تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لبنان بعدما ركب قطار الفراغ الرئاســي!!

 يوم تميّز عن سابقاته بزائر أجنبي بارز هو وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي زار بيروت للمرة الأولى، على مدى أقل من خمس ساعات، غاب عن برنامجها القصر الجمهوري الغارق في الفراغ، ليحل محله مقر رئاسة الحكومة، محطة أولى، ومنبرا لإطلاق سلسلة رسائل، أبرزها اعتبار حكومة تمام سلام إحدى ركائز الاستقرار اللبناني المطلوب إقليمياً ودولياً، في ظل الشغور الرئاسي المفتوح على مصراعيه.

ولعل أبرز دلالات زيارة كيري لبيروت، هو الانطباع الذي خرج به مسؤول لبناني كبير بقوله إن عجز اللبنانيين عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، من جهة وإصرار «الدول» وخصوصاً الأميركيين على رمي كرة الاستحقاق الرئاسي في ملعب اللبنانيين، من جهة ثانية، يقود للاستنتاج بأن الفراغ الرئاسي سيمتد شهورا طويلة في غياب الديناميات الداخلية والخارجية.

واللافت للانتباه في زيارة كيري، أنها أول زيارة لمسؤول أميركي منذ العام 2005، لا تخص «فريق 14 آذار» بأية التفاتة سياسية استثنائية، إذ درجت العادة أن يلتقي كل مسؤول أميركي أركان الدولة (حتى أن الرئيس إميل لحود كان يستثنى أحيانا) ومعظم رموز «14 آذار». أما كيري، وبتأثير ممثل الولايات المتحدة في لبنان ديفيد هيل (مهندس الزيارة من ألفها الى يائها)، فقد تجاهل «فريق 14 آذار»، في «خطابه» كما في برنامجه الذي اقتصر على رئيسي المجلس النيابي والحكومة.. وبينهما البطريرك الماروني بشارة الراعي في رسالة طمأنة للمسيحيين في زمن شغور الموقع المسيحي الأول في لبنان والمنطقة كلها.

النقطة الثانية اللافتة للانتباه في البيان المكتوب الذي كان معداً سلفاً، حتى من قبل محادثات الضيف الأميركي مع الرئيس تمام سلام، الدعوة التي وجهها كيري «إلى الدول التي تدعم نظام الأسد ولاسيما روسيا وحزب الله إلى العمل معاً لوضع حد لهذه الحرب (في سوريا)»، في اشارة متجددة الى عدم وضوح الموقف الأميركي من تطور الأحداث السورية وتجاهل أية اشارة الى أن حزب الله هو «منظمة ارهابية»، كما درجت العادة أميركياً، بينما نعت كيري حماس بذلك مجدداً.

وأفاد تقرير للسفير أنه اذا كان كيري قد أعلن أنه جاء إلى بيروت بطلب من رئيسه أوباما وبتشجيع منه، فإن الواضح أن الادارة الأميركية قد اختارت توقيتاً سورياً للزيارة اللبنانية، هو توقيت اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية السورية، أمس، لإطلاق رسالة تحذير بأن الفراغ الرئاسي في لبنان معطوفاً على الأزمة السورية المفتوحة على مصراعيها بكل تداعياتها الإقليمية ستؤدي الى تعقيد الأمور بالنسبة للبنان والدول المجاورة.

وقال المرجع نفسه «إن موقف كيري التطميني لإسرائيل من أمام السرايا له دلالات عدة أبرزها إبداء الخشية من أي تدهور امني حدودي قد يفتح الجبهات الهادئة منذ العام 2006 نسبيا، وفي الوقت ذاته رسالة الى اسرائيل كي لا تقدم على اي خطوة في التوقيت الخطأ».

والأخطر من ذلك، أن كيري الذي استمع من تمام سلام الى مقررات خليّة الأزمة الحكومية المتعلقة بالنازحين السوريين، أعطى انطباعا حاسما في مؤتمره الصحافي بأن بلاده لا تحبذ تجربة المخيمات، في ضوء التجارب الماثلة للأذهان وخصوصا في الأردن.

ولفت تقرير السفير إلى أنّ ما لم يقله كيري، في مؤتمره الصحافي قاله في لقاء الساعة ونيف مع سلام، حيث طالب لبنان بعدم الاعتراف بكل المفاعيل الناتجة عن الانتخابات الرئاسية السورية، وكأنه كان يرد على أصوات ارتفعت في الآونة الأخيرة، لا تتحدث عن النفوذ السوري في لبنان بل ودور دمشق الأساسي في موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية.

ورأت السفير أنّ من المفيد في هذا السياق، الاشارة الى الرد السريع من جانب دمشق على زيارة كيري على لسان نائب وزير الخارجية فيصل المقداد الذي وضع عبر قناة «الميادين» زيارة كيري في خانة التأثير في الاستحقاق الرئاسي، وصولا للجزم بأن من يفترض أن سوريا مستبعدة في موضوع الرئاسة اللبنانية «لا يفهم»، وقال «من يعتقد انه يمكنه اجراء مشاورات مع كل العالم ولا يتشاور مع سوريا، (في الشأن الرئاسي) مخطئ».

وفيما كان لافتا للانتباه تأكيد كيري، أن الولايات المتحدة لا مرشح لديها وأن لا «فيتو» على احد في هذا الاستحقاق، قال المقداد إننا نشهد للجنرال عون «أنه مجرّب ومؤمن بلبنان وسيادته وبالعلاقات السورية اللبنانية وبإيجاد حلول لمشاكل لبنان... ونحن لا نتدخل في اختيار الرئيس اللبناني، ونترك ذلك للبنانيين، لكن إن اختير الجنرال عون فاني اؤكد انه يستحق ذلك». وأضاف: المواصفات التي نقرأها في كلام اللبنانيين «تنطبق بشكل ممتاز على فخامة الجنرال عون».

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.