تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

خطط أميركية لضرب «داعش» في العراق.. وسورية!

 تحت هذا العنوان، أفادت السفير في تقرير(وسيم ابراهيم) لها أنه حين توضع السياسة أمام خيارات صعبة، يصحّ غالبا اقتباس أنماط الحل التي اجترحتها الخبرة الإنسانية. لذلك تعرف واشنطن بالطبع الحكمة العابرة للثقافات: إذا أردت القضاء على الفئران، أو امتداد الحرائق، لا يكفي أن تحرث أرضك، بل يجب أن تضمن حدوث نفس الشيء في أرض جارك. على هذا المنوال، تمّت إزالة الحدود من خرائط الخيار العسكري التي وضعت على طاولة البيت الأبيض. الرئيس أوباما يعاين تلك الخطط بجدية، بعد إعلان واشنطن ضرورة مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، وأنه يشكل تهديداً للأمن والمصالح الأميركية. ولكن لم يتضح، حتى الآن، ما إذا كانت «حراثة» الأرض السورية ستتم بإرادة دمشق أم باستبعادها.

وتحدثت السفير عن معلومات تؤكد ما سبق، نقلها مصدر واسع الاطلاع على خطط التحرك العسكري الأميركي التي تم إعدادها. المصدر استمع مباشرة إلى شروح مطولة من مسؤولين أميركيين، ونقل عنهم أن خيار الرد العسكري على «داعش» تم حصره في مجالين، الأول عبر ضربات جوية، يمكن أن تساندها تحركات تقوم بها وحدات خاصة واستخبارات. والمجال الثاني زيادة تسليح وتقوية مجموعات المعارضة السورية، المدعومة أميركياً، كي تكثّف من هجماتها على معاقل التنظيم المصنّف «إرهابيا».

وأضاف تقرير السفير: سألنا عن المشكلة التي تواجهها مسألة الخطوة العسكرية المزدوجة في العراق وسوريا، نظرا إلى الموقف المعروف من النظام السوري والحساسية السياسية لذلك. لكن المصدر أكّد أن الخطط التي وضعها العسكريون الأميركيون لم تتوقف عند هذه الحساسية، مشدّدا على أن «المسؤولين الأميركيين قالوا بوضوح إن الحدود لن تمثل أية مشكلة، ولن تكون عائقاً» أمام تنفيذ ضربات في البلدين حين يقرر البيت الأبيض إصدار أمر التنفيذ. أما مدى التهديد الذي يشكّله «داعش» فلم يعد سؤالا يقابل بحيرة أميركية. بعد لقائه نظراءه في حلف شمال الأطلسي أمس الأول، قال جون كيري إن «التهديد في أماكن بعيدة يمكن أن يؤدي إلى عواقب مأساوية في الوطن، بأكثر طريقة غير متوقعة وبأكثر لحظة غير متوقعة». وذكّر بالهجوم الذي نفّذه محمد نموش العائد من القتال مع التنظيم، حيث قتل أربعة أشخاص في المتحف اليهودي في بروكسل، ليؤكد أن «داعش» هو «تنظيم إرهابي مسلّح، لا يهدد فقط العراق، بل يهدد كل بلد في المنطقة، وأوروبا والولايات المتحدة».

وأوضحت السفير: حصر كيري إطار النقاشات مع السعودية في «مواجهة التهديد المشترك لداعش»، إضافة إلى «دعمنا للمعارضة المعتدلة» في سوريا. وإزاء التردد والغموض في الموقف السعودي من مواجهة حاسمة ضد «داعش»، تعوّل واشنطن على تبديده عبر صرف مزيد من الدعم للمعارضة، وتطمين القيادة السعودية أن حرب «داعش» ستوكل إلى حلفائها، ولن تعني بداية تطبيع مع دمشق. انعكس ذلك أيضا في استمرار امتعاض دمشق من الإشارات السلبية، التي بعثها الغرب للتأكيد على أن مواجهة الإرهاب لن تعني انفتاحا على النظام السوري.

نقاشات الخيارات أمام تحرك العسكري ضد «داعش» دارت بين وزراء خارجية «الاطلسي». تم استعراض صعوبة القيام بعمل عسكري علني ومشترك، خصوصا في سوريا، بسب تعذر الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي. السؤال الجوهري عن كيفية إنهاء تهديد «داعش» عبر ضربه في العراق، وتركه طليقا لتجميع قوته في سوريا، طرحته الصحيفة على وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانس، الذي أكد أنه يجب التحرك في البلدين، موضحا «أعتقد أن علينا مواجهة كلا الأمرين. لكن المشكلة للتقدم في سوريا هي منع روسيا باستمرار من صدور أي قرار من مجلس الأمن». لكن تيمرمانس شدد على أولوية التصدي للخطر القائم، وقال «داعش يمثل تهديدا لأمننا جميعا. إنه يجندّ شبانا من هولندا، ويقوم بغسل دماغهم وإعادة ارسالهم ليقوموا ربما بعمل فظيع».

وفي تأكيد على ضرورة التحرك، خلص الوزير الهولندي إلى القول «أعتقد أن لدينا مسؤولية مشتركة، ويجب أن تتم مواجهتهم أينما وجدوا». لكن طبيعة التحرك تشكل تحديا في غياب تفويض من مجلس الأمن كما يقول تيمرمانس، معتبرا أن احتواء تهديد التنظيم «لن يكون مستحيلا، لكنه سيكون صعبا جدا نظرا للسياق الدولي الذي علينا التحرك فيه».

هذه القضية أصبحت على طاولة النقاش حسب ما أكد وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز. وأجاب حين سأل كيف يمكنهم احتواء تهديد «داعش» عبر تحرك في العراق فقط، أنه «من الصعب القيام بتدخل في سوريا من دون موافقة مجلس الأمن، والتي أصبحت أكثر صعوبة نظرا للوضع في أوروبا وأوكرانيا». لكن ذلك لا يعني الوقوف والتفرّج كما يؤكد ريندرز، موضحا «نحاول إيجاد طريقة عبر ادوات أخرى كي يمكننا القيام بتحرك على الأرض، فحتى الآن كان متعذرا منع بعض الامتدادات (للصراع عبر الحدود)»، قبل أن يضيف «فقط لإعطاء مثال، لقد ناقشنا القدرة على حماية الحدود مع الأردن والحدود مع لبنان، لأن عدم حدوث ذلك ربما يؤدي إلى تداعيات سلبية ليس فقط في العراق وسوريا بل في دول الجوار».

السؤال حول احتواء تهديد «داعش» تناوله الخبير العسكري بروكس تيغنر، وهو محلل في الأسبوعية الأميركية جينس ديفينس المختصة في الشؤون الدفاعية. قال إنه لا داعي لأي حيرة في الإجابة، موضحا «لا يمكن احتواء خطر داعش من دون مواجهته في العراق وسوريا معا. التركيز على العراق لن يحل المشكلة، لأن الحدود المفتوحة تمكن داعش من استجماع قوته»، مضيفا «لأسباب كثيرة ستختار واشنطن التحرك بشكل مخفي».

وتحدث عن خيارات عديدة، منها الضربات بالطيران الحربي أو عبر الطائرات من دون طيار، كما لفت إلى إمكانية استخدام وحدات الاستخبارات ووحدات القوات الخاصة.

لكن هل ستلجأ واشنطن فعلا لهذه الخيارات؟ يرد تيغنر: «لقد حرّكت الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى الخليج. واشنطن استخدمت الضربات من الجو في افغانستان وباكستان والشرق الأوسط، وكذلك استخدموا وحدات القوات الخاصة مرارا»، قبل أن يضيف «أنا متأكد من أن واشنطن تبقي هذا الخيار في جيبها، ولا أستبعده أبدا في سوريا، خصوصا إذا وصلت الأمور إلى قرار بأن تهديد داعش يجب أن يواجه أينما كان».

ولفتت السفير إلى إعلان بريطانيا أن تنظيم «داعش» بات يشكل «تهديدا مباشرا» لأمنها ومصالحها في الخارج. في المقابل، لا يمكن الخروج باستنتاج مختلف حيال درجة التهديد التي تشهرها واشنطن عند الإصغاء إلى وزير خارجيتها. البيت الأبيض يقيّم خطط التحرك العسكري وآثارها بينما يراقب بدقة تحركات إيران. المسؤولون الأميركيون يسربون، بشكل يومي، فحوى تقارير الاستخبارات التي تتحدث عن نقل طهران لمقاتلين ومعدات عسكرية إلى بغداد. رغم نفي طهران، تبدو الاستخبارات الأميركية جازمة بأن طائرات شحنت أطنانا من الأسلحة والذخائر للحليف العراقي، وأن بعض القوات الخاصة الإيرانية أصبحت تعمل من بغداد على تنسيق الحرب ضد تمدد «داعش» والحلف الذي يقوده.

لكن في حين يتم تجاهل تحرك طهران، لم يقابل قيام النظام السوري باستهداف «العدو» بردود سياسية ايجابية. بالعكس، تظهر واشنطن شكوكا كبيرة في أبعاد وخلفيات تحرك السلطة السورية، والأمر يتعدى تكرار الإشارة إلى سكوت دمشق طويلا على «داعش»، واختيارها الرد حين ارتفعت اللهجة الدولية ضده. شكوك الإدارة الأميركية تتجاوز التفكير بالتواطؤ إلى احتمال أن يكون لسوريا يدّ في حراك «داعش». وصل ذلك إلى مقارنة دور دمشق بدور موسكو في دعم الانفصاليين الأوكرانيين. في هذا السياق، قال كيري، مدينا ما تفعله روسيا عبر الحدود لتقوية الانفصاليين، «هذا ما نراه مع داعش وعبوره من سوريا وتحركه السريع إلى العراق، وهو ما يمثل نوعا مشابها لنمط هجين من السلوك».

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.