تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تونس تُوقف تمدد الأصولية.. إعادة رسم الخريطة السياسية!!

                ظهرت جلية نتائج الانتخابات التونسية أمس، معلنة بداية مرحلة جديدة واحتمال ولادة حكم يعكس تحالفات مغايرة ستقود البلاد في السنوات المقبلة، ما يعتبر بمثابة انقلاب للمعادلة السياسية، حيث قد تنتقل «حركة النهضة» الإسلامية من مقاعد السلطة إلى المعارضة، ويعود من كان بالأمس معارضاً، أي حزب «نداء تونس»، إلى قيادة دفّة البلاد.

واعترفت «حركة النهضة» أمس، بحلولها ثانية في الانتخابات البرلمانية التي جرت أمس الأول، خلف «غريمها» العلماني حركة «نداء تونس»، بحسب ما قال المتحدث الرسمي باسمها زياد العذاري، الذي أضاف في لهجة فيها الكثير من «التحسر» أنه «سيكون لنا حوالي 70 مقعداً في البرلمان، فيما سيكون «لهم» نحو 80». اعتراف العذاري يأتي بعد إعلان «نداء تونس» انتصارها وحلولها أولى في الانتخابات وبفارق كبير عن «النهضة»، والتي بحسب العذاري «دفعت ثمن تولّيها الحكم خلال الفترة الانتقالية»، معترفاً بالأخطاء التي ارتكبتها حركته. وبالحسرة ذاتها أشار العذاري إلى أن الحركة «لا يهمها الحكم مهما كان الثمن بل هي تسعى الى بناء تونس والمشاركة في الحياة السياسية مشاركةً إيجابية».

ونقلت السفير عن الكاتب والمحلل السياسي التونسي نور الدين المباركي قوله، في قراءة لنتائج الانتخابات، إن «نتائج الانتخابات في تونس في ملامحها العامة لم تكن مفاجئة، فأحزاب الترويكا التي حكمت بعد انتخابات 23 تشرين الأول 2011 تأثرت شعبيتها سلباً بسبب تفاقم الازمة الاقتصادية والاجتماعية وتداعيات العمليات الإرهابية». وأضاف المباركي أنه «يمكن القول إن عملية التصويت في هذه الانتخابات كانت بمثابة العقاب لهذه الأحزاب»، إلا أنه اعتبر أن «حركة النهضة تمكنت من الصمود مقارنة بحليفيها التكتل وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، بسبب تأثيرها الذي ما زال قائماً في محافظات الجنوب، وأيضاً بسبب تنظيمها وانضباط قواعدها».

وحول صعود «نداء تونس»، أشار المباركي إلى ثلاثة أسباب أساسية. وقال «أولاً قدرة هذا الحزب على أن يكون إطاراً لجزء من المنتمين سابقاً للتجمع الدستوري الديموقراطي وليساريين غير منتظمين حزبياً ونقابيين سابقين. وثانياً، بوجود شخصية كاريزماتية لمؤسسه السبسي الذي استعاد حضور وخطاب الزعيم والرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، وثالثاً تركز خطابه على المحافظة على النمط المجتمعي التونسي». ويستنتج المباركي أن نتائج الانتخابات أفرزت مشهداً جيداً في المجلس النيابي المقبل، يختلف نوعياً عن خريطة انتخابات المجلس الوطني التأسيسي والمتمثلة أساساً في حضور «الجبهة الشعبية» و«التيار الوطني الحر» و«آفاق تونس». ويضيف المحلل التونسي، أن النتائج لفتت إلى معطى آخر مهم على الساحة السياسية، وهو انتقال الأحزاب الحاكمة السابقة إلى المعارضة، إلى جانب شبه اندثار أحزاب أخرى.

وأبرزت صحيفة الأخبار: تونس تعاقب الإخوان.. النهضة» تخسر الهيمنة على الحكم. واعتبرت أنّ نجاح «نداء تونس» بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان الذي ستكون ولايته لخمس سنوات تشكل خلالها الحركة حكومتها، يطرح مجموعة من الأسئلة في الشارع التونسي، وذلك لتزامن ما حدث مع اضمحلال أحزاب أخرى برز نجمها منذ سقوط النظام السابق، وسبق أن تفوّقت في الانتخابات الماضية. كل ذلك يقود إلى السؤال: ماذا حدث ليفوز «نداء تونس» بأعلى عدد من الأصوات والمقاعد؟ ورأت أن من الواضح أنه التقت مجموعة من العوامل الأساسية في تحقيق هذا الانتصار، أولها إخفاق «الترويكا» (النهضة ـ المؤتمر ـ التكتل)، التي حكمت بعد الانتخابات السابقة، في تحقيق أي مكسب للتونسيين... وليس مبالغة تقدير أن التونسيين عاقبوا «الترويكا» والأحزاب التي اقتربت من الإسلاميين، وكذلك «الأحزاب الصغيرة»، لأنهم يبحثون عن مركب نجاة، وإن فاحت منه رائحة الزمن القديم.

وعنونت الحياة: «النهضة» التونسية تقرّ بهزيمتها وتدعو إلى شراكة مع العلمانيين. وأوردت أنّ حركة «النهضة» الإسلامية أقرّت أمس، بتفوّق حزب «نداء تونس» العلماني عليها في أول انتخابات اشتراعية يشهدها البلد بعد الثورة التي أطاحت نظام زين العابدين بن علي، وذلك رغم عدم صدور النتائج الرسمية المتوقعة غداً. وأسفرت الانتخابات التونسية عن مفاجآت أخرى، إذ تمكن الحزب «الجمهوري» من ضمان مقعد وحيد فقط، بعدما فاز بـ16 مقعداً في الانتخابات السابقة. كما سُجل تراجع واسع لحزب «المؤتمر» (حزب المرزوقي) الذي فقد أكثر من 20 مقعداً. في المقابل، شكّل حزب «الاتحاد الوطني الحر» مفاجأة أخرى بحلوله في المرتبة الثالثة. ويُتهم هذا الحزب الذي يرأسه رجل الأعمال سليم الرياحي، بتوظيف المال السياسي وشراء أصوات ناخبين. كما تمكّنت «الجبهة الشعبية» اليسارية من ضمان 10 مقاعد على الأقل، في تقدم مهم لليسار الذي كان يملك 5 مقاعد في الانتخابات الماضية.

وهنأ الرئيس أوباما الشعب التونسي بإجراء الانتخابات «الديموقراطية». ورأى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أن التونسيين «قطعوا مرحلة تاريخية» بتصويتهم لانتخاب برلمان، مشيراً إلى أنهم «قدموا الدليل على أن الديموقراطية ممكنة في العالم العربي».

واعتبر رشيد خشانة في مقاله: تونس تُوقف تمدد الأصولية، في الحياة، أنّ الانتخابات البرلمانية الأخيرة في تونس شكلت نصراً واضحاً على الجماعات المصنفة محلياً وإقليمياً في خانة الحركات الإرهابية، وفي مقدمها جماعة «أنصار الشريعة» التي هددت بإفشال الانتخابات وكانت تُعد العدة لإفسادها. وأتت نسبة المشاركة التي تجاوزت ستين في المئة لتؤكد أن التونسيين باتوا يثقون بأن صندوق الاقتراع هو الفيصل في اختيار من يحكمهم ورفضهم أي عنف أو انقلاب أياً كانت مسوغاته. كما أثبتت الانتخابات أن الخيار الحداثي أصيل وراسخ في البيئة التونسية، بحكم الانفتاح التاريخي للمجتمع على الغرب والذي ساعدت عليه الجغرافيا (وجود الأقليات منذ القديم) والنظام التعليمي بعد الاستقلال. واللافت أن المؤسستين الأمنية والعسكرية لعبتا دوراً حاسماً في إنجاح المسارين الانتخابيين اللذين عرفتهما تونس بعد الثورة... أما على الصعيد السياسي ففي مقدم النتائج المتوقعة بعد حلول أكبر حزب أصولي في تونس في الرتبة الثانية خلال الانتخابات الأخيرة توقف تمدد الأصولية في المنطقة... ويتزامن تراجع الأصوليين في تونس مع هزيمة عسكرية للجماعات المتشددة في ليبيا، المرتبطة بحركة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب «العدالة والبناء»، والتي فقدت غالبية مواقعها في بنغازي. 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.