تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل روسيا.. في خطر.. أم تحت الضغط؟

            اعتبر محمد خروب  في الرأي الأردنية أنّ ذهاب سيرغي لافروف حد القول بأن الغرب أثبت بما «لا يقبل الشك» أنه لا يسعى الى إرغام روسيا على تغيير سياساتها، بل يريد التوصل الى تغيير النظام، مستطرداً: ان هناك من ينادي بتدمير الاقتصاد الروسي والتسبب في اندلاع احتجاجات شعبية. فهذا يعني ان موسكو توجه اتهاماً صريحاً للغرب بالتآمر عليها، ما يسوّغ لها اتخاذ إجراءات مضادة - أو مماثلة - لدرء خطر اندلاع ثورة شعبية فيها على غرار ما حدث في «الربيع العربي» وهو ما أشار إليه في وضوح الرئيس بوتين عندما قال: إن حكومته ستتخذ كل الإجراءات الكفيلة بعدم اندلاع ثورات كهذه... حديث المؤامرة الغربية إذاً، يعلو ويتصاعد وليس ثمة مؤشرات بأن تهدئة في طريقها إلى الحدوث على هذا الصعيد.

وأضاف الكاتب: الهوة آخذة في الاتساع بين الغرب الامبريالي وموسكو، التي تلقت مساندة لافتة من الصين عندما صرح أحد قادتها بأن العالم اجمع يدرك طبيعة العلاقات التاريخية والجغرافية التي تربط روسيا بشبه جزيرة القرم «الروسية» أيضا، ولهذا يبدو ان المواجهة آخذة في الاتساع والتمدد (الجغرافي) على النحو الذي يمكن رصده في الاتهامات اللاذعة والمباشرة التي وجهها لافروف-أمام المنتدى نفسه-لواشنطن بانها تسعى بعيداً عن الاضواء لاطاحة الرئيس الاسد.

إذا ما أضفنا الى ذلك، وصف لافروف رفض واشنطن الحوار مع النظام السوري بأنه «منطق منحرف» وبخاصة انها تصل الى اقصى درجات البراغماتية في مسائل اخرى، عندما تتفاوض مع حركة طالبان مثلاً، فيما تتشدد مع النظام السوري، محمولاً على «نتائج» زيارة بايدن لتركيا وادعاء اردوغان بانه «ممتن» للتقارب الذي حصل مع الادارة الاميركية في الموقف من الارهاب والنظام السوري، فإننا نكون أمام متغيرات مقبلة، قد تكون عاصفة ومفتوحة، الأمر الذي يزيد من احتمالات ان تتميز بالسخونة وربما الانزلاق الى ما هو اخطر من ذلك..

فالأزمة الاوكرانية توشك أن تصل الى نقطة اللاعودة.. فضلاً عن الهجوم متعدد الاذرع والاتجاهات الذي تقوم به «داعش» على اكثر من مدينة وبلدة عراقية مضافاً اليه انسحاب عناصر جبهة ثوار سوريا بزعامة جمال معروف صنيعة المخابرات التركية والاميركية الى الاراضي التركية، لإعادة تأهيله وزجه ثانية في المعركة باسم «المعارضة المعتدلة» وخوفاً عليه في الاساس من «التصفية» في حال نجاح الجيش السوري في تطهير المنطقة الشرقية من حلب التي يخضع بعض أحيائها لسيطرة الارهابيين. وأوضح الكاتب أنّ روسيا لديها ما يكفي من الوسائل والامكانات والصداقات، لإحباط محاولات اسقاط نظامها من الداخل «ما بالك من الخارج»، لكن أزمتي سوريا والعراق واوكرانيا، هي التي ستكون «ساحات» المواجهة الحقيقية. فأيهما في خطر المشروع الاميركي أم منطق القانون والشرعية الدولية التي تنادي به موسكو؟

واعتبر جميل مطر في مقاله: روسيا تحت الضغط، في الحياة، أنّ مؤتمر بريزبين فرصة لنرى روسيا تتعرض مرة أخرى لضغوط وعقوبات وإهانات، فمنذ أن انتهت الحرب الباردة والحملات الديبلوماسية والإعلامية ضد روسيا لم تتوقف. كان الظن أن نهاية الحرب الباردة تعني أنه لن يأتي يوم نسمع فيه رئيس أميركا يعلن في مؤتمر قمة أنه يعتبر روسيا أحد الأخطار الثلاثة التي تهدد البشرية. الخطران الآخران هما وباء إيبولا وتنظيم «داعش». الغريب في الأمر أنه لم يمر الأسبوع إلا وكان الجنرال ديمبسي رئيس الأركان الأميركي يقف أمام الكونغرس مطالباً بزيادة موازنة الدفاع الأميركية لمواجهة هذه الأخطار الثلاثة التي وفق قوله لم تكن قائمة في العام الماضي عند وضع الموازنة. كان الظن أيضاً أن نهاية الحرب الباردة تعني أن قادة العالم الغربي سوف يراعون حساسية الدولة التي لم تعد «أعظم». لم نتصور أن يوماً سيأتي نرى فيه رؤساء حكومات بريطانيا وكندا وأستراليا وقد راحوا يكيلون الإهانات في لقاءاتهم الثنائية للرئيس بوتين، ويكلفون أجهزة إعلامهم بنشرها على العالم بأسره.

كان واضحاً، خلال قمة أستراليا، أن الغرب جاء بنية إضعاف شعبية الرئيس بوتين داخل روسيا. فعلوها من قبل عشرات المرات على امتداد القرن الماضي مع زعماء كثيرين ودول عديدة وحصلوا على نتائج عكسية. لم يدركوا بعد أن الشعوب تقف مع حكامها حتى على الباطل ضد الخارج. جاءوا أيضاً بنية التأثير في مكانة الرئيس بوتين داخل مجموعة «البريكس» باعتبار أن البرازيل والصين والهند أعضاء في الوقت نفسه في قمة العشرين. هنا أيضاً أخطأوا، فـ «البريكس» كانت تحتفل قبل أيام من انعقاد قمة العشرين بإطلاق أول رمز من رموز نظام اقتصادي عالمي جديد. وهو بنك التنمية الآسيوي المستقل عن البنك الدولي وعن غيره من مؤسسات «بريتون وودز»، رموز النظام الاقتصادي العالمي الراهن الذي دشّنته دول الغرب بعد الحرب العالمية الثانية.

وأوضح الكاتب: تغيير روسيا هدف غربي قديم وطويل الأمد. حانت الفرصة الذهبية لإحداث هذا التغيير خلال سنوات حكم الرئيسين غورباتشوف ويلتسين.... ويكاد يوجد إجماع بين دارسي روسيا في الغرب على أن الكنيسة هي القوة الحقيقية الدافعة للقومية الروسية، التي هي في نظر الغرب أحد أهم عناصر السياسة الخارجية الروسية، والمحدد الأهم لعلاقاتها ببقية دول أوروبا، وبخاصة دول الجوار. ولا شك في أن تفكيك أواصر هذه القومية أو إضعافها كما حدث في ألمانيا واليابان ويحدث حالياً في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، سوف يظل هدفاً غربياً في التعامل مع روسيا.

ويؤكد الكاتب أنّ الكنيسة الأرثوذكسية الروسية صمدت في وجه هذه الحملات، ووجدت في قيادة الرئيس بوتين وشخصيته ونزعته القومية دعماً دفعها إلى العودة إلى التغلغل في المجتمع الروسي ريفاً وحضراً.

أراد الغرب أيضاً تخفيف قبضة الدولة على الاقتصاد الروسي، وقامت قوى دولية كبيرة، مستغلة الفرصة الذهبية التي جسدها عهد الرئيس يلتسين، بتشجيع «مغامرين» روس وبخاصة من اليهود على شراء القلاع الاقتصادية الكبرى من الحكومة.... أذكر كذلك الحملات الإعلامية الخارجية ومن جانب الإعلام الجديد الخاضع للقطاع الخاص ضد رموز وتقاليد وأعراف روسية موروثة، والدعوة إلى إخلاء الكرملين من مكاتب الحكومة وتحويله إلى متحف، باعتبار أن الكرملين نفسه، كمبنى وتقاليد ومغزى، يشجع الساكن فيه على الاستبداد ويذكّر بالتقاليد الإمبراطورية.

وأوجز الكاتب: أثبت سلوك ساسة الغرب في قمة بريزبين أن نظرتهم إلى روسيا لم تتغير، وهي نظرة تحتوي على شيء من التعالي العرقي والمذهبي موروث من قرون عديدة سابقة. أثبت أيضاً عمق الأزمة الداخلية في الاتحاد الأوروبي وتدنّي مستوى الأداء لدى السياسيين الأوروبيين. أثبت كذلك أن براغماتية ألمانيا قد تكون الأمل الوحيد المتبقي لإنقاذ أوروبا والحرص على أن يكون لها دور في مستقبل تخطط له الصين بدقة وحرص شديدين، وبنضج واضح.

وحذّر الكاتب من أخطار بعضها ظاهر وأكثرها كامن في مرحلة بدأت فعلاً. أحد هذه الأخطار ناجم عن أخطاء كثيرة ترتكبها الدول وبخاصة الدول الكبرى تحت ضغط تداعيات تطوّر دولي عظيم الأهمية. لدينا قطب دوليّ ينحدر بسرعة، تقوده إدارة أميركية منهكة ومتردّدة، ولدينا تكتّل أوروبيّ رخو. وفوضى عارمة في الشرق الأوسط، وقطب دوليّ في أقصى الشرق يصعد بالسرعة نفسها التي ينحدر بها القطب الأميركي. ولدينا روسيا ولها مطالب بدأت بسيطة وممكنة وانتهت صعبة إلى حد تهديد النظام الأوروبي التي تعبت ألمانيا في تشييده والحفاظ عليه. طالبت بتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرات لدخول دول الغرب وبوقف التدخل في شؤونها الداخلية، وبحقها في إبداء رأيها في المشكلات الدولية. هي الآن تطالب بالاعتراف بحقها في استخدام كل الوسائل، بما فيها استخدام العنف، لحماية جوارها القريب كما تعرّفه هي وليس كما يعرّفه الغرب.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.