تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

متابعة خاصة: السعوديــة وإرهــاب «داعش»: دعـم أم مكافحــة؟

مصدر الصورة
متابعة محطة اخبار سورية

        ادعت كلمة صحيفة الرياض السعودية الأسف لأنّ كل الدول عربية، وإسلامية، أو من تدعي خطورة الإرهابيين، لا توجد لديها تحليلات وخلق أفكار ودعايات مضادة ذات منهج ناجح ومتطور، واستخدام كل الوسائل المتاحة لدول تملك الإمكانات المادية والفكرية ومختلف الطاقات بحيث تكون الحرب ليس فقط متابعة بؤر الإرهابيين ومن يغذونهم بالأفكار أو يدعمونهم بالمال، وإنما بتسخير الدعاية المضادة وفق توظيف كل شيء يؤدي إلى كشف التضليل الذي تمارسه تلك الجماعات... واعتبرت الصحيفة أنّ التأثير على العقول، وصياغة رأي عام مقبول هما معارك عديدة، أهمها حرب الأفكار بالأفكار المتطورة، لأن الوسط الذي تغزوه تلك الجماعات هو وسط القاصرين وعديمي الثقافة والوعي، لكن من يجندهم هو الأخطر، لأن الفاصل بين الجنة والنار، ودار الإيمان والكفر هو الجهاد في سبيل الله، ثم إن شرح النعيم في الآخرة كبيت مستقر أبدي، مغريات جندت الكثيرين لأن الدعاية الممنهجة والفاعلة في إقناع تلك الفئات لها قابليات خاصة، بل هناك أنصار مدركون ولهم معرفة جيدة ليس بأصول الدين فقط، وإنما باستخدام المؤثرات النفسية لدرجة أن شعار الموت المقدس، أمام الحياة الفانية يبرره قول المتنبي «فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم» والخطأ الأكبر أننا لم نقدر قوة الدعاية الجاذبة والمضللة لينجح فكر الإرهاب على فكر الإصلاح والحياة السوية، ويذهب الجميع أمام التقصير الكبير والخطير.

بدورها، رأت افتتاحية الوطن السعودية: مسؤولية العلماء والدعاة في المملكة، أنه في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة، عقب الاختلالات السياسية التي أعقبت الربيع العربي، وبالتزامن مع انتشار طوفان العولمة وسرعة وسائل الاتصال، فإن على الفقهاء ورجال الدين والدعاة، في هذه البلاد الآمنة المستقرة أن يعوا تماما حجم الدور العظيم الذي ينتظر منهم، والمسؤولية الثقيلة التي تقع على عاتقهم في بيان حقيقة الإرهاب، والرد على شبهات أصحاب الفكر الضال، وتفصيل وتفنيد الأخطاء المضللة في هذا الفكر. وأضافت الصحيفة أنّ واجب العلماء والدعاة وباقي النخب في هذا الوطن الكبير، مراجعة الأخطاء السابقة التي وقع فيها بعضهم، والرجوع إلى الحق، وإدراك خطر بعض الاجتهادات المتحمسة، أو الفهم الخاطىء لبعض النصوص، أو إسقاطها في غير موضعها، كما حدث ويحدث في أبواب التكفير والجهاد، وموقف المسلم من المذاهب والأديان الأخرى.  الإسلام دين حياة. دين حضارة وعلم وأخلاق، لا دين هدم وقتل وتفجير وتكفير، هذا ما يتوجب على علماء ومفكري ودعاة هذه البلاد إيضاحه للشباب.

وحمّلت افتتاحية القدس العربي السعودية المسؤولية وأوضحت فشلها ومأذقها. ولفتت الصحيفة إلى تصريحات مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ، وبيان مجلس الوزراء السعودي والأمر الملكي بشان الإرهاب وتنظيم "داعش" وتبرع الرياض بمئة مليون دولار لمركز الامم المتحدة لمكافحة الارهاب، معتبرة أنّ هذه الاجراءات تعكس قلقا جديا سعوديا من خطر قوات داعش بعد ان تمكنت من التهام مدن ومناطق شاسعة في العراق وسوريا مؤخرا. وفاقم من هذا القلق استطلاع غير رسمي اجري على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، وأظهر أن «نحو تسعين بالمئة من السعوديين يعتبرون أن افكار داعش تتفق مع الشريعة الاسلامية». وكان استطلاع أُجري عام 2009 أظهر أن 20 في المئة من السعوديين عبّروا عن رأي «إيجابي نوعاً ما» أو «إيجابي» تجاه تنظيم «القاعدة».

ورأت الصحيفة أنّ ذلك يوضح عمق المأزق السعودي مع الفشل المزمن للاجراءات الامنية والقانونية والسياسية لمكافحة إرهاب التطرف الديني، ما يتطلب البحث عن مقاربة شاملة تستهدف اقتلاع الجذور المحلية لثقافة التكفير، حتى وان تطلب ذلك مواجهة مع المؤسسة الدينية القوية.

وأضافت القدس العربي أنه رغم قيام الحكومة بتوجيه وسائل الاعلام وكتاب الاعمدة داخل السعودية وخارجها مؤخرا بشن حملة واسعة ضد افكار داعش، إلا أن أحدا منهم لن يستطيع البحث في علاقة أفكار التنظيمات التكفيرية بالمبادئ والقيم التي طالما روجت لها المؤسسة الدينية السعودية نفسها باعتبارها من الاسس التي اقيم عليها الاسلام. كما انه لن يستطيع ان ينتقد الخطاب المتطرف من جهة اصوله الفقهية التي تبرر التعاطف الشعبي المفترض مع اولئك الارهابيين، اذ ان من شأن ذلك ان يواجه المرء اتهاما بالتشكيك في العقيدة نفسها تصل عقوبته الى الاعدام، حيث ان هذا قد يفتح الباب امام التشكيك في شرعية الحكم الملكي «الاسلامي» للبلاد. وهكذا فانه ليس من المصادفة ان السعوديين يمثلون نسبة مهمة من مقاتلي «داعش» وجبهة النصرة التي لم يذكرها المفتي في تصريحه وهي تعتبر الفرع السوري من تنظيم القاعدة.

واعتبرت الصحيفة أنّ ظهور داعش وأخواتها يمثل نتيجة طبيعية لفشل السعودية المتراكم خلال السنوات الماضية في تبني مقاربة شاملة وحقيقية لمكافحة الارهاب بالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعته البلاد لدى عودة المتطرفين من افغانستان في العقد الاول من هذا القرن. ولا يجب أن يستغرب أحد اذا كرر التاريخ نفسه مع الانتشار المتسارع لأفكار داعش خاصة بين الشباب. وخلصت الصحيفة إلى أنه يجدر بالحكومة السعودية قبل أن تدعو الآخرين الى محاربة داعش أن تبدأ بنفسها، فتكافحه أولا على ارضها وفي داخل مؤسساتها الدينية والاجتماعية الرسمية التي تمثل حاضنة ثقافية وربما تمويلية لأنشطته. وبدون هكذا مكافحة شاملة فإن هذا الخطر الارهابي التكفيري أصبح يمثل «قنبلة موقوتة» تهدد السعودية وغيرها، وليس السؤال إن كانت ستنفجر، لكن أين ومتى، ومن سيكون ضحيتها المقبلة؟

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.