تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل تكون كاغ بديلاً عن الإبراهيمي؟

 تعد منسقة البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة الخاصة بسوريا سيغريد كاغ نفسها لمهمة تفكيك برنامج عملياتها، بعد تمكن اللجنة، بالتعاون مع السلطات السورية وأطراف أخرى، من تفكيك معظم عناصر البرنامج الكيميائي السوري، ونقل ما تبقى من مواد كيميائية عالية الخطورة من البلاد، إلى حاويات سفن متخصصة، ستتكفل هي الأخرى بتدميرها.

ونقلت صحيفة السفير عن كاغ، من مقر إقامتها المؤقت في دمشق أمس، إن قسما صغيرا من كل عملية تدمير البرنامج قد تبقى، وهو قيد النقاش حاليا حول أفضل آلية لتنفيذه. أما المهمة الأخيرة، وهي تدمير أنفاق ومستودعات (هنغارات) تخزين، فتواجه بعض التعقيدات، إلا أن المسؤولة الأممية توقعت أن يقفل هذا الملف بمجمله في حدود شهرين تقريبا من الآن. كثيرة هي الزيارات التي تقوم بها الديبلوماسية الشهيرة لمبنى وزارة الخارجية السورية في كفرسوسة. إلا ان آخرها، وكانت أمس، بطعم مميز، كون البعثة المشتركة انتهت، بالتعاون مع دمشق، من تنفيذ المرحلة الأخطر والأكثر دقة من برنامج التفكيك، وهي نقل ما يقارب 1300 طن من المواد القاتلة، خارج سوريا. ووفقا لكاغ فإن ما تم انجازه في ظروف تحد كبيرة، لم يسبق له مثيل، وانتهى كما هو متوقع، مشيرة إلى جهود البعثة المشتركة وتعاون السلطات وتضافر جهود الجهات المعنية والدول الأعضاء في المنظمة.

لكن المهمة لم تكتمل بعد. تقول إن ثمة "نقاشاً مستمراً الآن حول كيفية تكييف ومراجعة الإعلان السوري المبدئي" بما يتناسب مع ما تم إنجازه، معتبرة أنه "أمر طبيعي أن تتم المراجعة لإجراء بعض التعديلات والإجابة عن بعض أسئلة الدول الأعضاء. أما القسم الآخر، وهو ذو طبيعة تقنية، فيتمثل بانتظار قرار من المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول سبل إتمام المهمة، ولا سيما كيفية تدمير الهنغارات والأنفاق".

وبمجرد إتمام هذا الجانب، تكون بعثة سيغريد كاغ قد أنهت مهماتها، مشيرة في هذا الصدد إلى أن البعثة "تقلص وجودها في دمشق، وتعد لحسم أمورها، بحيث يتم العمل لاحقا بتقنية أكثر عمومية بين منظمة حظر الأسلحة والحكومة السورية في ما يخص ما تبقى من عمليات نزع السلاح والتفتيش".

وحول ما طرح من تأخر سوريا عن تاريخ نهاية حزيران، لتنفيذ ما يتعلق بها من الاتفاق، قالت كاغ أن هذا الموعد "كان يجب أن يكون موعد تدمير كامل البرنامج الكيميائي السوري، وهو ما لم يتم بالطبع"، لكنها توضح، في الوقت ذاته، أن "ثمة رضا بأنه مع حلول موعد 30 حزيران كان قد تم نقل كامل المواد الكيميائية إلى خارج البلاد، وأن قسما كبيرا من البرنامج المعلن المتفق عليه تم تفتيشه أو تدميره".  وكشفت سيغريد كاغ أن ما يتم الحديث عنه الآن هو "تدمير سبعة هنغارات وخمسة أنفاق، وفقا للاتفاق"، وأن مفاوضات تجري الآن في لاهاي، كما أن هناك اتفاقا، رعاه الروس بوجود الأميركيين والمنظمة والبعثة المشتركة، حول كيفية تنفيذ هذه العملية.

وحول ادعاءات الصحافة الغربية وتصريحات بعض المسؤولين الغربيين بشأن احتمال وجود بقايا مخبأة من المخزون الكيميائي السوري، قالت كاغ "نحن نعمل وفقا لإعلان سوريا المبدئي بشأن البرنامج. لا نعمل وفقا لما تقوله وسائل الإعلام أو غيرها، وإنما استنادا إلى الدلائل. ونحن منفتحون للنقاش مع كل الدول الأعضاء في نيويورك، كما للإجابة عن أسئلتهم".

وردّت كاغ إنْ كانت تعتقد أن مهمة بعثتها قد ساهمت بأي شكل من الأشكال في التأثير في العملية السياسية الخاصة بسوريا، بأنه "من الصعب رؤية ذلك. مهمتنا كانت تسير في مسار منفصل، وإن اتصلت بغيرها من المهمات فقط من جراء كونها مرتبطة بسوريا. لكن يمكن للناس أن تتمنى بالطبع أن يقود كل هذا الجهد المتواضع والتعاون إلى مناخ أفضل، وأن تصبح الأولويات الإنسانية والسياسية في المقدمة".

ورأت كاغ أن "التعاون والتنسيق بين روسيا وأميركا كانا أمرا مساعدا في إنجاز هذه المهمة"، مذكرة بأن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال "حين تتوفر الإرادة السياسية، كما في قضية نزع السلاح الكيميائي السوري، فانه يمكن أن يكون هناك تقدم باتجاه قضايا أكبر، مثل أمن السوريين وأمن المنطقة".

وأوضحت السفير في تقرير آخر أن منسقة البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة سيغريد كاغ، ليست من النوع الذي يقبل الفشل. ربما لهذا فضلت أن تبقي قضية ترشحها لشغل منصب المبعوث الأممي إلى سوريا خلفا للأخضر الإبراهيمي، مبهمة، ومفتوحة الاحتمالات، معلقة على القضية بـالقول: "لا تعليق".

ووفقاً للسفير، عقدت كاغ في الأشهر الأخيرة، ما يقارب 15 لقاء مع المسؤولين السوريين، وأبرزهم نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، وكان آخرها أمس. لا يخفي كثر من المسؤولين السوريين احترامهم للمسؤولة الدولية، رغم تحفظهم التقليدي في ما يخص موظفي المؤسسة الأممية العريقة. تعاطي دمشق مع الأمم المتحدة، ظل على مدى الخمسة عقود الماضية، في إطار ذهنية التعاطي مع "عصبة الأمم"، التي خلفتها المنظمة الدولية الحالية، بعد الحرب العالمية الثانية.

نظرة الخارجية السورية لكاغ هي أنها "تقنية جيدة، وموظفة جدية تتعامل بحرفية مع القضايا". رغم ذلك لم تخل عملية نزع الترسانة الكيميائية المعلنة لسوريا، خلال عشرة أشهر تقريبا من إطلاقها (تم تسمية كاغ لهذا المنصب منتصف تشرين الأول الماضي)، من بعض الاشتباكات السياسية. كانت كاغ تتدخل فيها، بما يسمح لعمليتها بالاستمرار من دون استفزاز الطرف السوري، ومن دون حاجة للجوء الى الضغط من حلفاء دمشق، كما من دون دفع خصوم سوريا، للإحساس بهزيمة تثيرهم في الاتجاه غير المطلوب.

وتساءلت السفير: هل يمكن أن تنجح كاغ في ما هو أصعب؟ التحدي الذي تقوم عليه عملية وساطة سياسية، أو تنسيق عملية سياسية، يختلف تماما عن تلك التي تصدت لها المسؤولة الدولية في الملف الكيميائي. ونقلت الصحيفة عن أحد الديبلوماسيين الغربيين، قوله إن أهم العوامل في نجاح مهمة كاغ تمثل في "توفر إرادة سياسية كاملة في دمشق" للالتزام بخطة نزع السلاح الكيميائي. هذه الإرادة هي التي سمحت بنقل ما يقارب 1300 طن من المواد العالية الخطورة، من مناطق اشتباك عسكري شديد.

وشكك أحد الديبلوماسيين المتابعين لعملية نقل الأسلحة الكيميائية بقدرة أية دولة أخرى على تنفيذ عملية مماثلة في هذا الظرف الأمني، وفي ظل وقت محدود كالوقت الذي منح لدمشق. ويقول آخر إن دولا أخرى حاولت إعاقة عمليات التسليم، في إشارة إلى تركيا، ومحاولة استهداف القوافل في اللاذقية، للعودة إلى فرضية "وجود دولة غير قادرة على تنفيذ التزاماتها الدولية" وصولا ربما إلى "طلب قوة دولية لتنفيذ ذلك".

وختمت السفير بعدد من الأسئلة: هل تملك دمشق ذات الإرادة الصلبة لتنفيذ عملية سياسية في إطار الفهم الدولي القائم لهذه العملية؟ هل تملك كاغ الصلابة والمرونة اللازمتين لهذا المنصب؟ والأهم، هل المجتمع الدولي قادر على فرض مسار مشابه، متوافق عليه، شبيه بعملية نزع السلاح الكيميائي؟

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.