تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بوتين يضع شروطاً للتعاون مع واشنطن.. ماذا عن الصين؟!

           أبدى الرئيس بوتين أمس، استعداد بلاده للتعاون مع واشنطن على أن يكون ذلك على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وقال بوتين، خلال تسلمه أوراق اعتماد السفير الأميركي الجديد جون تيفت في الكرملين، «نحن مستعدون للتعاون العملي مع شركائنا الأميركيين في المجالات المختلفة، على أساس مبادئ احترام مصالح كل منا للآخر، والحقوق المتساوية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية». وأضاف «اننا نعمل على أسس افتراضية أن روسيا والولايات المتحدة تتحملان مسؤولية الأمن والاستقرار الدولي، ومواجهة التحديات والتهديدات العالمية». من جهته، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه على زعماء أوكرانيا إجراء محادثات مباشرة مع الانفصاليين في شرق البلاد، وألا يتعاملوا مع موسكو على أنها طرف في الصراع، طبقاً للسفير.

ووفقاً لصحيفة الأخبار، تتواصل الحرب الكلامية بين روسيا والولايات المتحدة على خلفية الأزمة الأوكرانية وغيرها من الأزمات التي توتّر العلاقات بين البلدين، لتدخل منعطفاً أكثر جدية، في ظل تصريح سيرغي لافروف، أمس، بأن نظيره الأميركي جون كيري، دعاه إلى عدم الاكتراث بتصريح الرئيس أوباما، الذي وُضعت فيه روسيا في قائمة التهديدات جنباً إلى جنب مع حمى إيبولا. وقال لافروف: «أنا لفتت الانتباه إلى التهديدات المدرجة التي سمح الرئيس أوباما لنفسه بها منذ بداية حديثه في الجمعية العامة للأمم المتحدة»، مضيفاً أن جون كيري قال له: «لا تكثرت». وعلّق لافروف على هذا الأمر بالقول إنه «إذا كان هذا الأمر جدياً، فهو محزن»، موضحاً أن كيري «قال ذلك لأنه أراد مناقشة المواقف بشأن حلّ المشكلة النووية الإيرانية والوضع في شبه الجزيرة الكورية». وشدد لافروف على أنه «لا يليق بدولة كبرى أن تتعامل مع شركائها بطريقة استهلاكية»، مضيفاً: «هناك حيث نحتاجكم – تساعدون، وهناك حيث لا حاجة بكم - تنصتون».

من جهة أخرى، وصف لافروف التوسع «الأرعن» لحلف «شمال الأطلسي»، بأنه خطأ من شأنه الإضرار بأمن أوروبا. وقال «نعتقد وظللنا نردّد هذا الكلام منذ بداية المرحلة التاريخية الحالية أن التوسع الأرعن والمستمر لحلف شمال الأطلسي (الناتو) خطأ يقوض أمن أوروبا». وأضاف أن وضع أوكرانيا كدولة محايدة عنصر أساسي للأمن والمصالح القومية لهذا البلد.

وفي واشنطن، رفض مجلس الشيوخ الأميركي أمس، إصلاحات شاملة لبرنامج وكالة الأمن القومي كانت تهدف إلى الحد من عملية جمع البيانات عن الأميركيين التي تقوم بها الحكومة. ويعد التصويت برفض الموافقة على هذه الإصلاحات المسماة «قانون الحرية الأميركي»، ضربة للرئيس أوباما الداعم لها، كما انه يمهد لمواجهة خلال الأشهر المقبلة، مع انتهاء قوانين رئيسية تتعلق بالرقابة، طبقاً لفرانس برس.

وفي الخليج الإماراتية، لفت جميل مطر إلى أنه وخلال أقل من أسبوع انعقدت في بكين قمة لقادة 21 دولة في مجموعة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والباسيفيكي، وقمة ثنائية سبق انعقادها اجتماع قمة بكين، طرفاها الرئيسيان باراك أوباما وشي جينبينغ. وبعد بكين انعقدت قمتان في ميانمار، قمة لدول مجموعة الآسيان، أي رابطة دول جنوب شرق آسيا، وفي سياقها انعقدت قمة دول شرق آسيا . وفي النهاية انعقدت في مدينة بريزبين في أستراليا قمة مجموعة العشرين .

وأوضح؛ أن بكين كانت بين هذه القمم القمة الأهم شكلاً وترتيباً وجوهراً وأثراً في مجمل الحياة السياسية الدولية. ببساطة شديدة كانت هذه القمة جهداً إضافياً ينضم إلى الجهود المبذولة منذ عقدين على الأقل نحو بناء نظام دولي جديد. تهدف هذه الجهود، وآخرها المفاوضات التي حضرت لقمة بكين الثنائية، إلى تحقيق أمرين أساسيين يصعب على المسؤولين في الدولتين التصريح أو الاعتراف بهما، الأمر الأول يتعلق بالتوصل إلى فهم متبادل حول مسألة توزيع المغانم بين قطبي النظام الدولي تحت الإنشاء وتحديد المسؤوليات الدولية الملقاة على عاتقيهما. أما الأمر الثاني فيتعلق بوضع مقاييس لتقدير مستوى "القوة الحقيقية" والنفوذ الدولي لكل طرف من الطرفين الساعيين للمشاركة في قيادة هذا النظام الدولي الجديد. هذان الهدفان ليسا جديدين على العلاقات الدولية..

وأضاف مطر: كانت مثيرة تحركات الطرفين، الصيني والأمريكي، خلال الأيام والساعات السابقة على انعقاد القمة. كان سراً معلناً، أن المسؤولين في الدولتين قد استعدا على امتداد شهور عدة، وربما سنوات، لمفاوضات تسبق هذه القمة تحديداً، يتوصل بعدها الرئيسان إلى اتفاقات والتزامات، بعضها صريح وحاسم، والبعض الآخر يلتزمه الطرفان ضمنياً بخطوطه العريضة . كان المتوقع بطبيعة الحال أن يتفاوض الطرفان مستندين إلى حسابات الأوضاع القائمة وقتذاك. لم يضع المفاوضون في كلا البلدين في حسابهما احتمال وقوع أحداث أو تطورات تغير ولو نسبياً من وزن طرف من طرفي المفاوضات.

وتابع الكاتب: تشير مراقبة أداء القطبين الأمريكي والصيني في السنة الأخيرة إلى تفاوت في النظرة الاستراتيجية إلى مسيرة المفاوضات الصينية الأمريكية. من الطبيعي أن يكون هدف أمريكا في هذه المفاوضات إقناع الصين، أو إجبارها، على الاعتراف بأن لأمريكا حقوق هيمنة على الإقليم موروثة من عصر الاستعمار الغربي، تدعمها في هذا الصدد دول أوروبا بما فيها ألمانيا. ومن السذاجة تصور أن المفاوض الأمريكي لا يضع في حسابه حقيقة أن الصين، وآسيا برمتها، تدرك أن أمريكا لم تعد القطب الأوحد بلا منازع. أما المفاوض الصيني، فمن المنطقي أيضاً أن يضع هدفاً له التعجيل بالحصول على اقتناع أمريكا بأن مستقبل العلاقات الثنائية والنظام الدولي ستقرره مفاوضات صينية أمريكية قاعدتها "اعتراف أمريكا بوجود صراع دائر منذ فترة بين دولة عظمى صاعدة ودولة عظمى منحدرة" .

وأردف الكاتب: يأخذ هذا الصراع في واقع الأمر شكل سباق الطرفين لتوسيع نفوذهما الإقليمي في آسيا، إذ بينما تسعى أمريكا لعقد اتفاقية "شراكة عبر الباسيفيك" مع الدول المطلة على الباسيفيكي وتستبعد منها الصين، تسعى الصين من ناحية أخرى ولكن في الوقت نفسه لعقد اتفاقية تجارة حرة باسيفيكية آسيوية. وقد تعهدت الصين بالفعل إلى دول الإقليم الانتهاء من تقديم مشروعها النهائي خلال عامين.. بمعنى آخر تبدو الصين مطمئنة إلى أن الدولة العظمى المنحدرة اقتصادياً سوف يستحيل عليها استبعاد الصين من تكتل إقليمي متزايد الاعتماد على التجارة الصينية .

تقدم الصين مشروعها للقيادة في آسيا تحت عنوان الحلم الصيني لمنطقة الباسيفيكي وآسيا، وجوهره إقامة "مصرف دولي" للتنمية الاقتصادية، كنموذج أول على قدرة العالم غير الغربي على إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد. تقدمه أيضاً تحت عنوان "طريقان للحرير"، طريق تنمية ومشروعات مشتركة وتجارة متدفقة يمر عبر وسط آسيا وينتهي في أوروبا وطريق آخر بالمواصفات نفسها يمر بجنوب آسيا فإفريقيا ثم يتجه شمالاً إلى أوروبا. وفي النهاية يصب الطريقان في مدينة البندقية الإيطالية. هذان الطريقان هما الرمز الأشد وضوحاً وصراحة على الآفاق الواسعة والمساحات المترامية والقوة الكبيرة التي عرفت بها إمبراطوريات الصين قبل وصول الاستعمار الغربي.

وختم مطر: هناك في بريزبين بأستراليا انعقدت قمة العشرين ختاماً لسلسلة القمم الدولية العديدة التي اجتمعت خلال أسبوع واحد. أستطيع، بعد قراءة بياناتها وتصريحات المشاركين فيها وتعليقات المعلقين، أن أقرر باطمئنان أن أوروبا اعترفت ضمناً بأن السباق في آسيا جرى بالفعل حسمه لصالح الصين، ولم يبق للغرب إلا أن يصفي حساباته مع روسيا، المتمرد الجديد على هيمنة الدول الغربية، والداعم القوي للصين، حتى الآن على الأقل، في سباقها مع أمريكا وجهودها في مجال إقامة نظام دولي جديد، نظام يكون الغرب فيه مجرد شريك، ولا أكثر.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.