تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الأردن.. ومأزق السياسات الإقليمية:

 أكد وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام محمد المومني أن بلاده لن تدرّب أو تستضيف أي تدريبات لقوات المعارضة السورية على أراضي المملكة. ونقلت صحيفة الرأي الحكومية أمس عن المومني قوله إن «الأردن لن يدرّب أو يستضيف أي تدريب للمعارضة السورية على أراضيه». وأضاف أن «موقف الأردن واضح وثابت من الأزمة السورية، وهذا الموقف يتمثل بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، بما يضمن وحدة سوريا وشعبها ويوقف الدمار ونزيف الدم فيها».

ووفقاً لصحيفة الحياة، يعد تحفظ الأردن الذي أكده أربعة مسؤولين أميركيين، انتكاسة خطرة على الأرجح للمبادرة المقترحة للرئيس أوباما التي أعلنها في حزيران الماضي بتخصيص 500 مليون دولار لتدريب وتسليح المعارضة المعتدلة التي تقاتل نظام الرئيس السوري بشار الأسد وجماعات على صلة بتنظيم «القاعدة». ويقول مسؤولون أميركيون ومحللون إن الأردن يخشى من رد فعل عنيف من النظام السوري إذا استخدمت أراضيه في تدريبات علنية تجريها وحدات من الجيش الأميركي. لكن مسؤولين أميركيين آخرين وصفوا الموقف الأردني بأنه «غير نهائي».

إلى ذلك، نسبت الحياة إلى مصادر موثوق فيها في عمّان أن مئات الخبراء الأميركيين وصلوا إلى الأردن حديثاً، وشكلوا غرفة عمليات مشتركة مع نظرائهم الأردنيين، لمواجهة خطر «الدولة الإسلامية» (داعش) في العراق. وأكدت مصادر أمس رفع مستوى التنسيق العسكري والأمني بين الأردن والولايات المتحدة إلى حده الأقصى لمواجهة صعود «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، لا سيما في بلاد الرافدين، مؤكدة «وصول مئات الخبراء الأميركيين للمساعدة في حماية الحدود بين البلدين»، إضافة إلى محاربة الجماعات المتطرفة.

وفي الدستور الأردنية، رأى ماهر ابو طير أنه "آن الأوان أن يعاد النظر في كل أشكال المعارضة السورية في الأردن، وهذه المعارضة التي لها حراك وبعض الرموز التي تتنقل، فوق بعض النشاطات، لابد من منعها كليا بشكل واضح وصريح". ورأى أنّ الاسباب في ذلك متعددة... وكان الاردن قادرا على ادارة هذا الملف، والمراهنة ان يبقى قادرا، غير ان خفض الاخطار اولى من انتظارها، والتعامل معها، والمساحات التي كانت ممنوحة الفترة السابقة، يتوجب الغاؤها كليا، لان في هذا الالغاء، فصل بين الازمة السورية والاردن، على المستوى السياسي ومستويات أخرى حساسة. ليس من مصلحة الاردن مد الازمة السورية الى الاردن بحيث يتحول الاردن الى ساحة للجدل والخلافات وتصفية الحسابات والملاحقات السرية والعلنية. وختم الكاتب: بشكل صريح، مرحبا بالأشقاء السوريين، وصدر البيت لهم، لكن دون أي سياسة، أو نشاط، أو عمل سياسي ، او عمل له علاقة بالجانب العسكري، ونحتمل معا الاثار الاقتصادية والاجتماعية لمحنتهم، بروح الشراكة، غير أن لا أحد مضطر هنا، لاحتمال الاثار الاخرى الأسوأ....لا هم ولا نحن قبلهم!.

وتحت عنوان:  ملك الأردن إلى دمشق؛ هل هناك بديل؟ قال ناهض حتر في صحيفة الأخبار: هل تصدّقون أن السعودية التي تنهمر ملياراتها، هنا وهناك، وبلا حساب، لتحقيق أهداف التحالف الأميركي السعودي، لا تزال تمتنع عن تمويل الخزينة الأردنية؟ وأوضح: ليس هذا بخلاً بالطبع، بل هو تعبير عن نهج سياسي غامض تتبعه واشنطن والرياض حيال دولة «حليفة»؛ هل تريدان إخضاعها بالكامل لخططهما الخاصة بالمعارضة السورية وإسرائيل، أم دفعها إلى الحافّة أم إلى الهامش الأخير، أم حتى إسقاطها؟ اقتربت المديونية الأردنية، أثناء كتابة هذه السطور، من 27 مليار دولار. لكن تحت الطاولة، هناك عرض سعودي مستمر لشراء غزوة عبر الحدود الأردنية ــــ السورية، بل قل حرباً بين البلدين الشقيقين. عرضٌ رفضته عمّان دائماً. الآن، يقترح أوباما، نصف مليار دولار لتدريب مقاتلين سوريين «معتدلين» على نطاق واسع في الأردن؛ ستأخذ عمّان حصتها الهزيلة لقاء تحويل البلاد إلى ثكنة تعجّ بالمسلحين من سوريا والمدربين من أميركا؛ الملك عبد الله الثاني أبدى لنائب الرئيس الأميركي، جون بايدن، تحفّظه عن الخطة. وفي عمّان، نقلت وكالات الأنباء عن مسؤولين مجهولي الهوية، مواقف متباينة. أحدهم صرّح: «لم نعتذر بعد»، وثانٍ أبدى تخوّفه من «رد سوري عنيف».

وتابع حتر: تسيطر «داعش» اليوم على مناطق أكبر من الأردن مساحة، وتتمتع، بخلاف هذا البلد الفقير، بثروات النفط والمياه والزراعة، بل وتملك فائضاً مالياً لا تحلم به المملكة، ثم إنها قادرة على التنظيم والحشد الداخلي، والتحرك، وما ينقصها هو بطاقة خضراء أميركية إسرائيلية سعودية؛ ومع ذلك يتبجّح وزير الخارجية، ناصر جودة، بأن خطر «داعش» يمكن السيطرة عليه ببضع آليات مسلحة! ويضيف الكاتب: لكنّ خطأ العمر ارتكبته عمّان في العراق، حين قدمت الدعم لبعثيي عزة الدوري والعشائر والفصائل الإسلامية «المعتدلة» ضد حكومة نوري المالكي؛ خسرت عمان، بمغامرتها العراقية الفاشلة، بغداد والمشاريع الكبرى مع المالكي، ولم تربح المناطق السنية التي تحولت مصدراً للتهديد السياسي والأمني، أما التحالف مع كردستان، فليس له مستقبل، ما دامت أربيل تحوّلت إلى مساحة نفوذ مشتركة بين تركيا المعادية للأردن وإسرائيل التي تريد فرض حمايتها على البلد، وإخضاعه لبرنامج الوطن البديل. وفشل مغامرة العراق، يدعو عمّان إلى النفور من خطة أوباما لتدريب المسلحين السوريين، وتحشيدهم لغزوة ستنقلب حرباً ثنائية، مع الجيش السوري من جهة، و«المعتدلين» المتحوّلين حتماً إلى دواعش، من جهة أخرى.

وأوجز الكاتب المشهد الأردني، بالآتي: أزمة مالية بنيوية، وجمود اقتصادي عميق، واختناقات اجتماعية ــــ سياسية متعاظمة، وانشقاق جذري في الهوية الوطنية، ونموّ سريع للظاهرة الجهادية، ومخاطر جدية محتملة من الحدود الشرقية والشمالية، ونخبة سياسية مشلولة، وطبقة حاكمة ترفض تقديم أي تنازلات داخلية لقيام تحالف وطني اجتماعي يواجه التحديات واستحقاقاتها. المشهد مغرٍ لإسرائيل، لكي تنقضّ على البلاد تحت لافتة «الدعم» و«الحماية» وإخضاع «الضفتين» لبرنامجها في تصفية القضية الفلسطينية، بينما تضرب غزة حتى الدمار أو تفرض عليها وعلى مصر السيسي، العودة إلى تفاهمات حسني مبارك ــــ محمد مرسي.

البديل الأردني الجدي الوحيد الممكن الآن يكمن في تفاهمين استراتيجيين: داخلي مع الحركة الوطنية والمحافظات والعشائر، وخارجي مع سوريا. موضوعياً، يستطيع الملك عبد الله الثاني أن يخرج من شبكة الحلفاء ــــ الأعداء، نحو هذين التفاهمين.

المسافة بين المفرق ودمشق تكفيها مروحية، يمكن أن تكون حاضرة لتنطلق بالملك من لقاء وطني في مضارب البادية الأردنية إلى لقاء حان وقته مع الرئيس بشار الأسد في العاصمة السورية؛ أليس هذا، بالضبط، ما فعله الملك حسين مع الرئيس حافظ الأسد، مرتين: في السبعينيات لمواجهة استحقاقات مع بعد أيلول 1970، وفي أواسط الثمانينيات للخروج من مأزق مشروع «الكونفدرالية»؟ كان الملك حسين، حليف الولايات المتحدة، يستدرك لحظة الهاوية الأميركية، بالذهاب نحو دمشق. وكان الرئيس حافظ الأسد، دائماً، مفتوح القلب والذراعين للأردن والأردنيين.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.