تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـSNS: المقاومة تكرّس معادلة الردع: «الأمر لي».. البيان الرقم واحد.. وغداً يوم آخر

مصدر الصورة
SNS

       بعد عشرة أيام على هجوم القنيطرة، حسم «حزب الله» سريعاً النقاش حول أين وكيف ومتى سيحصل الردّ، وفرض معادلته الدقيقة: «أكبر من ثأر.. وأقلّ من حرب»، في عملية نوعية مركبة انطوت على تفوق استخباري ولوجستي وعسكري في حيز جغرافي شديد الحساسية والتعقيد. ولعل أهم ما حققته العملية ـــ الإنجاز، أنها أجهضت محاولة اسرائيل تعديل قواعد الاشتباك من خلال هجوم القنيطرة، وأعادت تثبيت معادلة الردع على قاعدة «أن أي اعتداء يتعرّض له محور المقاومة.. سيلقى الرد المناسب».

وأفادت السفير أنه ومنذ اللحظة الاولى لعملية القنيطرة، كان الاسرائيلي يفضل أن يحصل الرد عبر الجولان، لأن من شأن ذلك أن يمنحه هامشاً واسعاً للرد في الداخل السوري، لكن المقاومة باغتت التقدير الإسرائيلي، فاختارت أن توجّه ضربتها في المكان الذي لم يكن مدرجاً، ربما، في أولوية الحسابات الاسرائيلية. كان واضحاً أن انتقاء «المزارع»، هو الى حد ما «الخيار الآمن»، الذي يوفق بين حتمية الردّ وبين الرغبة في عدم التصعيد (الحرب)، إذ إن «المزارع» هي منطقة لبنانية محتلة تقع خارج نطاق القرار 1701، وتملك المقاومة فيها شرعية العمل العسكري قبل عملية الأمس وبعدها.

وإذا كانت إسرائيل قد اختارت وفق مقاييسها المكان والزمان للاعتداء على موكب حزب الله في القنيطرة، متوقعة أن يأتيها الردّ من البقعة الجغرافية ذاتها، فإن حزب الله ارتأى أن يوجّه ضربته المضادة في مزارع شبعا، مكرساً بذلك وحدة جبهة الصراع من الجنوب الى الجولان، واضعاً في حساباته أن الردّ عبر الجولان وما سيليه من تداعيات، قد يؤدي إلى إحراج حليفه السوري المنشغل بمواجهة القوى التكفيرية، وربّما الى تدحرج المنطقة كلها نحو مواجهة واسعة، وهو الأمر الذي لا يريده الحزب، وإن كان مستعداً له لو حصل، بدليل القرار بالردّ، ومن ثم وضعه موضع التنفيذ. وهذه النقطة وغيرها، سيركّز عليها السيد حسن نصرالله في خطابه المقرّر غداً، وربما يتزامن إحياء ذكرى شهداء عملية القنيطرة مع بثّ مقاطع مصورة لعملية شبعا، كما رجّحت بعض الأوساط الاعلامية أمس.

ولئن كانت إسرائيل لم تتجرأ حتى الآن على التبني الرسمي والواضح لغارة القنيطرة، فإن «حزب الله» سارع الى تبني عملية «المزارع» عبر بيان حمل الرقم واحد في رسالة ضمنية بأن أي ردّ اسرائيلي سيرتب رداً سريعاً من المقاومة. وتعاملت وسائل الإعلام الإسرائيلية مع الردّ على أنه تعبير عن إخفاق استخباري وعملياتي من الدرجة الأولى، خصوصاً أنه تمّ في ظل حالة التأهب القصوى المعلنة منذ أيام على طول الحدود الشمالية من الناقورة الى الجولان، لكن هذا الإخفاق أظهر من ناحية أخرى المعضلة السياسية التي وجدت إسرائيل نفسها فيها إثر دخولها شرك التصعيد مع حزب الله بعد عملية القنيطرة: هل تصعّد ميدانياً أم تتجنّب الصدام الواسع؟

ومن الواضح، أن السلوك الاسرائيلي أعطى انطباعاً بأن العدو قرر أن «يبتلع» الضربة، وألا يذهب بعيداً في ردة فعله، برغم التصريحات مرتفعة النبرة التي أدلى بها بنيامين نتنياهو، غير القادر على خوض مغامرة واسعة على تخوم الانتخابات، ومن دون وجود ضوء أخضر أميركي.

وفي سياق احتواء الموقف، تواصلت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ وقيادة «اليونيفيل» مع حزب الله، أمس، من زاوية الدعوة الى التهدئة وضبط النفس، وتبلّغ الجيش اللبناني من القوات الدولية رسالة، نقلاً عن الجانب الإسرائيلي، مفادها بأن عمليات القصف انتهت وأن بإمكان جنود «اليونيفيل» الخروج من الملاجئ.

وسُجل أيضاً تنسيق بين حزب الله وقيادة الجيش، في ظل ارتياح للموقف الرسمي اللبناني الذي عبّر عنه رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل الذي أجرى اتصالات دولية وإقليمية صبّت كلها في خانة تأكيد الحق اللبناني. وتلقى حزب الله أمس سيلاً من برقيات التهنئة والدعم من أوساط عربية متعددة، لاسيما فلسطينية على اختلاف مشاربها، ومن ضمنها قيادتا «فتح» و «حماس».

وقائع العملية: كيف حصلت وما هي مقدّماتها؟ هي عملية نظيفة ونوعية بامتياز، وتنطوي على مزيج من عناصر الابتكار والخبرة والقدرة والمباغتة والشجاعة. وبرغم أن العدو كان ينتظر الردّ منذ اعتداء القنيطرة، إلا أن «الفضيحة» التي أصيب بشظاياها ولا تقل وطأتها عن صواريخ «كورنيت»، هي أن المقاومة تحكّمت بمسرح العملية، محتفظة لنفسها بزمام المبادرة منذ إطلاق الصاروخ الأول على القافلة المعادية وحتى لحظة الانسحاب.

وأوضحت السفير أنه وبعد جريمة القنيطرة، حصل نقاش واسع داخل قيادة المقاومة للخيارات المضادّة، بالتشاور مع طهران ودمشق، وتقرّر الردّ عبر مزارع شبعا، بأسرع وقت ممكن، لمنع إسرائيل من استثمار مفاعيل غارة القنيطرة بتغيير قواعد الاشتباك، ومحاولة فرض أمر واقع جديد على خط الجبهة الممتدّ من الجنوب الى الجولان.

كُلّفت المجموعات العسكرية المعنية في المقاومة بتفعيل الرصد في المزارع، لتحديد الهدف الذي سيُضرب وزمان التنفيذ ومكانه، وتم تأجيل إطلالة السيد حسن نصرالله الإعلامية حتى الجمعة، لإفساح المجال أمام المقاومة لتُنجز مهمتها. كان «السيد» قد حسم الأمر: الردّ قبل الخطاب، وليس العكس، «وهذه دفعة أولى في الحساب المفتوح بيننا وبين الإسرائيلي». وضعت قيادة المقاومة الخطة وباشرت مجموعات النخبة بتنفيذها.. أساساً، تخضع كل همسة وحركة في المزارع المحتلة لمراقبة المقاومة التي بقيت حاضرة ومستيقظة على طول الحدود مع العدو، برغم انشغالاتها في الساحات الاخرى.

ومع اكتمال صورة المعطيات الميدانية لدى المقاومة، صدر قرار التنفيذ. بدأ الفصل التمهيدي للعملية أمس الاول، حين تم إطلاق صاروخين على الجولان المحتلّ، بغية استقطاب اهتمام العدو وأنظاره الى تلك المنطقة، في معرض التمويه والإلهاء، وجاءت ردة الفعل الاسرائيلية على الصورة التي توقعتها المقاومة. في هذه الأثناء، كانت مجموعة «شهداء القنيطرة» تمضي ليلتها في موقع أمامي في المزارع المحتلة ضمن منطقة جغرافية معقدة وغير مكشوفة، تنتظر مرور الهدف، وهي مزوّدة بأسلحة نوعية قادرة على إيصال الرسالة ببلاغة، بعدما نجحت في تجاوز أجهزة الرصد والمراقبة لدى العدو، واختراق إجراءاته الاحترازية المتخذة منذ أيام في ظل استنفار عسكري واسع النطاق.

قبل ظهر امس، مرّت القافلة العسكرية الاسرائيلية التي كانت تضم في عدادها ضابطاً برتبة رائد وضابط صف وعشرة عناصر. وعندما أصبحت القافلة في مرمى عناصر الكمين، تم استهدافها في وضح النهار بستة صواريخ متطورة من نوع «كورنيت» تنتمي الى الجيل الرابع، وهو الأحدث. اصيبت كل الآليات المعادية بشكل مباشر، في وقت واحد تقريباً، بحيث لم يُعط الجنود والضباط الذين كانوا يستقلونها فرصة للرد وخوض مواجهة مع المهاجمين، وهذا ما يفسر أن العملية كانت عبارة عن ضربة في اتجاه واحد، ولم تتخذ طابع الاشتباك. أنجزت مجموعة المقاومين مهمتها بنجاح، وانسحبت بسلاسة وانسيابية، عائدة إلى مواقعها في العمق اللبناني، من دون تسجيل أي إصابة في صفوفها.

أما الإصابات الاسرائيلية، فإن مشهد الآليات المحترقة والمدمرة الى حد ذوبان بعض هياكلها، يوحي بان عددها أكبر بكثير من ذاك الذي اعترفت به اسرائيل (قتيلان أحدهما ضابط، وسبعة جرحى). وقد عمل سلاح المدفعية والمجموعة الصاروخية التابعان للمقاومة على تغطية انسحاب القوة المهاجمة، من خلال قصف بالهاون طاول مواقع العدو في السماقة والعلم ورمثا والعباسية والغجر. وفي أعقاب ذلك، بدأت المدفعية الإسرائيلية بقصف واسع طاول بشكل خاص العباسية حيث مواقع الكتيبة الإسبانية العاملة ضمن «اليونيفيل» ما ادى الى اصابة جندي اسباني بجراح خطرة توفي إثرها، وقد احصي سقوط حوالي 150 الى 200 قذيفة اسرائيلية.

الحَرَج الإسرائيلي:

ورجّحت السفير أنّ العملية النوعية في مزارع شبعا ستضع إسرائيل أمام أسئلة صعبة من نوع: كيف تمكنت المقاومة من تحقيق هذا الاختراق للمزارع المحتلة في وضح النهار، برغم أن الرد كان متوقعاً؟ كيف نفّذت المجموعة عمليتها؟ ثم كيف انسحب المهاجمون بهذه الأريحية من دون أن يواجهوا أي صعوبة؟ ولماذا لم يكن الموكب الاسرائيلي مصفحاً، مع أن منسوب المخاطر كان مرتفعاً؟ ولماذا تأخرت طواقم الإنقاذ بالوصول الى المكان؟

واعتبرت السفير أنه وبمعزل عن طبيعة الإجابات الاسرائيلية، فإن ضربة الامس تؤشر الى إخفاق استخباري - عسكري لإسرائيل، والى انجاز للمقاومة من الوزن النوعي الذي سيعيد التوازن الى كفتي ميزان الصراع، وذلك بعنوان «الأمر لي». فالعملية تمت من أرض لبنانية محتلة وضد هدف اسرائيلي على أرض لبنانية محتلة، برغم كل الالتباسات المحيطة بقضية مزارع شبعا.

ونقلت القناة الثانية الاسرائيلية عن بنيامين نتنياهو قوله إن «مَن يقف وراء الهجوم اليوم سيدفع الثمن كاملاً». وكتب موقع القناة الثانية، أنه تم نقل رسائل بين إسرائيل وحزب الله بواسطة الامم المتحدة، مفادها ان الجولة الحالية انتهت وأن لا نية للطرفين في تصعيد الوضع.. وأبلغ سفير اسرائيل في الامم المتحدة، مجلس الأمن ان اسرائيل تحتفظ لنفسها بحق الدفاع عن نفسها في اعقاب الهجوم «وسنتخذ جميع الوسائل التي بحوزتنا ولن نقف جانباً في الوقت الذي يهاجم فيه تنظيم إرهابي إسرائيليين».

وصدّرت الأخبار صفحتها الأولى بعنوان: البيان الرقم واحد.. وغداً يوم آخر. وتحت عنوان: المقاومة تعطي جوابها حول قواعد الاشتباك، لفت ابراهيم الأمين في افتتاحية الصحيفة إلى أنه لم تمض ساعات على عدوان القنيطرة، حتى ساد استنفار كامل على جانبي الحدود. في لبنان وسوريا، أطلقت المقاومة الإسلامية صافرة الإنذار، ودخلت كل وحداتها في برنامج استنفار متدرج، وصل ذروته في الساعات الـ 48 الماضية، مع شروع وحدات الحزب، المدنية والعسكرية، في تنفيذ خطة طوارئ تفرض إخلاء غالبية المراكز وإقفال المعسكرات وتعديل آليات التواصل وحجز كل عناصر المقاومة على مختلف المستويات. ترافق ذلك مع بدء البحث العملاني في الوحدات المعنية حول كيفية التعامل مع الاعتداء. كان واضحاً من الإجراءات، ومن صمت قيادة الحزب، ثم من خطاب نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، أن قرار الردّ اتُّخذ. وعندما بلغت الإجراءات الاحترازية ذروتها، فهم الجميع: نحن أمام احتمال اندلاع مواجهة كبيرة.

قيادات العدو، العسكرية والأمنية، دخلت في برنامج عملاني أيضاً... وعلى الجانبين، سادت قناعة بأن الردّ حتمي. لكن الجميع دخل في نفق الأسئلة الصعبة: ما هي طبيعة الرد؟ كيف سيحصل؟ أين؟ ومتى؟ أما الخلاصة الرئيسية من المداولات الإسرائيلية حتى ليل أمس، تقول إن إسرائيل ستحاول القيام بعمل، ولكن ضمن سياق يأخذ بالاعتبار الحقائق الآتية: أولاً: أي قرار بالتصعيد يجب أن يحظى بتغطية سياسية عامة داخل الكيان وخارجه، وخصوصاً من جانب الولايات المتحدة. ثانياً: ويجب أن يأخذ في الاعتبار رسالة حزب الله الواضحة بأنه مستعد للذهاب بعيداً في معركة تثبيت قواعد الاشتباك الجديدة. ثالثاً: ويجب أن يأخذ بعين الاعتبار رزمة من المصالح الداخلية والإقليمية والدولية التي تتطلب مشاورات إلزامية مع الحلفاء والأصدقاء.

عملياً، عندما تلجأ الجيوش إلى توسيع دائرة المشاورات، وتأخذ وقتها في دراسة الردّ، فإن النتيجة الفعلية هي أن إسرائيل ليست مستعدة تماماً. وهذا يعزز الاعتقاد الذي برز يوم نفذت جريمة القنيطرة، بأن العدو لم يكن جاهزاً تماماً للخطوة التالية. وهذا يعني، باختصار، أن هدف عملية القنيطرة السياسي والأمني والميداني سقط!

تعلّم العدو، أمس، تعلم درساً جديداً في مسار تعليمي طويل، ومفاده أن المقاومة تصرفت بوصفها جزءاً من محور منخرط في معركة واسعة. وهي، بردّها على العدوان، دخلت عملياً في المرحلة الجديدة من الصراع. مرحلة لم تبدأ قبل عشرة أيام، بل منذ وقت طويل. وبالتالي، المتوقع من جانب العدو أن يتصرف من الآن فصاعداً بطريقة مختلفة.

واعتبر الأمين أنه إذا قرر العدو توسيع المواجهة، فإنه سيكون عليه توقع المزيد من الضربات القاسية بما هو أشدّ من الأمس. وإذا ما تورط في عمليات خاصة داخل سوريا أو لبنان، فعليه انتظار الردّ. وإذا وصل إلى حافة الهاوية، وقرر شنّ حرب برية على حدود الجولان المحتل وليس في جنوب لبنان، فليتوقّع ملاقاة المقاومة هناك. أما ما قد لا يخطر على باله، ويخطر على بالي، أن عشرات الآلاف من عناصر الحرس الثوري الإيراني سينتقلون بكل عتادهم وسلاحهم إلى نقطة المواجهة فوراً!

وتحت عنوان: الرسائل الاستراتيجية لعملية حزب الله، اعتبر سامي كليب في الأخبار أيضاً، أنه في الشكل والنوعية والتوقيت، أثبت حزب الله، مرة جديدة، أنه يعرف متى وكيف يردّ. نحن أمام عملية ناجحة جرت في وضح النهار. وأمام عملية معقّدة رغم مرور وقت قصير جداً على العدوان الاسرائيلي على القنيطرة. فما هي الرسائل؟ أولاً: يريد حزب الله تذكير اسرائيل، مرة جديدة، بأن زمن الاعتداءات من دون ردّ قد ولى منذ زمن بعيد. ثانياً: يريد الحزب تأكيد توازن الرعب. فكل عملية يُردُّ عليها بمثلها أو بأقسى. ثالثاً: يرغب الحزب في التشديد على مسألة استراتيجية مهمة، مفادها أن مشاركة حزب الله في القتال في سورية لم تضعفه، بل على العكس تماماً، زادته قوة بالعتاد والرجال والصواريخ. رابعاً: يريد القول إن جهوزية المقاومة أسرع وأكثر فعالية مما تعتقد اسرائيل، فعملية من هذا النوع سُرِّعت تفاصيلها في الأيام التي أعقبت عملية القنيطرة، ولكنها لا شك ثمرة مراقبة واعداد طويلي الأمد. بمعنى أن لدى المقاومة دائماً خططاً جاهزة للضرب حيث تريد. هي فقط تختار الوقت.

خامساً: وهذا ربما الجديد، والأهم، في الموضوع، أنّ العملية أثبتت تلازم الجبهتين السورية واللبنانية حالياً. لا بل أثبتت أيضاً تلازم جبهة تمتد من فلسطين الى لبنان وسورية وصولاً الى ايران. سادساً: تأتي العملية الناجحة قبيل الانتخابات الاسرائيلية. تريد المقاومة القول إنها باتت قادرة على التأثير في السياسة الداخلية الاسرائيلية. سابعاً: ترد العملية على القائلين إن حزب الله لن يردّ على أي اعتداء حرصاً منه على عدم التأثير في المفاوضات النووية الايرانية ــــ الغربية. لعل مثل هذا الرد السريع والمبرمج، بدقة، يعطي المفاوض الايراني ورقة أقوى، ذلك ان العالم سيتقاطر صوب طهران للمساهمة في التهدئة. ثامناً: مثل هذه العمليات الناجحة تقول لإسرائيل ان سورية خط أحمر، وان التمادي في دعم المسلحين واختراق الحدود لن يبقى من دون رد، لا بل ينذر بتغيير كل المعادلة الحدودية، ويسقط الهدنات المعلنة وغير المعلنة. تاسعاً: أتت العملية بعد تضامن فلسطيني من حماس والجهاد والفصائل الاخرى مع الحزب وايران وسورية في أعقاب الاعتداء الاسرائيلي على القنيطرة. عاشراً: هو يريد أن يقول للداخل اللبناني أن الصراع مع اسرائيل منفصل عن المناخات الاخرى، وإن الحزب يقرر متى وكيف يفتح جبهة، حتى ولو قرّر خرق القرار 1701 الذي يتسلح به لبنانيون كذريعة لسحب سلاح الحزب.

وتابع كليب: لا شك ان حزب الله يشعر اليوم أنه بات اقليمياً ودولياً ومحلياً أكثر قدرة على التحرك. ولا شك أيضاً أن تحسين وضع الجبهة السورية لصالح القيادة السورية الحالية وحلفائها، يساهم في توفير بيئة أفضل لعمليات الحزب. أما السؤال الاستراتيجي الأبرز، الآن، ماذا سيفعل نتنياهو؟ فإن ردّ مجدداً، فهو يُعرِّض المنطقة لتطورات غير محسوبة النتائج، وإن سكت قد يسقط في الانتخابات ويخرج ذليلاً كما خرج قبله أسلافه منذ عام 2006. وختم كليب: لا شك في ان المقاومة، وفق ما قال السيد نصرالله، جاهزة لكل شيء. فأيهما يسبق الآخر: لجم نتنياهو داخلياً ودولياً، أم تغيير قواعد اللعبة الحدودية من لبنان الى سورية؟ أوضاع المنطقة تحتمل الاتجاهين.

وتحت عنوان: "نزوح" معاكس جنوباً... صامدون هنا، أفادت الأخبار أنه وفور الاعلان عن عملية المقاومة في مزارع شبعا، انتشر كثيرون من أبناء مرجعيون وقراها على الطرقات، و"نزح" بعضهم، ولكن هذه المرة في الاتجاه المعاكس، نحو الطرقات الحدودية لالتقاط صور الدخان المتصاعد، قبل أن يبدأ البعض باتخاذ الاحتياطات الخاصة بالحرب، ليس بالنزول الى الملاجئ، غير الموجودة أصلاً، بل بالتوجه الى المحال التجارية ومحطات الوقود تحسباً لأي تطورات، فيما أقفلت المدارس أبوابها بسرعة قبل الظهر.

 أعلام حزب الله ترفع في غزة: الفرحة فرحتنا. وأفادت أنه بصوت المشتاقين إلى انتصارات وعنونت الصحيفة خبراً آخر بالقول: حزب الله، رفع الغزيون رايات الحزب وأصواتهم بالتكبير فرحاً بعملية المقاومة في شبعا. النازحون الذين فقدوا بيوتهم وأبناءهم تقدّموا، إلى جانب السياسيين، ليعبّروا عن ابتهاجهم بالعملية، مقارنين حال الجيش الإسرائيلي في غزة، لو فكّر بحرب على لبنان.

وتحت عنوان: حزب الله رد على ضربة القنيطرة... وماذا بعد؟ نقلت النهار عن وكالة رويترز، أنه وتزامناً مع قيام الجيش الاسرائيلي بأعمال حفر وتنقيب في قرية زرعيت المجاورة للحدود اللبنانية بحثاً عن أنفاق لحزب الله، اشتعلت المنطقة الحدودية برد الحزب على عملية القنيطرة، إذ تبنى تدمير عدد من الآليات في موكب عسكري اسرائيلي، وذلك بعد ساعات من غارات جوية اسرائيلية على أهداف للنظام السوري في الجولان، مما يطرح تساؤلات بشأن تحول الجولان جبهة ثانية مرتبطة بجنوب لبنان.

وأبرزت الحياة: «حزب الله» يثأر لعملية القنيطرة في مزارع شبعا. وذكرت أنّ  حزب الله ثأر من إسرائيل لعملية القنيطرة بتنفيذ عملية ضد موكب إسرائيلي في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، أدت الى مقتل جنديين اسرائيليين أحدهما ضابط، وجرح 7 آخرين، في تطوّر كرّس مرحلة جديدة من المواجهة بين إسرائيل من جهة وإيران وحزب الله من جهة ثانية، بعد الغارة الإسرائيلية على موكب للحزب في منطقة الجولان السورية في 18 الجاري، أدت الى مقتل 6 من عناصر الحزب بينهم قياديان، وضابط للحرس الثوري الإيراني برتبة عميد. وفيما جاء رد حزب الله ليؤكد تحول الجولان والمناطق السورية المحاذية له والجنوب اللبناني الى جبهة موحدة في هذه المواجهة، فإن شبح الحرب خيّم على هاتين الجبهتين أمس، ما أطلق مروحة اتصالات دولية مكثفة لتفادي محاذير انفلات الأمور وآثارها التدميرية على جانبي الحدود، لا سيما على لبنان، خصوصاً أن المدفعية الإسرائيلية قصفت عدداً من القرى الحدودية اللبنانية بعد العملية لتتوقف زهاء الثانية والنصف بعد الظهر. ودان مسؤول في الخارجية الأميركية ما وصفه بـ «اعتداء حزب الله على قوات إسرائيلية»، معتبراً أنه خرق للقرار 1701، وانتقد «تحريض حزب الله على العنف... ووجوده في سورية وانتهاك ما اتفقت عليه القيادات اللبنانية بالنأي بالنفس...». وتفاوتت ردود الفعل اللبنانية بين تأييد العملية من حلفاء الحزب وانتقادها من خصومه.

ورأت افتتاحية القدس العربي أنّ العملية في مزارع شبعا، جاءت بشكل مدروس لا يؤدي لتفجير الوضع، ولا تجر اسرائيل لحرب في وقت غير مناسب للحزب المنهمك في الجبهة السورية، ويبدو أن هذه العملية تستدرج اسرائيل لحرب استنزاف في الاراضي المحتلة في جنوب لبنان وفي هضبة الجولان، وهذا ما اتفق عليه العديد من العسكريين الاسرائيليين.. هذا التصعيد، وكما يستخدمه نتنياهو قبل اسابيع من الانتخابات، هو كذلك فرصة لحزب الله، لتذكير اسرائيل بقدراته، وبالتالي استعادة شعبيته التي خسر الكثير منها عندما تورط بالحرب في سوريا.

بالمقابل، لفت عريب الرنتاوي في الدستور الأردنية إلى أنّ صحف ومحطات تلفزة عديدة، شهدت خلال الأيام الفائتة، حفلة “شماتة” بالحزب وقيادته، دارت في جُلّها حول نقطة واحدة: أين الرد يا نصر الله، أين الانتقام يا حزب الله؟ ها هو حزب الله يرد، وفي مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وبضربة مؤلمة للعسكرية الإسرائيلية، فما الذي سيقوله هؤلاء اليوم وغداً؟

لا شك أن التدقيق في عمليتي القنيطرة ومزارع شبعا، يكشف عن أن الطرفين يتبادلان الرسائل بالنار، ويتفاوضان بلغة الصواريخ والطائرات... وبحسابات الربح والخسائر، أقله حتى هذه اللحظة من لحظات التصعيد المتبادل، يبدو أن حزب الله يتصدر قائمة الرابحين.. أما إسرائيل فلا شك أنها في وضع المحرج بسبب الخسائر الجسيمة جنودها وضباطها، ولأتها باتت تدرك الآن، أنها لا تتمتع بيدين طليقتين، وأن ثمة حدوداً لغطرستها العسكرية وإحساسها بالتفوق.

أما خصوم حزب الله المحليين (في لبنان) وفي بعض دول المنطقة، فلا شك، أنهم يستشعرون الكثير من الحرج اليوم، سيما أن الانتقال من موقع “الشماتة والسخرية” إلى موقع الاتهام بالتوريط والتفريط بمصالح البلاد وأرواح العباد، سيحتاج إلى “بهلوانات” وليس إلى “محللين سياسيين” ذوي صدقية.

وتساءل محمد خروب في الرأي الأردنية: ماذا بعد البيان رقم «1»، هل يُكرّر نتنياهو.. حماقاته؟ وأوضح: موكب مقابل موكب، هكذا بدت المعادلة يوم أمس... المشهد اختلف الآن، ولم تعد ثمة محظورات أو خطوط حمراء، فالحزب تبنّى العملية صراحة، ولم يقل أنها رد على استهداف كوادره في القنيطرة وانتهى الأمر، بل ترك المواجهة مفتوحة وأبدى استعداده لمواجهة كافة الخيارات عندما وصف البيان بأنه الرقم «ا».. يبدو ان نتنياهو هو المرتبك، والذي يظهر كمن أطلق النار على قدميه... نتنياهو اقترب من الوضع الذي كان عليه شمعون بيريز بعد اغتيال رابين، فقام بتبكير موعد الانتخابات، وغامر بحرب على لبنان (عناقيد الغضب) انتهت بمجزرة قانا فخسر بيريز لصالح نتنياهو.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.