجّسه من ذلك، وقال: "ربما روحاني يحظى الآن بالأذن الجيدة لخامنئي، لكن لا نعرف متى سيديرها عنه". الحل الأفضل برأيه هو منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

لم يكن الابن البار للاستخبارات الإسرائيلية أقل توجساً. بدا مقتنعاً بأن الاتفاق المؤقت بين القوى الكبرى وإيران سيمدد ستة أشهر، ما يعني استمرار المفاوضات حتى بداية العام 2015.

لم يفت يادلين، وهو المؤيد بقوة لتوجهات حكومته، التذكير بوجود المصلحة المشتركة بين السعودية وإسرائيل، مشدداً على أن إيران "تسيطر بشكل أو بآخر على العراق، وإذا امتلكت سلاحاً نووياً فعلى جيرانها، إلى جانب إسرائيل، أن يكونوا قلقين جداً".

بالنسبة إلى موقف إسرائيل والسعودية من الملف السوري، يكفي الاستماع إلى رأي يادلين من عرض الفيصل لموقف المملكة. قال من دون أن يخفي حماسته: "أتفق مئة في المئة".

كرر الفيصل موقف بلاده الداعم لتسليح المعارضة السورية بمضادات الطائرات. ذكّر بأن إخراج روسيا من أفغانستان جاء بعد تزويد المتمردين الأفغان بالصواريخ التي بدأت تسقط المروحيات الروسية.

كان الأمير السعودي حاسماً في كيفية "محاربة التطرف" في سوريا، وأن ذلك غير وارد عبر التطبيع مع النظام. قال إن "سوريا جرح سيئ ومفتوح، لذلك تجمع البكتيريا من كل مكان يمكن تخيّله، هذا ما نراه مع داعش وجبهة النصرة"، مضيفاً أنه "إذا لم تنظف الجرح وتخيّطه فستستمر في جمع كل هذه البكتيريا السيئة".

العلاج الوحيد في رأيه هو عدم تكرار سيناريو أفغانستان التي "أهملها الغرب وأدار ظهره لها" بعد انسحاب السوفيات. لذلك يجب برأيه تقوية المعارضة، وتمكينها من حكم دولة "تريد الحفاظ عليها لكن مع تنظيفها من الأيدي المجرمة".

إلى جانب اتفاقه مع هذا الرأي، حرص الطيار السابق في سلاح الجو الإسرائيلي على شرح "البديل" الذي يراه أنجع. قال إنه "يجب إبطال مصدر قوة (الرئيس السوري بشار) الأسد من الخارج. تخيّل أن يستيقظ الأسد فيجد أن المروحيات وطائرات الميغ قد دمّرت".

قاطع الصحافي الأميركي هذا الطرح، وسأل يادلين: مَن هي الدول التي ستتبرّع بالمشاركة عبر فتح أجوائها لعملية كهذه؟

جواب رجل الاستخبارات الإسرائيلي كان جاهزاً :"لماذا خُلق الناتو؟ الجيش الأكبر في الناتو يقف شمالي سوريا. ورئيس وزراء هذا البلد كان قاسياً جداً مع الأسد. فلماذا لن يستخدم بلده بمساعدة قوة جويّة ممتازة".

يادلين مصرّ أن هذه المهمة يجب أن تقوم بها الولايات المتحدة: "ستكون عملية لليلة واحدة وستحل مشكلة إستراتيجية. عندها لا يجب أن تعطي مضادات طائرات لعناصر ربما تستخدمها لاحقاً لضرب الطيران المدني. إذا كان الخيار بين الاثنين (الضربة الجوية أو تسليح المعارضة) فسأنصح بتغيير وجهة نظر الأسد وإيران وحزب الله بأنهم يربحون. هذا ما يمكن فعله باحترافية عبر استخدام سلاح الجو".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.