تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

واشنطن تطلب.. وطهران تلبّي!!

 تحت عنوان: واشنطن تطلب وطهران تلبّي: مفاوضات ثنائية في جنيف اليوم. أفاد تقرير إيلي شلهوب في صحيفة الأخبار أنه تطور خارج المألوف ذاك الذي تشهده جنيف اليوم. تعبير عن رغبة عارمة في تذليل خلافات لا تزال تتهدد المفاوضات الأميركية الإيرانية. المتفائلون كثر ويبشرون بفجر إقليمي جديد. كذلك حجم المتشائمين ممن لا يرى أملاً في «الشيطان الأكبر». وأوضح التقرير أنه في خطوة غير مسبوقة في مسار التفاوض حول ملف إيران النووي، تنعقد في جنيف، اليوم، محادثات ثنائية رسمية بين إيران والولايات المتحدة، بطلب أميركي، بحضور مساعدة الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، هلغا اشميت، تمهيداً لاستئناف المفاوضات بين إيران ومجموعة دول (5+1) من 16 حتى 20 حزيران.

وتفيد المعلومات الواردة من طهران بأن هذا الاجتماع قد جاء بطلب أميركي، لبحث الملف الصاروخي الإيراني الذي فجّر جولة المفاوضات النووية الأخيرة التي انعقدت في جنيف في منتصف أيار الماضي. وتضيف المعلومات نفسها أن «المعنيين في إيران بحثوا خلال اليومين الماضيين في الطلب الأميركي وراجعوا القيادة العليا التي أذنت لهم بالذهاب إلى جنيف لاستطلاع ما لدى الأميركيين من جديد في هذا الشأن».

وكانت مجموعة «5+1» قد طلبت، خلال المناقشات في الجولة الماضية، بحث الترسانة الصاروخية الإيرانية، وهو ما رفضه الإيرانيون لنوعين من الأسباب: الأول، أن المفاوضات الحالية مع «5+1» محصورة بالنووي فقط، وبالتالي لا مجال ولا تفويض ببحث أي ملف آخر. أما الثاني فبحجة أن المنظومة الصاروخية الإيرانية هي منظومة ردعية لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل، وأن أي بحث في هذا الملف يقتضي أولاً نزع السلاح النووي الإسرائيلي لإزالة ما يشكله من تهديد لإيران والمنطقة. وبعد المحادثات الأميركية الإيرانية في جنيف يومي الاثنين والثلاثاء، تقرر أن تجري محادثات ثنائية رسمية بين إيران وروسيا، الأربعاء والخميس، على هامش مؤتمر نزع الأسلحة الذي سينعقد في روما، بين الوفد الإيراني ومساعد وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف. ويفترض خلال هذه الاجتماعات أن تجري مناقشة ما جرى تداوله يومي الاثنين والثلاثاء بين المفاوضين الإيرانيين والأميركيين «ليبنى على الشيء مقتضاه»، على ما تفيد مصادر إيرانية.

وأوضح تقرير الأخبار انّ أسباباً كثيرة أملت هذه الحركة الفجائية وغير المعهودة، من بينها اقتراب نهاية مهلة الأشهر الستة التي حددها الطرفان للانتهاء من التفاوض في 21 تموز المقبل، وحاجة الإدارة الأميركية إلى إنجاز خارجي يساعدها في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وحاجة إدارة الرئيس روحاني إلى تقدم نوعي يساعدها في وضع حدّ لموجة الامتعاض والانتقادات التي تطالها بسبب خوضها مفاوضات لم تسمن حتى الآن ولم تغن من جوع، فضلاً طبعاً عن تطورات الملفين السوري والأوكراني التي تجري، كما يبدو، بغير مصلحة واشنطن.

وتنتاب تياراً واسعاً في إيران آمال بأن يؤدي الحراك التفاوضي إلى توقيع اتفاق، يعتقد كثر أنه بات قاب قوسين أو أدنى. بل تتحدث تسريبات عن أن عناصر الاتفاق المذكور قد تم التفاهم على معظمها، وأنه لم يتبق سوى بعض النقاط العالقة التي استدعت خطوة من نوع اللقاءات الثنائية لتسريع العمل على حسمها، تمهيداً لخروج الدخان الأبيض في جولة التفاوض النووية الرسمية المقبلة.

وكانت صحيفة الأخبار صدّرت صفحتها الأولى بعنوان: إيران ـ أميركا: زمن التحولات. وأفادت أنّ العلاقات الايرانية ــ الاميركية دخلت مرحلة التحوّلات الكبرى. اليوم وغداً تسقط الحواجز. يلتقي مسؤولون أميركيون وايرانيون مباشرة ولمدى يومين في جنيف. بعدها يجتمع الايرانيون مع الروس في يومين متتاليين أيضاً. فرضت طهران نفسها الطرف الاول في المعادلة الدولية لمنطقة الشرق الاوسط. معادلة تدفع حلفاء ايران من سوريا والعراق واليمن الى حزب الله الى الشعور بثقة عالية بالنفس تقارب مرحلة الحديث عن انتصار محورهم. لعل التظهير الاهم لهذه الثقة ورد في الخطاب الاخير للسيد حسن نصرالله

واعتبر سامي كليب في مقاله أنّ مجرد انتقال مفاوضات «5+1» النووية مع ايران الى مرحلة التفاوض المباشر هو حدث كبير جداً في المنطقة. «الشيطان الأكبر» و«دولة الشر» يجلسان الى طاولة واحدة. أمر كان حتى الأمس القريب أقرب الى الخيال. اللقاء يجري على مستوى نواب وزيري خارجية البلدين. بعده لن يكون مفاجئاً ان يرتفع مستوى اللقاءات الى وزيري الخارجية. لا بل قد لا يفاجأ العالم، بعد حين، اذا التقى الرئيسان روحاني وأوباما. منذ اتصالهما الهاتفي الذي هزّ العالم اواخر ايلول الماضي، تتواصل الارتدادات الايجابية. نحن، اذاً، امام تحوّل هائل في منطقة الشرق الاوسط. لعلّنا امام إعادة رسم تحالفات جديدة وأدوار جديدة ستظهر انعكاساتها قريباً على أكثر من ملف، في مقدمها ملفا سوريا وايران. من الطبيعي ان يكون الاعلان عن هذه اللقاءات المفاجئة ثمرة جهود وساطة كثيرة بقيت بعيدة عن الاضواء. ساهمت دول خليجية في الجهود، أبرزها سلطنة عمان ثم الكويت والعراق وتركيا وغيرها. من الطبيعي، أيضاً، ان تكون لقاءات حصلت بين الجانبين من دون الاعلان عنها على مستوى الخبراء. الملفات عديدة ومعقدة. بعضها شائك وبعضها قابل للتفاهم سريعاً. لن يغامر البلدان بلقاءات ثنائية علنية من دون الاتفاق مسبقاً على عدد من هذه الملفات.

وأوضح الكاتب: ليست القنبلة النووية هي المشكلة. كانت اميركا واسرائيل وكل الدول الغربية تدرك ذلك. ايران نفسها أعلنت مراراً رفضها انتاج قنابل.. المشكلة، اذاً، هي في امتلاك ايران التكنولوجيا النووية وليس القنبلة. هذه التكنولوجيا تجعل ايران منافساً شرساً ضد دول غربية عدة، في مقدمها فرنسا، على المستوى العالمي.. التقدم العلمي في ايران يتفوق على كل الجوار بنسبة 11،3 في المئة وفق آخر التقارير الصادر عن «معهد طومسون» ووكالة رويترز. ما الذي تغير اذاً؟ وأجاب: يبدو الآن أن اميركا والغرب الاطلسي اقتنعا بضرورة ان تحافظ ايران على مستوى جيد من التكنولوجيا النووية. قَبِل الغرب حالياً ما كان يرفضه سابقاً. نجحت الى حد بعيد سياسة «مرونة المصارع» التي تحدث عنها السيد خامنئي. في المرونة، كان المرشد يؤكد ان المفاوضات لن تؤدي الى اي نتيجة. بقي يكثف الهجوم على اميركا ويدعم المفاوضين. كان الرئيس روحاني ووزارة الخارجية يكرران مؤشرات الانفتاح. اقترنت «مرونة المصارع» بـ «مناورة المصارع». ماذا انتجت؟

على مستوى الاقليم، صارت ايران الدولة الأكثر أهمية بالنسبة لأميركا والغرب الاطلسي في مواجهة الارهاب. سيتعزّز الامر في المرحلة المقبلة كلما تبيّن أنّ الارهاب بات في حاجة الى تعاون دولي اقليمي أكبر. لا بد أن يشمل هذا التعاون لاحقاً، وعلانية، الجيش السوري. تستطيع ايران وأميركا الاتفاق على أدوارهما في منطقة شرق آسيا. المنطقة ستكون حيوية جداً لواشنطن في العقود المقبلة. البعض يتحدث عن احتمال ان تصبح مركز الثقل الابرز بعد الشرق الاوسط، خصوصاً بعد ان تتخلى أميركا عن النفط الخليجي ابتداء من عام 2018. يكفي ان يلاحظ المرء عدد القمم التي عقدتها ايران مع قادة آسيويين في الاشهر الماضية ليفهم سبب الاهتمام الاميركي.. كل بؤر التوتر في الشرق الاوسط والخليج في حاجة الى تفاهم أميركي ــــ ايراني. بعض هذا التفاهم صار واقعاً. العراق مثال جيد. الحكومة اللبنانية والخطة الامنية ليستا بعيدتين عن هذا التفاهم.

وأوضح كليب أنــه يحكى عن نصائح أميركية وروسية أُسديت الى الرياض في شأن أهمية التقارب مع طهران... وأضاف: أن يقرأ جون كيري، من قلب بيروت، نصّاً مكتوباً يدعو فيه ايران وحزب الله لإيجاد حل في سوريا، فهذا تحوّل كبير. لم يكن أمراً عابراً، ومن السذاجة المحلية اللبنانية التعامل معه على انه زلّة. كان النص مكتوباً. قرأه كيري حرفياً. جاء النص بعد الانتخابات السورية مباشرة. اذاً، هو امر غير عادي. لعل الشرق الاوسط سيعتاد على امور كثيرة غير عادية في المرحلة المقبلة. وتابع الكاتب: أن يذهب أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الى طهران. ليس أمراً عابراً. سبقه تبادل زيارات بين طهران والامارات على مستوى وزيري الخارجية. من المهم الاشارة الى أن هذه الدولة الخليجية التي تطالب باستعادة ثلاث جزر من ايران، هي نفسها التي بلغ حجم التبادل التجاري بينها وبين طهران نحو 16 مليار دولار عام 2013 فقط. قد يضاف الى ذلك التوجه القطري الكبير نحو ايران، أو زيارة نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان الى اليمن ثم لقاؤه مع خالد مشعل على ارض الدوحة.

وتابع كليب: أن تتولى تركيا نفسها تسهيل اللقاءات الايرانية الاميركية فهذا أمر غير عابر ايضاً. ومن المهم مراقبة تفاصيل الزيارة التي يبدأها اليوم الرئيس روحاني الى تركيا. من الاهم مراقبة الخطاب التركي في المرحلة التي ستلي هذه الزيارة. وأان ترسل مصر، المتحالفة عضوياً حالياً مع السعودية، دعوة الى ايران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس المصري المشير عبد الفتاح السيسي، فهذا ليس أمراً عابراً. هناك معلومات عدة عن خطوط ووساطات لتعزيز العلاقات المصرية ــــ الايرانية. المصلحة المتبادلة كبيرة. طهران التي لا تزال متحفظة في التعاطي مع السيسي بيدها الانفتاح عليه، تماماً كما بيدها الابقاء على الخطوط مع الاخوان المسلمين وحركة حماس.... ان يقول رئيس مؤسسة التراث الثقافي الايراني مسعود سلطاني ان عدد السياح الاميركيين الذين زاروا ايران خلال هذه الفترة ازداد 20 ضعفاً ليس أمراً عابراً. يضاف الى ذلك عدد الاجراءات الاقتصادية والمصرفية التي تم الاتفاق عليها بين واشنطن وطهران لنفهم أكثر أن الامور تسير سريعاً نحو التفاهم الأكبر. هل كان بالصدفة، اذاً، أن يقرر أوباما تأجيل العقوبات النفطية على ايران لستة أشهر مقبلة؟ أيضاً، أن تتقاطر على ايران وفود الدول الاوروبية باحثة عن صفقات اقتصادية ليس امراً عابراً.

ويسأل كليب: ماذا عن سوريا؟ ويجيب: كان موقف ايران وروسيا الأكثر وضوحاً في دعم الانتخابات الرئاسية الاخيرة. منذ العام الاول للحرب في سوريا وعليها، أرسل السيد خامنئي من الرسائل ما يكفي لإفهام خصوم سوريا بأن موقف ايران صلب خلف نظام الرئيس بشار الاسد. كثّف الرسائل الداعمة للقيادة السورية حين ظهر بعض ترنح من قبل ادارة أحمدي نجاد. القرار الايراني حيال سوريا معروف تماماً اين مركزه. في هذا المركز بات الموقف أكثر صلابة من السابق، خصوصاً بعد انخراط حزب الله في القتال. أرسلت طهران أحد أهم صقورها، رئيس لجنة العلاقات الخارجية والأمن علاء الدين بروجوردي، الى سوريا لدعم الانتخابات الرئاسية ونتائجها. كان الرئيس روحاني في طليعة مهنئي نظيره السوري بولايته الثالثة. تشعر طهران بقوة وصوابية موقفها هذا في أعقاب الانتخابات، ولكن أيضاً بعد التقدم العسكري اللافت للجيش السوري وحلفائه على الارض.

ويلفت كليب إلى أنّ احتمال المساومة الايرانية مع الاميركيين على مستقبل سوريا يشغل خيال بعض المحللين المناهضين للأسد. لكن من استمع الى كبار المسؤولين الايرانيين، في الاشهر القليلة الماضية، يدرك ان هذا ضرب من خيال. لم تتورّط ايران بكل هذا الدعم العسكري والمالي والسياسي للرئيس الاسد لكي تتخلى عنه في «لحظة الانتصار». توصيف الانتصار ورد على لسان أكثر من مسؤول ايراني في الفترة القريبة الماضية، تماماً كما ورد بكل تفاصيله في الخطاب الاخير للسيد حسن نصرالله.

ثم أن حلفاء سوريا في ايران وحزب الله يعترفون قبل غيرهم بأنه لولا «صمود الجيش السوري» لما استطاع اي طرف، من ايران الى الحزب وصولاً الى روسيا، الانتقال من مرحلة الدفاع الصعب الى مشارف الحسم.. تؤكد معلومات دقيقة ان عروضاً كثيرة ومهمة ومغرية قُدّمت الى القيادة الايرانية لتغيّر موقفها حيال الاسد. كانت كل العروض تصطدم بجواب واحد: «دمشق هي بالنسبة لنا كطهران». قيل هذا الكلام مباشرة من قبل مسؤولين ايرانيين الى القيادة السورية. قيل مثله أيضاً من قبل القيادة الروسية: الدفاع عن دمشق كالدفاع عن موسكو.

الآن، وفيما يشارف الاتفاق النووي على مراحله الكبيرة، هل يمكن التفكير بانفراجات في سوريا ولبنان والعراق واليمن والبحرين وغيرها من الملفات الشائكة. هل يمكن انتظار انفراج في العلاقات السعودية ــــ الايرانية التي لا تزال صعبة وفق ما يُفهم من الخطاب الاخير للسيد نصرالله. الأكيد نعم، ستحصل انفراجات لأن التعاون في ضرب الارهاب ولضمان المصالح الكبيرة في المنطقة يحتاج تفاهمات وتحولات وانفراجات. يحكى عن ورقة سياسية ايرانية في شأن سوريا تهدف الى توسيع قاعدة الحكم في المستقبل. هذا أمر مهم، شرط عدم المساس بصلاحيات الرئيس.

لكن هل الانفراجات ستحصل بسرعة ومن دون عقبات؟ الأكيد لا. التفاوض قد يتعثر وقد يسير. عوامل كثيرة قد تدخل على الخط. اسرائيل القلقة والمتعثرة العلاقات حالياً مع اميركا تراقب وتخطّط، وقد تحرج الجميع بمغامرة متهورة. الخليج القلق من الدور الايراني ومستقبل التقارب الاميركي ــــ الايراني يبحث عن كيفية تغيير مجرى الرياح الاميركية. المتشددون في اميركا وايران نفسها قد لا يرغبون بالذهاب ابعد في التنازلات المتبادلة.

كل شيء وارد. لكن لا شك في ان المنطقة تدخل ابتداءً من اليوم في مرحلة التحوّلات الكبرى. ليس أمراً عادياً ان يجلس الاميركيون والايرانيون على طاولة واحدة للتفاهم. هذا في حد ذاته أول التحولات المفصلية.

إلى ذلك، ووفقاً للسفير، تدخل المفاوضات بين إيران ومجموعة «5+1» بشأن برنامجها النووي مرحلة جديدة اليوم، حيث من المفترض أن يبدأ وفدان رفيعان، إيراني وأميركي، اجتماعا في مدينة جنيف السويسرية يستمر ليومين، بحضور مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي هيلغا شميت، ويهدف على ما يبدو إلى تسهيل التوصل إلى «اتفاق نووي» شامل بحلول المهلة المحددة في 20 تموز المقبل. وتزامن الحديث عن لقاء جنيف مع إعلان حاكم المصرف المركزي الإيراني ولي الله سيف، أمس، أنّ المصرف سيتلقى «قريباً» الدفعة السادسة من الأموال التي رفعت عنها العقوبات، والبالغة 550 مليون دولار.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.