تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

انتخابات مصر: انتكاسة مبكرة للسيسي!

 بدا أمس أن طريق عبد الفتاح السيسي إلى قصر الاتحادية لن يكون بالسهولة التي تصوّرها كثيرون، فقد خالف المصريون كل التوقعات، ورفضوا منح المشير تفويضاً انتخابياً مطلقاً، على غرار تفويض "مكافحة الإرهاب" الذي منحوه إياه في السادس والعشرين من تموز العام 2013، فكانت مشاركتهم في الانتخابات الرئاسية طوال يومين دون المستوى المأمول، وهو ما دفع أجهزة الحكم الى محاولة احتواء الأمر عبر سلسلة إجراءات، كان أبرزها تمديد فترة التصويت ليوم إضافي.  وكانت أجهزة الدولة المصرية في سباق مع الزمن، أمس، لدفع المواطنين إلى المشاركة في اليوم الثاني للتصويت في الانتخابات الرئاسية، بعدما أظهرت مؤشرات نسبة المشاركة في اليوم الأول اقبالاً متواضعاً غلب عليه الحضور النسائي، وهو ما يهدد بعدم الوصول إلى أرقام انتخابات 2012 (25 مليون ناخب فاز الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة "الإخوان المسلمين" بنصفها تقريباً).

وأوضحت السفير: رغم أن المؤشرات الأولية للانتخابات الرئاسية تصب في مصلحة السيسي، إلا أن الأخير قد يجد نفسه في ورطة، بسبب ضعف نسبة المشاركة في الانتخابات، فالرجل الذي تحوّل إلى "زعيم للأمة"، بحسب ما يقول كثيرون، بعد انحيازه لإرادة الشعب في "ثورة 30 يونيو"، وقت كان وزيراً للدفاع، مطالَب اليوم بالحصول على أصوات أكثر من التي حصل عليها مرسي في انتخابات 2012، وأكثر من التي شاركت في الاستفتاء الأخير على الدستور، ليثبت للرأي العام الدولي أنه جاء بإرادة شعبية.

ومن الواضح أن الإقبال المتدني على التصويت خلال اليومين الأصليين من التصويت، شكل انتكاسة مبكرة للسيسي، دفعت ببعض المقربين منه إلى تسريب معلومات عن شعوره بـ"خيبة أمل" و"اكتئاب"، فيما كان آخرون، بينهم الصحافي مصطفى بكري، يطلقون تحذيرات من احتمال اعتذاره عن قبول منصب الرئاسة حتى ولو فاز بغالبية الأصوات، – من دون أن تتضح مدى جدية تلك الأقاويل.

وتابع تقرير السفير: لكن الأهم، وفقاً لما بدأ يتردّد منذ الأمس في مصر، أن الانتكاسة الفعلية ربما تكون لعملية التحول الديموقراطي، بعدما بدا أن قرار تمديد فترة التصويت يستهدف تعزيز موقف السيسي، في مواجهة منافسه حمدين صباحي المدعوم من قوى "ثورة 25 يناير". وأضافت السفير أنّ قرار تمديد فترة التصويت جاء تتويجاً لسلسلة إجراءات اتخذتها السلطات المصرية منذ اليوم الأول للتصويت، حيث قررت الحكومة منح الموظفين يوم عطلة إضافياً أمس، لدفعهم إلى المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، وجعلت وسائل المواصلات العامة مجانية خلال يومي الانتخابات، فيما كانت عربات الجيش تطوف الشوارع بمكبرات الصوت لحث الناخبين على النزول، في حين كان الإعلاميون يناشدون – كل على طريقته – المواطنين أن يشاركوا بكثافة في التصويت، من دون أن يخفي معظمهم صدمتهم من الانتكاسة الانتخابية تلك.

وكان لافتاً أن حملتي السيسي وصباحي سارعتا إلى الاعتراض على قرار تمديد التصويت، برغم أنهما تسابقتا طوال اليومين السابقين على دعوة المواطنين إلى عدم اتخاذ موقف سلبي من الانتخابات والتوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع. ومن غير الواضح ما إذا كان اعتراض حملة السيسي على قرار اللجنة العليا مجرّد مناورة لحفظ ماء الوجه، خصوصاً أن القرار يصبّ في مصلحة مرشحها. وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، كانت حملة صبّاحي تناقش الخيارات المتاحة للتعامل مع ما وصفته بالانحياز الكامل من قبل أجهزة الدولة لمصلحة المرشح المنافس.

وقالت مصادر في حملة صباحي إن ثمة بدائل عدّة تدرس في الوقت الراهن للتعامل مع قرار تمديد التصويت، مشيرة إلى ان انسحاب صباحي من الانتخابات هو من بين تلك البدائل.

وعنونت صحيفة الأخبار: مصر: «اللجنة» في خدمة المشير... وصبّاحي في قرار المواجهة. وأفادت: لعلها الفضيحة الأكثر دوياً في مصر منذ ما عرف بثورة ٣٠ يونيو. لم تنجح كل محاولات عبد الفتاح السيسي، مدعوماً بالجيش والإعلام ومعهما الدولة العميقة المصرية، في إقناع الناخب المصري بالمشاركة في العملية الانتخابية بالنسبة المطلوبة لتأمين مشروعية شعبية لنظام قاطعه الغرب بحجة أنه وصل إلى السلطة بانقلاب أطاح «الرئيس المنتخب» محمد مرسي. حتى سلم النزول عن هذه الشجرة، الذي رآه المعنيون بصناديق الاقتراع، تبين أنه مخلّع. عجزت كل ماكينة الدولة المصرية عن ملامسة سقف المشاركة التي حققها محمد مرسي، وإن كان «الرئيس المشير» لا شك سيحظى بنسبة تأييد تفوق التي فاز بها سلفه. فأي حل سيجده الحكم الجديد لمشكلة الشباب الذي قاطع في معظمه التصويت؟ وأي شكل سيتخذه الصراع المقبل في الداخل المصري، في ظل بروز ثلاث قوى تتصدرها البيروقراطية، ودرتها المؤسسة العسكرية، وفلول حسني مبارك، وقوة جديدة لم تأخذ شكلها بعد، أظهرتها تطورات الأسابيع الماضية؟ ولفتت الصحيفة إلى انّ مصادر حقوقيّة تتحدث عن نسبة مشاركة 20% وحكوميّة وإعلاميّة عن 37%.

وعنونت الصحيفة تقريراً آخر: شباب مصر يكفر بالصناديق. وأوردت أنّ الشباب الذين شكلوا كتلة حرجة في المشهد السياسي منذ ثورة «25 يناير» بخروجهم على نظام حسني مبارك وتصديهم للمواجهات الدامية مع رجال الشرطة، لم يظهر غالبيتهم أمام صناديق الاقتراع على مدار يومي الاقتراع، بينما كانت الكثافة لكبار السن والسيدات اللواتي ملأن الباحات أمام أبواب الاقتراع في بعض المناطق الشعبية.

بالمقابل، اعتبر افتتاحية الوطن السعودية أنّ نزول المصريين للمشاركة في اختيار رئيس جديد للبلاد، بعد عملية التغيير في 30 يونيو، يعطي إيحاء وبوضوح عن إرادة شعبية، بصرف النظر عن حجمها، ستنتهي لا محالة بولادة دولة حقيقية، من المفترض أن تستعيد عافيتها، للإمساك من جديد بدور إقليمي، غاب بعد تولي جماعة "الإخوان المسلمين" زمام الحكم في مصر قرابة عام. صحيح أنه لا يمكن العودة بالتاريخ إلى الوراء، لكن في السياسة تصحيح المواقف من منطلق "فن الممكن"، لا يمكن تفسيره إلا أنه خطوة في الاتجاه الصحيح.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.