واجهت السعودية تطوراً امنياً خطيراً، تمثل في هجوم غير مسبوق نفذه مسلحون مرتبطون بتنظيم "القاعدة"، واستهدف مراسم عاشورائية في منطقة الاحساء الشرقية، ليل الاثنين الماضي، ما اسفر عن مقتل سبعة أشخاص، وما دفع بالسلطات الامنية الى اطلاق عملية أمنية واسعة في ست مدن، قتل خلالها شرطيان وثلاثة مطلوبين امنيين، فيما تم توقيف 15 آخرين.
وفي التفاصيل، أفادت السفير أنه إثر هذا الهجوم، الذي لم تشهد له المملكة مثيلا، نفذت قوات الامن عملية امنية واسعة في ست مدن. وأكدت السلطات السعودية أن الهجوم نفذه اشخاص مرتبطون بتنظيم "القاعدة". واستنكر مفتي السعودية رئيس هيئة كبار العلماء عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ الهجوم واصفاً إياه بأنه "عدوان ظالم وغاشم خطّط ودبّر له حاقدون على الأمة، سمحوا لأنفسهم استباحة دماء المسلمين من دون وجه حق".
بدوره، أكد رجل الدين الشيعي البارز حسن الصفار أن "المتطرفين الإرهابيين الذين استهدفوا قتل أبرياء في قرية الدالوة إنما هم أرادوا من ذلك تفجير النسيج الاجتماعي الوطني، وإشعال الفتنة الطائفية"، معتبراً ان "الردّ المطلوب على هذه الجريمة النكراء، هو تعزيز التلاحم والتعايش الوطني، بنشر ثقافة التسامح، وتجريم التحريض على الكراهية، وإدانة الشحن الطائفي".
وأبرزت الحياة: 22 شخصاً عناصر الخلية الارهابية. ونسبت الصحيفة إلى مصادر أمنية موثوق فيها، أن الخلية المنفذة للعملية التي استهدفت قرية الدالوة في محافظة الأحساء تتكون من 22 عنصراً، إذ قتل منهم، بإعلان الداخلية أمس، ثلاثة أشخاص خلال المواجهات الأمنية. ووفقاً للصحيفة، تجاوز السعوديون منحدر «الطائفية» و«الفتنة» من خلال بيانات علماء سنة وشيعة حذروا من هذا المنزلق وتمسكوا بالوحدة الوطنية.
في هذا الوقت، أصدر الملك السعودي عبد الله امراً ملكياً بإعفاء وزير الإعلام والثقافة عبد العزيز خوجة من منصبه "بناء على طلبه"، علماً بأن الوزير السعودي سبق ان اتخذ قراراً، قبل اعفائه من مهامه، بإقفال قناة وصال الدينية المتطرفة على خلفية العملية الارهابية في الاحساء. ونص الامر الملكي على تكليف وزير الحج بندر بن محمد حمزة أسعد حجار "بالقيام بعمل وزير الثقافة والإعلام بالإضافة إلى عمله".
وكان خوجة نشر، في اعقاب الهجوم الارهابي في الدالوة تغريدة على موقع "تويتر"، قال فيها إن "وزارة الثقافة والإعلام لن تسكت ازاء اي وسيلة اعلامية مقروءة او مسموعة او مرئية او رقمية تحاول النيل من وحدة الوطن وأمنه واستقراره"، ثم أعلن في تغريدة أخرى انه امر بإغلاق مكتب قناة "وصال" المعروفة بعدائها للشيعة، في الرياض و"منع اي بث لها من السعودية"، مؤكدا ان القناة "ليست سعودية من الأساس". ولم يصدر أي موقف من الديوان الملكي يوضح سبب إعفاء خوجة في هذا التوقيت والظرف.
وأبرزت القدس العربي: إقالة وزير الإعلام السعودي وغموض حول أسبابها. وأوضحت أنّ القرار الملكي السعودي بإعفاء الوزير الناجح عبد العزيز خوجة من منصبه أمس فاجأ السعوديين، لاسيما الاعلاميين والمثقفين منهم. ورأى مراقبون أن قرار الوزير بإغلاق القناة الفضائية «وصال» كان السبب بعزله، وأشاروا إلى المعنى الواضح في ظهور مفتي السعودية للحديث في القناة في يوم إعفاء الوزير من منصبه، بينما أكد البعض الآخر عدم ارتباط قرار العزل بذلك لأنه عادة يرتبط بجهات سياسية أعلى من الوزير.
وفي الشرق الأوسط، اعتبر طارق الحميد أنّ الجريمة الإرهابية في محافظة الأحساء ليست عملية استهداف للطائفة الشيعية الكريمة، هي استهداف السعودية ككل للنيل من لحمتها الوطنية، وإرباك المشهد الداخلي، وجرّ السعودية إلى باقي دوائر النزاع والصراع بالمنطقة ليتسنى للتطرف والمتطرفين فرصة التخريب، والتنكيل، وإشاعة الفوضى، وهذا هو الهدف الذي سعى ويسعى له الإرهابيون دائما باستهدافهم السعودية، وهذا هو أيضا هدف كل من يقف خلف هذا الإرهاب.
وكتبت افتتاحية الوطن السعودية؛ وما موقف أهم رجالات المذهب الشيعي في المملكة، بوجه صورة من صور الإرهاب الطارئ؛ إلا مشهد من مشاهد اللحمة الوطنية، التي يراد قسمها وتفتيتها، تارةً من الخارج، وأخرى من الداخل. وأضافت: خروج رأس المؤسسة الدينية في المملكة في موقف موحد من هيئة كبار العلماء، بعد الحادث بدقائق، مستنكراً ما شهدته الأحساء أول من أمس، أمر يتجاوز الإنكار من أجل الإنكار فقط، تفسير ذلك مرتبط في نهاية الأمر بالوحدة السعودية، التي لا تفرق في مضمونها بين مذهب وآخر، مقابل المساواة بالوطنية والحقوق والواجبات، وقبل ذلك من باب المسؤولية الشرعية الملقاة على عاتق هيئة كبار العلماء. ومن هذا المنطلق، كان لرجال الدين من الطائفة الشيعية؛ استشعار كبير للمسؤولية الشرعية، لشجب تلك الصور من الإرهاب، مما يعكس بالدرجة الأولى الحرص على النسيج المتجانس، والتوعية مما يُحاك ضد دولةٍ تعيش قمة الأمن والرخاء، فيما لا صوت يعلو في محيطها؛ على صوت السلاح.
