تحولت ذكرى الإنزال الذي نفذه معسكر الحلفاء في النورماندي في نهاية الحرب العالمية الثانية، إلى مناسبة لنزال سياسي بين روسيا والغرب، حيث ستكون باريس، محط أنظار المراقبين الذين ينتظرون نتائج جهود التقريب بين موقفي موسكو وكييف من جهة، وبين الأولى والغرب من جهة ثانية، في ظل لعبة التجاذب حول أوكرانيا.
وعشية احتفالات "يوم النصر" في فرنسا، نشطت اللقاءات والتصريحات المتعلقة بروسيا، حيث يقوم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، بمحاولة جمع الرئيسين بوتين والأوكراني الجديد بيوتر بوروشينكو، خلال لقاء في باريس اليوم، بينما سيلتقي بوتين بالمستشارة الألمانية انجيلا ميركل قبل الاحتفالات الرسمية. أما في ما يتعلق بالرئيس أوباما، الذي وصل الى باريس أمس، فلم يتم الحديث عن أي لقاء مزمع بينه وبين سيد الكرملين، رغم عدم معارضة الأخير للقاء كهذا، حسبما أعلن أمس الأول، لكنهما سيكونان معاً في احتفالات عدّة.
وفي أول لقاء بين بوتين وزعيم غربي منذ ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الى اتّحادها في نيسان الماضي، اجتمع الرئيس الروسي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في مطار شارل ديغول في باريس أمس. وفي سياق المساعي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، تناول الرئيس الفرنسي، أمس العشاء مرتين، كانت إحداهما مع الرئيس الأميركي في أحد المطاعم، والثانية مع نظيره الروسي في الاليزيه، في إطار محاولة فتح قناة للحوار بشأن أسوأ أزمة سياسية تواجه أوروبا منذ الحرب الباردة.
وقبل ذلك بساعات، وفي ختام قمة مجموعة الدول السبع في بروكسل، عقد أوباما وكاميرون مؤتمراً صحافياً مشتركاً حثّا فيه بوتين على الاعتراف بالرئيس الأوكراني المنتخب، وهدّدا روسيا بعقوبات جديدة اذا لم تتوقف عن "استفزازاتها" في شرق أوكرانيا.
وأكد رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي، في ختام القمة، أن "الأزمة بين أوكرانيا وروسيا هي بالتأكيد السبب الذي نظّمنا من أجله قمة مجموعة السبع هذه في بروكسل". وقال إن الغربيين "متّحدون" في رد فعلهم على الأزمة، مضيفاً: "نحن متحدون للتنديد باستمرار بانتهاك روسيا سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا. إن ضم روسيا القرم بشكل غير شرعي والأعمال الهادفة الى زعزعة استقرار شرق أوكرانيا غير مقبولة ويجب ان تتوقف"، طبقاً للسفير.
وعلى مستوى وزراء الخارجية، التقى جون كيري، وسيرغي لافروف، في باريس، حيث أعربا عن الرغبة في الإسهام في إحلال السلام والاستقرار في أوكرانيا التي لا ينبغي ان تكون "بيدقاً" في الصراع بين الشرق والغرب. وكان لافروف قبيل بدء محادثاته الثنائية مع كيري، أكد أن "أوكرانيا يجب أن تكون جسراً وليس بيدقاً" بين الشرق والغرب، لافتاً النظر الى أن "جدول الأعمال الروسي - الأميركي أوسع بكثير"، مشيراً الى دول أخرى بالقول "نود كذلك أن تعيش بلدان أخرى مثل العراق وسوريا وليبيا بسلام، لا ان تستخدم بدورها كبيادق".
بدوره أكد كيري أن أوكرانيا "ليست بيدقاً في المواجهة بين البلدين بل دولة مستقلة ذات سيادة، ونريد لها أن تصبح جسراً بين الشرق والغرب"، حسب قناة روسيا اليوم.
من جانبه، علّق رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف، على تصريحات مجموعة الدول السبع، التي اعتبرت تصرفات كييف في منطقة جنوب شرق أوكرانيا "معتدلة"، قائلاً إن "ما يعرف بـ"السباعية" تقول هي الأخرى أن تصرفات الجيش الأوكراني ضد شعبه معتدلة.. وهذه وقاحة لا تعرف الحدود".
وكان قادة دول "مجموعة السبع" (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي) قد اصدروا بعد اجتماعهم في بروكسل على مدى يومين، بياناً ختامياً حول تقاسم المسؤوليات الدولية من جهة تعزيز السلام والأمن، والاقتصاد والطاقة، وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أهم الملفات الدولية التي تم التباحث فيها، بعد تحديد ألمانيا مكاناً للاجتماع المقبل في العام 2015. وبشأن سورية تمت: إدانة الانتخابات السورية باعتبارها عاراً وتزييفاً، ومطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي عن السلطة لأن لا مستقبل له في سوريا. وإدانة انتهاكات القانون الانساني الدولي وحقوق الانسان والقصف المدفعي العشوائي والقصف الجوي من قبل النظام السوري، بالإضافة إلى أن ثمة أدلة على أن جماعات متطرفة ارتكبت أيضاً انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان. يجب محاسبة كل المسؤولين عن تلك الانتهاكات. وتأييد بيان جنيف الذي يدعو إلى مرحلة انتقالية لسوريا موحدة وجامعة وديموقراطية. وشجب استخدام روسيا والصين لحق النقض في مجلس الأمن في الأمم المتحدة على مشروع قرار إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأبرزت الحياة: قمة بروكسيل تتشدد مع بوتين: خفض التوتر في أوكرانيا أو عقوبات. وأفادت أنّ قادة مجموعة الدول الصناعية الكبرى السبع دعوا الرئيس بوتين إلى العمل فعلاً لخفض التوتر في شرق أوكرانيا والتعاون مع رئيسها الجديد بيترو بوروشينكو، الذي أوعز سيد الكرملين إلى السفير الروسي لدى كييف، بحضور مراسم تنصيبه غداً.
